يستقبل الجزائريون اليوم حدثا دينيا عظيما يتجلى في غرة محرم من السنة الهجرية حيث تعيش الأمة الإسلامية أجواءً روحانية مشتركة بتذكر أعمال الرسول صلى الله عليه وسلم الخالدة وهجرته العظيمة التي حولت الظلمات إلى النور، وتجسيدا لمبادئ الإسلام السامية فإن الاحتفال بهذا اليوم عبرة للمسلمين عن المحن التي مر بها خير الآنام في تبليغ دعوته، ومعاناة أصحابه مع الكفار المشركين إلى أن أوحي الله لنبيه الكريم وأمره بالهجرة من مكة إلى المدينةالمنورة «يثرب» الحادثة التي غيرت معالم التاريخ، وحبب الرسول صيام هذا اليوم لما فيه من بركات إلهية لقوله عليه الصلاة والسلام» أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم» وقوله كذلك «شهر عظيم مبارك وهو اول شهور السنة الهجرية، والتي قال الله تعالى فيها» أن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والارض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم»، وسمي كذلك شهر محرم لأنه من الأشهر الحرم التي يمنع فيها القتال. إمام: «ما أحوجنا للعودة لتاريخنا الإسلامي العريق» أكد الشيخ يوسف بن حليمة -إمام مسجد- أن التاريخ الهجري اختاره المسلمون في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه لكتابة تار يخ الا مة، حيت انتقل المسلمون من مرحلة الاستضعاف إلى مرحلة التمكين والقوة وأسسوا دولتهم بناء على هذه الأُطر في المدينةالمنورة فنحن اليوم تمر علينا منذ بداية الهجرة النبوية المباركة 1435بعد القرن الرابع عشر للهجرة، مضيفا أن المناسبة تمر علينا في كل سنة وتستوجب علينا محاسبة أنفسنا وتسجيل أعمالنا، حتى تكون السنة الحالية أفضل من السنة الماضية، مقتدين بافعال وأقوال النبي الكريم في حياته وسلوكاته مع أمته الإسلامية التي يعد المجتمع الجزائري جزء لا يتجزأ منها أمة ذات عمق تاريخي عريق لأمة وصفت خير أمة اخرجت للناس، ويقول الشيخ بن حليمة نعتبر التار يخ الهجري هو الاساس والاصلي وليس اعتماد التار يخ الميلادي، رغم أننا نؤمن بالمسيح كغيره من الانبياء ولكننا يجب أن نلتزم بالتاريخ الهجري، لانه الأصح والادق ما يستوجب تصحيح هذه المرجعية والإعتزاز بالعودة إلى جذورنا الصحيحة بالإعتماد على الشهور القمرية لانها لاتحتمل الخطأ كالاعتماد على التاريخ الميلادي الحالي، كما شدد الشيخ على العودة للاحتفا ل بهذا اليوم بحقيقته وليس بشكله وظاهره وهذا ما يتوجب على المجتمع والمسلمين التفطن له في ظل ما يواجه العالم العر بي والاسلامي من تحديات ومخا طر. الأستاد غرس الله: «علينا بناء قنوات اتصال بين الأمة من خلال هذه المناسبات» من جهته أكد الأستاد غرس الله عبد الحفيظ مختص في علم الاجتماع الديني أن أحياء الجزائريين لهذا اليوم المبارك لا يختلف بالمقصد عن جميع الامة الاسلامية التي تعتبر امتدادا لهذا التاريخ الاسلامي العريق، وتساءل أستاذ علم الإجتماع الديني قائلا: «هل يقتدي المسلمون بهذا اليوم بالعودة للأحداث التاريخية وما حصل لخير الآنام محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم من تضحيات في سبيل نشر هذا الدين الحنيف، حيث ناشد المتحدث أفراد المجتمع بالعودة لهذا التاريخ والتحلي بأخلاق النبي الكريم في اقواله وافعاله مع اصحابه ومع المجتمع ككل»، معبرا بالقول «للاسف اليوم نتعا مل مع هذه المناسبات شكليا فقط من غير النظر الى الاهداف الحقيقية من الإحتفال بهذه المناسباب، وحسب الأستاذ غرس الله فإن الكثير من الشرائح الاجتماعية اليوم لا تعرف من هذا اليوم غير التفكير بهذه العطلة الممنوحة أو طبق العشاء الذي سيتناولونه من غير النظر بعين الدقة لجوهر محرم والهجر ة النبوية الكريمة، ووصف المتحدث هذه المناسبة بالإنسلاخ الاجتماعي عن الجذور الاسلامية العريقة خاصة وأن الكثير من الشباب يجهلون حتى التاريخ الهجري الذي يعرف منه غير الإسم، وأرجع المتحدث السبب إلى في التربية الدينية السليمة التي نحن اليوم بعيدون جدا عنها فلا نحمل هذا النشء المسؤولية وحده بل الآباء هم عجوا عن تلقين ابنائهم وتعليمهم حقيقة دينهم الحنيف، التي نحن اليوم في أمسّ الحاجة للعودة إلى اصوله في تعاملاتنا مع جميع الفئات في المجتمع، وشدد الاستاذ غرس الله على ضرورة بناء قنوا ت اتصال بين هذه الامة من خلال هذه المناسبات الدينية التي يكون دور المؤسسات الدينية فيها فعالا، وتطرق الأستاذ إلى الخطاب الديني مهمته في توصيل رسالته السامية بالتريف بهذا اليوم المبار ك لتكون الذاكرة الدينية مرتطبة بالقيم التي تنتج واقعا اجتماعيا جديدا ومغايرا تماما عن السابق بناء على هذه الأحداث المباركة لكي يصبح الاحتفال بالمناسبات الدينية عبادة وليست عادة