أحرزت المفاوضات التي جمعت بين طرفي الازمة الليبية بموسكو للتوقيع على وثيقة وقف إطلاق النار، تقدما يمضي نحو ترسيخ الهدنة التي دخلت حيز التنفيذ بفضل الجهود الفاعلة للدبلوماسية الجزائرية، وذلك عشية انعقاد مؤتمر برلين حول ليبيا تحت مظلة الاممالمتحدة. وما تزال الجهود الدبلوماسية متواصلة من اجل تجسيد وقف اطلاق النار نهائي في ليبيا واستئناف مسار التسوية السياسية، وهي مساعي لعبت فيها الجزائر دورا محوريا، باستضافتها لوفود عدة أطراف فاعلة في الملف الليبي. المفاوضات التي احتضنتها موسكو، وقع خلالها وفد حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا على وثيقة الاتفاق، في حين طلب المشير خليفة حفتر مزيدا من الوقت لبحث الوثيقة، مبديا بعض التحفظات على بعض بنود الاتفاق، الا انه يرى هذه الوثيقة بشكل ايجابي، حسب ما اكده وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف. وحسب مصادر ليبية مقربة من المفاوضات، فان أغلب النقاط متفق عليها، ويوضح في هذا السياق وزير خارجية حكومة الوفاق الليبية، محمد الطاهر سيالة، ان المشير حفتر طلب مهلة لدراسة مسودة الاتفاق. من جهتها، أعلنت وزارة الخارجية الروسية أن موسكو، ستواصل العمل مع طرفي الصراع في ليبيا من أجل التوصل إلى تسوية في ليبيا، وسيتم مناقشة وثيقة تسمح بتجسيد المسائل المرتبطة بالهدنة. وبدورها، جددت الأممالمتحدة دعوتها إلى إيجاد آلية مراقبة محايدة لوقف إطلاق النار المستمر في ليبيا، وقالت إنها تعتبر اجتماع موسكو حول ليبيا خطوة إيجابية . وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، استيفان دوغريك، إن المنظمة الدولية لم تشارك في محادثات موسكو بشأن الأزمة الليبية، لكنها تابعت المحادثات عن كثب، مضيفا: نعتبر ذلك خطوة إيجابية، ويحدونا الأمل أن يؤدي ذلك إلى إنجاح مؤتمر برلين المقبل . وتنص مسودة الاتفاق بين الأطراف الليبية، على أن تلتزم الأطراف بوقف إطلاق النار دون شروط مسبقة، وأن تعمل على استقرار الوضع في طرابلس والمدن الأخرى . كما جاء في المسودة، أن الجانبين الليبيين اتفقا على تشكيل لجنة عسكرية لتحديد خط اتصال ومراقبة وقف إطلاق النار. جهود فاعلة للدبلوماسية الجزائرية ويندرج دخول وقف اطلاق النار حيز التنفيذ في ليبيا في ظل الانزال الدبلوماسي الذي عرفته مؤخرا الجزائر باستضافتها لسلسلة من المشاورات مع أهم الفاعلين في الأزمة الليبية، عشية انعقاد مؤتمر برلين حول ليبيا يوم 19 جانفي الجاري برعاية الاممالمتحدة. وكانت الجزائر قد دعت المجتمع الدولي، وخصوصاً مجلس الأمن الاممي، إلى فرض الوقف الفوري لإطلاق النار في ليبيا، عقب زيارة رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية فايز السراج إلى الجزائر الاسبوع الماضي. وفي إطار دور الجزائر الفاعل في الملف الليبي، تلقى رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، مساء الاثنين، مكالمة هاتفية وجهت المستشارة الألمانية، انجيلا ميركل، من خلالها اليه الدعوة للمشاركة في المؤتمر الدولي حول ليبيا المقرر يوم الأحد القادم في مدينة برلين برعاية الاممالمتحدة، وقبلها الرئيس تبون، حسب اكده بيان للرئاسة. وحرصا منها على البقاء على مسافة متساوية من طرفي النزاع، دعت الجزائر جميع الاطراف