لاتزال ولاية بسكرة تتطلع إلى الاستفادة من قدراتها، خاصة المؤهلات الفلاحية، فخصوبة تربتها، على الرغم من موقعها الجغرافي على أبواب الصحراء، تؤهلها لذلك دون منازع وبالنظر إلى المجهودات المبذولة والاستثمارات الضخمة التي خصصت لها، لتصبح قطبا فلاحيا حقيقيا. وهدف هذه الولاية المتربعة على 22 ألف كلم مربع جلي وتتمثل في الترقية المستدامة لظروف معيشة سكانها بتعداد 720 ألف ساكن وذلك بعيدا عن الصورة التي ألصقت بها على أنها مجرد بطاقة بريدية سياحية على الرغم من أنها تزخر بموارد أخرى لا تقل أهمية في مجال السياحة بالإضافة على صناعة مواد البناء. ويعتبر قطاع الفلاحة بمثابة حجر الزاوية في مسار التنمية بولاية بسكرة وهو بذلك يمثل الورقة المرشحة بقوة لتحقيق غايات الوثبة الاقتصادية المنشودة لدى المسؤولين المحليين تدعمهم في ذلك حالة التناغم لرفع التحدي من طرف الفلاحين بالرغم من بعض العوائق المزمنة التي يفرضها شح مياه الأمطار. وكذا التذبذب في بعض الأحيان بشأن وفرة المياه الموجهة للسقي الفلاحي التي تعتمد بصفة شبه كلية على المياه المعبأة انطلاقا من سدي منبع الغزلان وفم الغرزة الى جانب الباطنية المستخرجة على أعماق متباينة بواسطة مضخات غاطسة. غيرأن هذه الوضعية لا تمنع استمرار التفاؤل لدى المهنيين لكسب الرهان من خلال وضع حلول عملية تتمحور حول تعميم الحواجز المائية الاصطناعية والأحواض المائية وتحفيز الفلاحين على تطبيق نظام السقي بالتقطير. بل أن درجة التفاؤل تمتد إلى دفع الولاية في اتجاه تلبية احتياجات السوق الوطنية من الخضروات المبكرة والتمور وحتى اقتحام السوق الدولية بمنتوج التمور ضمن مقاربة ترقية الصادرات خارج قطاع المحروقات. واللافت في الأمر أن القطاع الفلاحي الذي يحتل مساحة صالحة للزراعة ب17 ألف كلم مربع (1,7 مليون هكتار) من تراب الولاية الذي يعادل أو يفوق مساحات دول برمتها، فهو يتيح 20 ألف فرصة عمل سنويا وإنتاج سنوي من التمور يتعدى 4 ملايين قنطار و5,7 مليون قطار من الزراعات المحمية وتعرف به سلة المنتجات الفلاحية اتساعا متزايدا تعكسه زيادة عن المنتجات التقليدية على غرار التمور والحبوب والخضر المبكّرة موادا جديدة نسبيا بالمنطقة كالبطاطس و الحمضيات والزيتون. ديناميكية تطبع الاقتصاد المحلي وتتوفر هذه الولاية على قدرات حقيقية لدفع عجلة التنمية في شتى القطاعات وأوجه النشاط وتحسين ظروف المعيشة اليومية للسكان. وتواكب المجهودات المبذولة من جانب الدولة بغرض تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية لهذه المنطقة جملة مزايا من موارد طبيعية وبشرية الأمر الذي يجعلها مؤهلة لكي تتبوأ مكانة متقدمة جهويا في عديد القطاعات على غرار السياحة بمختف أنماطها وصناعة مواد البناء. وتسهم دون شك الاستثمارات الضخمة التي حظيت بها الولاية ضمن مختلف البرامج الإنمائية منها على سبيل المثال حوالي 200 مليار د. ج برسم الخماسي (2010 - 2014) في إضفاء ديناميكية اقتصادية ملموسة ودعم الإنعاش الاقتصادي محليا وتمكين بسكرة من الارتقاء إلى مصاف الولايات المنتجة للثروة و تنلبي احتياجات المواطنين. فهذه الولاية المستفيدة من حزمة مشاريع عملاقة هي الآن قيد الإنجاز لأجل إعطاء قيمة مضافة للحركية الاقتصادية والتنمية المستدامة من ذلك محطة لتوليد الكهرباء بطاقة 1200 ميغاواط بإقليم بلدية أوماش ومصفاة لتكرير النفط بطاقة معالجة تصل إلى 5 ملايين طن سنويا بناحية منبع الغزلان وسوق وطني للتمور هو الأول من نوعه وطنيا و5 وحدات لإنتاج المياه المعدنية و3 سدود منها سد مستاوا ببلدية مزيرعة. وتشهد بسكرة التي ارتقت إلى مصاف الولايات بموجب التقسيم الإداري لعام 1974 تحولات عميقة في الهياكل القاعدية والقطاعات الاجتماعية والخدمات ذلك أن المنطقة تحصي حاليا شبكة طرق بطول 2000 كلم ومطار دولي وخط للسكة الحديدية خضع للعصرنة مؤخرا بطول يتعدى 100 كلم وشبكة من المحطات البرية لنقل المسافرين منها واحدة بعاصمة الولاية دخلت حيز الخدمة حديثا دون إغفال المرافق الشبانية والرياضية التي لا تخلو كل بلدية من واحدة منها على الأقل. ويضاف إلى ذلك شبكة من المرافق الصحية منها 4 مستشفيات وعدد مماثل من مصالح الاستعجالات الطبية الجراحية ومشروع لبناء مستشفى ببلدية زريبة الوادي لتغطية الزيبان الشرقية وعديد من منشآت المواصلات السلكية و اللاسكلية وجامعة تستقبل حاليا 30 ألف طالب و15 مؤسسة للتكوين المهني و500 مؤسسة تربوية في مختلف الأطوار التعليمية إلى جانب المنجزات في قطاع الطاقة ذات الاستعمال المنزلي التي سمحت بتحقيق تغطية بالكهرباء بنسبة تفوق ال93 بالمائة مقابل 62 بالمائة فيما يخص الربط بشبكة الغاز الطبيعي. أما السكن، فقد تجاوزت حظيرته في مختلف الصيغ عتبة 300 ألف وحدة سكنية بصرف النظر عن المشاريع التي في مرحلة الإنجاز متمثلة على الخصوص في 5500 سكن اجتماعي ايجاري عبر الولاية و622 وحدة سكنية موجهة لامتصاص السكن الهش بناحية العالية بالضاحية الشمالية لعاصمة الولاية. وفضلا عن النقلة الاقتصادية والاجتماعية والخدماتية النوعية فإن المنطقة مشهورة بزخم تراثها المادي واللامادي الذي ينزلق إلى عصور موغلة في ثنايا التاريخ ذلك أن الزيبان تعاقبت عليها حضارات وموجات بشرية متلاحقة كالنوميديين والوندال والبيزنطيين والعثمانيين فضلا عن وجود روافد لدعم المشهد الثقافي العام كالزوايا الدينية وأضرحة الأولياء الصالحين والمساجد القديمة.