قانونيون يرجحون فرضية التأجيل لعدم توفر الشروط تتجه أنظار الطبقة السياسية إلى المجلس الدستوري، حيث سيتم في غضون الأيام القليلة المقبلة حسم الجدل الخاص بأجراء الانتخابات الرئاسية المقررة في 4 جولية من عدمه، وقبل الإعلان عن فتوى هيئة كمال فنيش، بخصوص المرشحين الذين أودعا ملفهما رسميا، يراهن المختصون على أن السيناريو الأرجح هو أن يعلن المجلس الدستوري إذا لم تتوفر الظروف الملائمة تأجيل الرئاسيات. ورأى العديد من الخبراء والمراقبين، أن المرشحين الى الانتخابات الرئاسية المقررة في الرابع من جويلية لا يملكان أي حظوظ في قبول ملفيهما، ما سيؤدي إلى تأجيل الانتخابات مرة أخرى. وأعلن المجلس الدستوري، أعلى هيئة قضائية تملك سلطة الفصل في ملفات المرشحين، الخميس، أنه استلم ملفي عبد الحكيم حمادي وحميد طواهري، غير المعروفين من الرأي العام. وقد سبق لحمادي أن ظهر أمام وسائل الاعلام عند تقديم ملفه الى انتخابات 18 أفريل الملغاة. وبحسب هؤلاء، فإن حظوظ حصول عبد الحكيم حمادي وحميد طواهري على موافقة المجلس الدستوري ضئيلة. وبحسب القانون، لدى المجلس الدستوري مهلة عشرة أيام لإعلان قراره بخصوص مطابقة الملفين شروط الترشح، وخصوصا شرط حصول المرشح على توقيعات 60 ألف ناخب أو 600 عضو من مختلف المجالس المنتخبة. وسبق لعبد الحكيم حمادي أن قدم ملفا للترشح في انتخابات 2014 إلى جانب 12 آخرين منهم بوتفليقة، إلا ان ملفه لم يقبل، كما قدم ملفا في الانتخابات التي كانت مقررة في 18 افريل. وسبق لحميد طواهري الترشح في 2017 الى الانتخابات البلدية في منطقته العطاف بولاية عين الدفلى، إلا انه لم ينجح. وألغى عبد العزيز بوتفليقة في 11 مارس قبل أسابيع من استقالته، الانتخابات ممددا ولايته الرئاسية بعد رفض الشارع ترشحه الى عهدة خامسة، لكن الجزائريين رفضوا تمديد الأمر الواقع وتمسكوا بطلب تنحيه، ما دفعه الى الاستقالة في الثاني من أفريل وحدد رئيس الدولة عبد القادر بن صالح، موعدا جديدا للانتخابات الرئاسية. لكن الجزائريين الذين يواصلون احتجاجاتهم منذ 22 فيفري، يرفضون إجراء انتخابات قبل رحيل كل وجوه النظام السابق، ويطالبون بإنشاء هيئات قادرة على ضمان انتخابات حرة وعادلة. إلغاء لعدم توفر الشروط وأمام هذا الواقع، يؤكد رئيس المنتدى العالمي للوسطية، أبو جرة سلطاني، أنه من المرجح أن يعلن المجلس الدستوري، خلال الأيام القادمة، وقبل انتهاء المهلة القانونية للفصل في ملفات المترشحين، عن إلغاء الانتخابات الرئاسية المقررة في ال4 جويلية القادم لعدم توفر الشروط الضرورية، وعلى رأسها عدد المترشحين للرئاسيات. وقال أبو جرة سلطاني، في تصريحات إذاعية: إن استحالة اجراء الانتخابات في موعدها أصبحت قائمة، وانه لا يوجد من بين المترشحين من يملك أن يستمر في السباق، وعلينا تحديد موعد آخر ليقوم رئيس الدولة باستدعاء الهيئة الناخبة للمرة الثانية . وأوضح رئيس المنتدى العالمي للوسطية، أن الجزائر تعيش مرحلة استثنائية تستدعي حلولا سياسية مرفوقة بضوابط دستورية، أي المزج بين الحل الدستوري والسياسي للخروج من الأزمة التي تعيشها البلاد. كما شدد أبو جرة سلطاني على أنه من الضروري فتح باب الحوار أمام كل الأطراف، سواء ممثلي الحراك الشعبي والطبقة السياسية والنخب والمجتمع المدني والنقابات لوضع خارطة طريق حول مرحلة ما بعد الانتخابات الرئاسية وبحث سبل تنصيب الهيئة الوطنية لتنظيم ومراقبة الانتخابات. أما الخبير في مجال القانون الدستوري، حسن تواتي، فيرجح بدوره سيناريو تأجيل الانتخابات بعدما توقع عدم استيفاء الشروط اللازمة للمرشحين الوحيدين اللذين تم الاعلان عنهما، واللذين سيدرس المجلس الدستوري ملفيهما في غضون عشرة أيام. وعن حلول المرحلة المقبلة، أكد الخبير الدستوري، حسن تواتي، في تصريحات إذاعية، انها ستكون في اطار الدستور الجزائري الذي ضمن بعض المواد التي يمكن من خلالها الانتقال من هذه المرحلة عن طريق المجلس الدستوري الذي هو حل في حد ذاته، لانه الضامن الوحيد لاستمرارية الدولة، فوفقا للمادة 181 والمادة 103 فان رئيس الدولة والمجلس الدستوري هما الضمان لاستمرارية الدولة، وفي هذه الحالة على المجلس الدستوري الاعلان عن تاجيل الانتخابات لمدة شهرين عن طريق آلية اصدار ميثاق يكون مصاحب لتلك المرحلة، وستكون في مرحلة انتقالية دستورية. هذا وأكد الخبير في مجال القانون الدستوري، حسن تواتي، ان الحراك الشعبي في الجزائر أثر بشكل كبير على عزوف اغلب المرشحين لرئاسيات 2019 عن ايداع ملفاتهم لدى المجلس الدستوري. وجوب الذهاب لتطبيق المادة 7 و8 بدوره، اعتبر أستاذ القانون الدستوري بجامعة بجاية، الدكتور أحمد بطاطاش، أن الجزائر مقبلة على فراغ دستوري، بسبب توجه المجلس الدستوري نحو إلغاء تنظيم الانتخابات التي كانت مقررة للرابع جويلية القادم للاحتمال الكبير بعدم وجود مترشحين مقبولين، مما يحيل المجلس، حسبه، إلى ضرورة إصدار فتوى دستورية بطلب من رئيس الدولة تقضي بالذهاب إلى تطبيق المادة 7 و8 من الدستور، وبالتالي الدخول في مرحلة انتقالية تنتهي بتنظيم انتخابات رئاسية بعد توفر الشروط المناسبة لذلك، مستبعدا في سياق متصل أن تقل فترة هذه المرحلة عن السنة، تقديرا منه بأن السلطة الفعلية لن تغامر بانتخابات رفضها الحراك للمرة الثالثة على التوالي.