كسرت سهيلة أمغشوش ذات ال12 ربيعا حواجز التقاليد الأوراسية، بممارستها لهواية إطلاق دوي البارود التقليدي في الأعراس والمناسبات السعيدة بباتنة ومناطق عدة من الوطن، لتفتك بجدارة لقب الكاهنة الثانية بمحيطها القريب. وتبدي سهيلة بمناسبة إحياء عرس تقليدي تراثي بقرية ماركوندة ببلدية تاكسلانت، براعة كبيرة في التعامل مع البندقية التقليدية، بل التفنن في كيفية تسديد الطلقات التي عادة ما تثير فزع بنات جنسها مما يعطيها في كل مرة التميز، لأن إطلاق دوي البارود ظل لحد الآن، حسب أغلب ممارسيه ولقرون عديدة، حكرا على الرجال فقط بمنطقة الأوراس. وقالت وهي منهمكة في ملء بندقيتها بالبارود بواسطة قطعة حديدية تعرف في أوساط ممارسي هذه الهواية أو الحرفة بالمرود أو الركال، لا أخشى صوت البارود، بل أعشق إطلاق دويه لكنني أحبذ ذلك على وقع صهيل الخيل وأيضا البندير والقصبة ، مضيفة إن الموسيقى التراثية الأصيلة تدخلني إلى عالم سحري وتجعلني أبدع في إمساك البندقية والتفنن في تسديد طلقات بارودها . واستقطب عرض وأداء سهيلة الحضور فتكونت حولها حلقة كبيرة من المشجعين، حيث راحت الفتاة التي راحت تدور بخفة ورشاقة تارة ممسكة ببندقيتها التقليدية المزينة بأشرطة براقة وتارة أخرى ملوحة بها في السماء، لتتلقفها بيديها ثم تتمعن في الأرض مليا وتسدّد الطلقة بكل ثقة لتتعالى التصفيقات من كل جهة وتتحول في لحظة سهيلة إلى نجمة تنهال عليها التهاني من كل جهة حتى من باقي أصحاب البارود الحاضرين بالمكان، فسهيلة أصبحت تخطف الأضواء كلما ظهرت بعرس أو تظاهرة ببراعتها التي تزيد يوما بعد يوم في ضرب البارود الذي يعد هواية متوارثة أبا عن جد في عائلتها التي تنحدر من منطقة غسيرة المشهورة في هذا الميدان، فكانت تنسب إليها أجود أنواع البارود في منطقة الأوراس الكبير. سهيلة تكسر حواجز التقاليد الأوراسية وأكد والد سهيلة، أحمد أمغشوش، بأن ابنته، التي تدرس حاليا بالسنة الثانية من التعليم المتوسط، أظهرت اهتماما كبيرا بألعاب البارود منذ صغرها لكن شروعها في مرافقته لإحياء الأعراس والتظاهرات كان منذ 3 سنوات، وهي اليوم، أصبحت تتمتع بشعبية كبيرة ويطلبها الكثيرون للمشاركة في إحياء أفراحهم باعتبارها، حسبه، الفتاة الوحيدة بالجهة التي اخترقت هذا الميدان الرجالي. وكشفت هذه الفتاة قائلة على الرغم من أنني أستمتع في كل مرة بعروضي الفردية التي أقدم الجديد فيها من حين إلى آخر، لكن متعتي تكون أكبر وأنا أرافق أبي وأخي الصغير وسيم البالغ من العمر 10 سنوات، فنحن الثلاثة نشكّل فريقا رائعا في تقديم عروض البارود التي نتدرب عليها سويا في أوقات الفراغ . فعالم سهيلة وعائلتها الصغيرة السحري أصبح يضفي البهجة على أعراس الكثير من العائلات بمنطقة الأوراس والمناطق المجاورة، لتضفي عليه الفتاة لمسة أنثوية زادت من بريقه وتتحول طلقات البارود في يد الفارسة البارعة إلى ورود تعطّر المكان.