كثيرون يدرجون التصرفات المتهورة لبعض الشباب أثناء قيادة مركباتهم في خانة الظرفية التي تتفاقم حدتها مع حلول شهر رمضان المعظم، بدليل كثرة حالات الشجار التي تصل إلى مالا يحمد عقباه، غير أن الأكيد هو أن هذه التصرفات المتهورة واللامسؤولة أضحت ظاهرة الساعة التي تحدت المكان والزمان لتبرز على مدار السنة بعد أن تفنن العديد ممن يسمّون "فوايو الفولون" في إطلاق وابل من السب والشتم، الضرب، التهديد والوعيد وغيرها من التصرفات المتهورة التي يصدرها هؤلاء بمجرد أن يتواجدوا بمحاذاة سائقين آخرين في الطرقات، ضاربين عرض الحائط الثقافة المرورية وحتى قانون المرور الذي يجبر قائد المركبة على الانصياع لمبادئه قبل الإقلاع بالسيارة، وهي الظاهرة التي أخذت أبعاد خطيرة بالنظر إلى تبعاتها التي تختلف باختلاف العصاة والضحايا. فمن يحمي المارة والسواق من مثل هذه التصرفات، وهل من إجراءات ردعية كفيلة بالقضاء على هذه الظاهرة؟ حوادث أليمة وعقد نفسية كان سببها "فوايو الفولون" أصبح الكثير يفاجؤون من تصرفات البعض أثناء السياقة فمنهم من ينزل من مركبته باتجاه المركبة الأخرى ليشرع في السب، الشتم وحتى الضرب المبرح الذي يعمد إليه الكثيرون أثناء السياقة وبذالك أصبحت هذه الأخيرة ديكورا يوميا ومشاهد تؤدي إلى حوادث مرورية وخسائر متنوعة أقلها الخسائر النفسية التي تتربص بالسواق في كل ثانية. ولدى نزولنا إلى الشارع للاستقصاء حول هذه الظاهرة، اختلفت وتنوعت تجارب المواطنين مع "فوايو الفولون" خصوصا الجنس اللطيف منهن الذين أكدن عجزهن عن التحكم في المقود في معظم الأحيان بمجرد وقوعهن ضحايا لمتهوري القيادة الذين يتفننون في إزعاج ومضايقة السائقين عبر الطرقات، "سارة" فتاة في العشرينيات من عمرها قصدت في سهرة رمضانية سوق علي ملاح بأول ماي رفقة عائلتها ولدى ركوبهن السيارة للعودة إلى المنزل اعترضت سبيلهن سيارة بداخلها مجموعة من المنحرفين الذين ترصدوا السيارة وشرعوا في مضايقتها أثناء القيادة ورغم محاولاتها المتعددة في تجنبهم فشلت في ذلك إلى أن وجدت نفسها وعائلتها طريحة المستشفى بعد حادث مروري أليم أودى بحياة خالتها التي لفظت أنفاسها الأخيرة داخل السيارة بينما أصيبت هي ووالدتها بكسور وجروح خطيرة أدخلتهما المستشفى، "عبلة. ن" فتاة ثلاثينية تتمتع بشجاعة وجرأة جعلتها تقود سيارتها أحسن من بعض الشباب وفي مرة من المرات صادفها شابين كان على متن عربة نقل البضائع في الطريق السريع أين شرع هؤلاء في معاكستها لينشب خلاف حاد بينهما وصل إلى حد السب، الشتم والصراخ في الطريق السريع لم تتخلص منهما إلا بعد مصادفتها لحاجز أمني، وحادثة أخرى وقفنا عليها نهاية الأسبوع الماضي كان بطلها مراهق يبلغ من العمر 16 سنة لا يحوز على رخصة سياقة بعدما سرق سيارة والده وقادها بجنون إلى أن قتل شابا في عشرينيات عمره حينما قاد السيارة بسرعة جنونية وحاول تجاوز الشاب الذي كان يقود دراجة نارية عنوة وهو الحادث الذي اهتز له شارع العفرون بالبليدة مؤخرا.
