/b تجسد الالتزام الذي أكده رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة من أجل محاربة الفساد من خلال تأسيس هيئة وطنية للوقاية من الفساد ومكافحته تضمنها مشروع مراجهة الدستور، ويتعلق الأمر بعزم سلطات الدولة على مكافحة ظاهرة الفساد التي تفاقمت في السنوات الأخيرة. وتعتبر ظاهرة الفساد في الجزائر جريمة تمس بالأملاك العمومية وبالاقتصاد الوطني مما يبرر وضع آليات قمع ومكافحة هذه الآفة منذ بضعة سنوات. وحسب ترتيبات الدستور الجديد فإن وضع هذه الآليات سيتوج بتأسيس هيئة لمكافحة الفساد. وفي هذا الصدد تنص المادة 173-5 على تأسيس هيئة وطنية للوقاية من الفساد ومكافحته وهي سلطة إدارية مستقلة توضع لدى رئيس الجمهورية وتتمتع بالاستقلالية الإدارية والمالية. وتتضمن نفس المادة أن استقلال هذه الهيئة مضمون على الخصوص من خلال أداء أعضائها وموظفيها اليمين ومن خلال الحماية التي تكفل لهم من شتى الضغوط أو الترهيب أو التهديد أو الاهانة أو الشتم أو التهجم أيا كانت طبيعته التي قد يتعرضون لها خلال ممارسة مهامهم . وتنص المادة 173-6 أن الهيئة تتولى على الخصوص مهمة اقتراح سياسة شاملة للوقاية من الفساد تكرس مبادئ دولة الحق والقانون وتعكس النزاهة والشفافية والمسؤولية في تسيير الممتلكات والأموال العمومية والمساهمة في تطبيقها . كما ترفع الهيئة إلى رئيس الجمهورية تقريرا سنويا عن تقييم نشاطاتها المتعلقة بالوقاية من الفساد ومكافحته والنقائص التي سجلتها في هذا المجال والتوصيات المقترحة عند الاقتضاء . تضاف هذه الهيئة لآليات أخرى تم وضعها منذ سنوات بغرض محاربة الفساد على غرار الديوان المركزي لقمع الفساد الذي استحدث سنة 2011 والذي يشكل منذ سنة 2013 أداة عملية في مجال مكافحة كل أشكال المساس بالمال العام. وهو بمثابة هيئة مركزية للضبطية القضائية مكلفة بالبحث وتسجيل المخالفات في إطار قمع الفساد. هذه الهيئة مكلفة بتحويل مرتكبي المخالفات أمام الجهات القضائية المختصة بموجب أحكام القانون 01-06 المؤرخ في 20 فيفري 2006. وفي هذا السياق، وجه الوزير الاول عبد المالك سلال تعليمة لأعضاء الحكومة بتاريخ 30 نوفمبر 2014 بهدف تحمل الإدارة مسؤوليتها فيما يتعلق بمحاربة الفساد. ومن جهته، أكد وزير العدل حافظ الاختام طيب لوح أن العدالة تدرس كل قضايا الفساد التي تخطر بها، مضيفا أن القطاع سيشهد إصلاحات عميقة كفيلة بتعزيز مصداقية العدالة واستقلالها. يذكر أن العدالة تناولت قضايا الخليفة-بنك وسونطراك 1 وقضية الطريق السيار شرق-غرب. ويذكر أن رئيس الجمهورية، شدد خلال خطاب وجهه بمناسبة تنصيبه رئيسا للجمهورية غداة انتخابه لعهدة رابعة سنة 2014 أنه سيتم فتح ورش أخرى لتحسين جودة الحكامة، ودحر البيروقراطية وترقية لامركزية ترتكز على ديمقراطية تشاركية تستقطب على نحو أفضل المجتمع المدني في التسيير المحلي. وأضاف الرئيس بوتفليقة أن الأمر سواء بالنسبة لمحاربة الجرائم الاقتصادية وفي مقدمتها آفة الفساد وهو سواء فيما يخص مضاعفة حماية الإطارات المسيرة في أداء مهامها . وخلال أول مجلس وزراء ترأسه شهر ماي من سنة 2014 بعد إعادة انتخابه جدد الرئيس بوتفليقة التزامه بتنفيذ البرنامج الانتخابي الذي تم انتخابه على أساسه، مبرزا ضرورة صون المال العام من كل تبذير ومحاربة الفساد وكافة أشكال المساس بالاقتصاد الوطني. وفي سنة 2012 خلال مجلس الوزراء الذي درس ووافق على مشروع الأمر المعدل والمتمم القانون رقم 01-05 المؤرخ في 6 فيفري 2005 المتعلق بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتهما، أمر رئيس الجمهورية القضاة بتطبيق القانون بكامل صرامته في مجال مكافحة الفساد وكل أشكال الجرائم والجنح المالية. وبهذا الخصوص صرح رئيس الجمهورية أنه إذا كان التزام الجزائر بمحاربة الإرهاب واقعا ملموسا فإن الأمر يتوجب أن يكون بالنسبة للوقاية من تبييض الأموال في إطار محاربة الفساد والجريمة المنظمة . الحاصل أن مكافحة الفساد من بين الأولويات التي حددها رئيس الدولة وذلك ما جسده تأسيس هيئة وطنية للوقاية من الفساد ومكافحته في إطار التعديل الدستوري.