الليبية من أجل العودة إلى مسار الحوار الشامل للتوصل إلى حل سياسي سلمي يضمن سيادة ووحدة الشعب، ويضع حدا للأزمة. وتؤكد الجزائر بأنها ستواصل جهودها للوصول إلى حل سياسي سلمي يضمن وحدة الشعب الليبي وسيادته في كنف الأمن والاستقرار، مرحبة بوقف إطلاق النار في ليبيا، ودعت كافة المكونات الليبية إلى الالتزام به. ومن هذا المنظور، أكد الاستاذ في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، محمد سليم حمادي، أن دور الجزائر ظهر جليا في الرسالة القوية التي وجهتها لكل الاطراف الفاعلة في الازمة وتأكيدها على ان العاصمة الليبية طرابلس تعتبر خطاً أحمر، وكذا دعوتها لممارسة الضغط لوقف اطلاق النار وانهاء التدخلات الخارجية التي تؤجج الوضع في ليبيا. وذكر المختص في الشؤون الامنية، ان علاقات الجزائر الاستراتيجية مع الدول الفاعلة في الازمة وموقعها الجيو-استراتيجي في المنطقة، تشكل عوامل أكدت عدم امكانية الوصول الى حل للازمة في ليبيا دون تثمين الدور الجزائري والاستفادة منه. وذكر حمادي، أن الجزائر بقيت منذ البداية وفية لموقفها من حل الازمة الليبية، وهذا ما تجلى في مقاربتها الشاملة لحل النزاع في هذا البلد الجار بالدعوة دائما الى حل سياسي سلمي والالتزام بمسار التسوية في ليبيا. مؤتمر دولي حول ليبيا الأحد المقبل ببرلين أعلنت الحكومة الألمانية، أن المؤتمر الدولي حول ليبيا سيعقد في العاصمة برلين الأحد المقبل برعاية الأممالمتحدة. وتشارك في هذا المؤتمر العديد من الدول من بينها الجزائر والولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وتركيا وإيطاليا ومصر والإمارات. وأوضحت الحكومة الألمانية، في بيان، أن أنغيلا ميركل، المستشارة الألمانية، وجهت دعوة لحضور مؤتمر ليبيا في برلين يوم الأحد المقبل، مشيرة إلى أن المؤتمر سيكون على مستوى زعماء الدول، وبرعاية الأممالمتحدة. وأكد البيان، أن الإجتماع الذي سيعقد في مقر المستشارية هو جزء من العملية التي أطلقتها الأممالمتحدة للتوصل إلى ليبيا ذات سيادة ودعم جهود المصالحة داخل ليبيا. وتلقى رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، مساء الاثنين، مكالمة هاتفية حول الوضع في ليبيا من المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، حسب ما أفاد به بيان لرئاسة الجمهورية. وأوضح البيان، انه خلال هذه المكالمة، وجهت ميركل دعوة لرئيس الجمهورية للمشاركة في هده الندوة الدولية حول ليبيا. وأضاف البيان، أن رئيس الجمهورية قد قبل الدعوة للمشاركة في هذه الندوة. وكانت ألمانيا، قد أعلنت منذ مدة عن تبنيها لعقد مؤتمر حول ليبيا فوق أراضيها تحضره مختلف الأطراف المتدخلة في الملف، سواء الأطراف الليبية المتنازعة، ودول الجوار، ودول إقليمية ودولية، فضلا عن منظمات أممية ومنظمة الأممالمتحدة لبحث سبل إيجاد حل للأزمة المستمرة في البلاد منذ سنوات. ويبدو إنعقاد المؤتمر مؤشرا جديدا إلى التهدئة في النزاع في ليبيا بعد دخول الهدنة حيز التنفيذ الأحد الماضي. واستضافت موسكو، الاثنين، محادثات للسلام بين أطراف النزاع الليبي، ووقعت حكومة الوفاق الوطني على اتفاق وقف إطلاق النار، بينما طلب المشير خليفة حفتر يومين للنظر في اتفاق بشأن التسوية الليبية، حسب وزارة الدفاع الروسية.