أثبت مونولوغ العساس الذي أداه مساء أول أمس، صابر عياش على ركح مسرح قسنطينة الجهوي في إطار شهر المونولوغ، أنه بإمكان الفنان المعاق أيضا إمتاع واستمالة الجمهور. فمن خلال مونولوغ العساس يتناول صابر ذلك الفنان الذي ينتمي لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة بحيوية وبكثير من روح الفكاهة، ودون أي عقدة للحياة التي غالبا ما تكون صعبة للأشخاص الذين يعانون من إعاقة. وبثقة كبيرة في النفس، يتطرّق الفنان الفكاهي في عرضه لموضوع جد حساس حيث يصور وضعيات يومية متعلقة بالإعاقة والكليشيهات التي ينقلها الأشخاص الأصحاء حولها، حيث نجح في انتزاع قهقهات الحضور طوال عمر العرض. ويفتتح العرض على ديكور بسيط يتكون من مكتب وكرسي، حيث يشرع صابر في التساؤل كيف يمكن تعيين شخص معاق في منصب عساس بأي مؤسسة. ووسط أجواء من الضحك يروي العساس انطلاقا من مكتبه صدمة لص غامر بنفسه في أحد الأيام بالمؤسسة، قبل أن يجد نفسه مرتبكا ثم أعزلا تماما أمام عون الحراسة المعاق، قبل أن ينتهي به الأمر بأن يلوذ بالفرار. كما يتطرّق الفكاهي للهشاشة التي تعيش فيها فئة الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، ويتحدث عن تلك المنحة الزهيدة التي يحصل عليها أغلبية الأشخاص التابعين لهذه الشريحة من المجتمع. وضمن سياق ساخر ولاذع في بعض الأحيان، يؤكد الممثل الحقائق الغريبة لبعض الأشخاص الأصحاء الذين يجدون صعوبة في اعتبار الشخص المعاق، إنسانا طبيعيا بإمكانه أن يحب ويكره ويثور أيضا. وضمن وتيرة متسارعة يعرّج الفنان على انتكاسات أولئك الذين أطلق عليهم المعذبون في الأرض الذين أضحوا متسولين للمساعدات والحقوق، وينتقد الرسميين الذين يجعلون من يوم الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة يوما فلكلوريا لإعادة ترديد المكاسب الافتراضية لهذه الشريحة. وعقب العرض، اعتبر صابر عياش بأن السخرية الذاتية هي طريقة لكسر الحواجز ونقل الرسائل. كما أكد بأن إضحاك الأشخاص المعاقين هو وسيلة لتغيير النظرة والذهنيات. وصرح هذا الفنان القسنطيني الذي كتب مونولوغه بنفسه، بأن الإبداع ليس بالأمر صعب المنال بالنسبة للأشخاص المصابين بإعاقة أو تشوه. وسيسمح شهر المونولوغ المنظم من طرف دائرة المسرح لتظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية لعام 2015 ، للجمهور القسنطيني باكتشاف عدة مونولوغات أخرى والتمتع بها إلى غاية نهاية شهر فيفري الجاري، من بينها بلا مأوى لمفيدة عداس و فيف موا لكمال عبدات و مايد إن ألجيريا لمحمد خساني.