العزوني" الشباب تستهويهم السرعة التي يعتبرونها حرية، تعبيرا عن الطاقة والتحدي" محمد العزوني خبير السلامة المرورية أكد ضرورة احترام قوانين المرور والانضباط حيالها، حيث يسمح للشباب بالسياقة بدءا من سن 18 إلى مالا نهاية بشرط احترام هذا الأخير للقانون، وأفصح العزوني أنه لا يمكن نعت هؤلاء الشباب المتهورين ب "فوايو" على خلفية أن جل الشباب تستهويهم السرعة وهذه الأخيرة تمثل بالنسبة للشباب الحرية ،التعبير، تفريغ الشحنة والتحدي، وأكد أن الشاب الذي يقود مركبته بسرعة فائقة هو ليس على عجلة من أمره وإنما هي قضية نفسانية لكن ليست بميزة الجزائري فحسب وإنما أصبحت ظاهرة عالمية غير أنه في أوروبا مثلا يمنع منعا باتا سياقة شاب لمركبته منفردا ليلا. وعن أسباب نهج العديد لشباب اليوم أسلوب قطاع الطرق والعصاة الذي يفرز عنه وابل السب والشتم، الاعتداءات، الضرب والبلطجية فقد أرجعها إلى الحياة اليومية التي يعيشها الشباب تحت الضغوطات المختلفة والنابعة من محيط كل منهم فبمجرد ركوب الشاب للسيارة سرعان ما يفرض عليها سلطته وهي بطبيعة الحال ستتجاوب ومعه وتطيع أوامره وتمكنه من تفريغ ضغوطاته الخارجية يضيف نفس المتحدث. .. السائق يقود للآخرين ووجه العزوني بنصيحته للشباب والسائقين عموما لتفادي التصرفات اللامسؤولة أثناء القيادة مفادها" في التأني السلامة وفي العجلة الندامة". وكشف أنه يتوجب على السائق قيادة مركبته بمبدأ القيادة للآخرين، وعلى مصالح الأمن، والموطنين عموما الإبلاغ عن التجاوزات، إلى جانب تعزيز المراقبة والرادارات، فالحوادث تفضي إلى محاضر تدخل أروقة المحاكم، ليسترد حق الضحية. دعدوش "سحب رخصة السياقة لسنتين ودفع غرامة مالية باهضة كفيل بالقضاء على هذه الظاهرة" من جانبه طالب وائل دعدوش رئيس الجمعية الوطنية للتضامن والقضاء على الآفات الاجتماعية وزارة الداخلية والمشرع الجزائري بسن قانون ينص على الردع الآني للعصاة الذين يضربون عرض الحائط قوانين المرور وأبجديات السياقة أثناء قيادة مركباتهم بما أنه تتواجد كاميرات مراقبة في الطرقات السريعة وعبر كل الأماكن، فتلزم هذه الأخيرة كل من قام بحادث مرور أو تصرف "غير لائق، أو تمادى من خلال السب أو الضرب بسحب فوري لرخصة السياقة إلى جانب إجباره على دفع غرامة مالية باهظة دون عقوبة السجن. وطالب دعدوش بلجنة بيداغوجية نفسية تدرس نفسية الحائز الجديد على رخصة السياقة من حيث عدة معطيات أبرزها النرفزة والسوابق العدلية للمترشح مع عالم الإجرام لتكون هذه الأخيرة بمثابة عامل رئيسي يوقع على ثبوت جدارة المترشح وليس تمكنه من السياقة فحسب واستشهد رئيس الجمعية الوطنية للقضاء على الآفات الاجتماعية بالقوانين السارية المفعول في بريطانيا على سبيل المثال تلك التي تجبر قائد السيارة الذي ينزل منها بغرض سب أو شتم سائق آخر على دخول مصحة نفسية لمدة 4 أشهر كاملة. فلورة "بركات.. كفانا موتا ومعاقين بسبب سياقة لهبال" وأكدت فلورة بوبرغوث رئيسة الجمعية الوطنية لذوي الاحتياجات الخاصة والوقاية من حوادث المرور أن بعض الشباب المتهور قد أحكم سيطرته على واقع السياقة سيما وأن المرأة تضطر إلى نقل أبنائها إلى المدارس وقضاء حاجياتها الأخرى غير أنها وحين تواجدها في الشوارع تصطدم برد البعض وهذا ما يجعل المرأة تشعر باللا أمان وأوجبت فلورة تدخل السلطات العمومية للحد من هذه الظاهرة . على المواطن تبنّي دورا فعالا حين وقوفه على التجاوزات وأكدت رئيسة الجمعية الوطنية لذوي الاحتياجات الخاصة والوقاية من حوادث المرور أن للمجتمع المدني دورا مهما في تبليغ الرسائل وكشفت المتحدثة عدم متابعة الدولة للمتجاوزين بشكل فعلي بالنظر إلى أنه في حال تبليغ أي مواطن عن تجاوزات مرورية لا تتم متابعة المخالف بشكل جدي ما جعل المواطن لا يكترث بالتبليغ عن التجاوزات ويكتفي بالقول" تخطي راسي وتخطي داري" تضيف رئيسة الجمعية وفي السياق أكدت على ضرورة تبني المواطن دورا فعالا حين وقوفه على التجاوزات من خلال التبليغ عنها ودعت فلورا السلطات منح فرصة التدخل للمجتمع المدني للحد من التجاوزات المرورية ووجهت المتحدثة من خلال "السياسي" نصيحة إلى كل سائق مفادها" قلع بكري توصل بكري" .. كفانا موتا، كفانا إعاقة بسبب سياقة التهور التي حولت الجزائر إلى مصنع المعاقين، فهل الجزائر تحتاج إلى المعاقين فقط؟ ليبقى" فوايو الفولون" سيد الشوارع الجزائرية بعد أن فرض عليها قانون الغاب الذي يقتضي الإنصياع للآخر إلى حين تحرك المصالح المعنية بشكل فعلي يجتث أسباب الظاهرة قبل تباحث نتائجها التي هي في تفاقم يوما بعد آخر.