تشهد الحظيرة الوطنية للشريعة، منذ بضعة أيام، توافدا قياسيا لزوار قدموا من كافة ربوع الوطن بحثا عن الاستجمام والترويح عن النفس بعد أن اكتست جبال الشريعة بحلة بيضاء ناصعة بعد تساقط الثلوج خلال الفترة الأخيرة. فقد توافد المئات من الجزائريين خلال آخر يوم جمعة من شهر جانفي على مرتفعات جبال الشريعة وكأنهم يغتنمون فرصة لن تجدد عما قريب، لأن الثلوج التي تساقطت بكميات هائلة خلال الأيام الفارطة بدأت تذوب. تشكلت طوابير من السيارات في اتجاه أعلى قمة من الجبل مما عرقل بشكل كبير حركة المرور على مسافة طويلة، وهو ما استدعى تدخل عناصر الدرك الوطني بمساعدة الجيش الوطني الشعبي. وحسب لوحات ترقيم السيارات، فإن معظم الزوار قدموا من الجزائر العاصمة والبليدة وكذا تيبازة وعين الدفلى وتيارت. الكثير من الزوار قاموا بنزهة في إطار برامج الوكالات السياحية أو البرامج المدرسية. فضل البعض من السائقين ركن سياراتهم على حافتي الطريق وأكملوا المسافة مشيا رفقة عائلاتهم أو أصحابهم، فيما كان البعض الآخر ممن وصلوا هناك في وقت مبكر أو قضوا الليلة هناك مغادرين المكان. جو من التسلية والمرح فور تخلصها من مشكل ركن السيارات بدأت العائلات تختار المكان الذي يليق بها. لم يتمكن جميع الزوار من بلوغ قمة الجبل بسبب الازدحام الكبير لحركة المرور. البعض من العائلات جلبت معها وجبات لتناولها في الهواء الطلق وفضلت أخرى اقتناءها، فيما قامت العديد من العائلات بتحضير مشويات وأطباقا لذيذة أخرى بعين المكان. رغم ذوبان الثلوج بشكل معتبر، إلا أنها تبقى كثيفة كلما توغلنا أكثر في الغابة في الوقت التي يجرب فيه بعض الهواة مهاراتهم في التزلج بصحبة أصدقائهم وعائلاتهم. تنقلت مجموعة من الرعايا الهنود العاملين بالقطاع الطبي من مدينة وهران خصيصا لاكتشاف هذه المحطة لأول مرة، وكم كان إعجاب أحدهم كبيرا بجمال هذا الموقع الرائع الذي ذكره -على حد قوله- ببعض مناطق الهند التي تكسوها الثلوج، قبل أن يلتحق برفقائه لإلْتقاط بعض الصور على خلفية شلال صغير من مياه الثلوج. كما سجل حضور رعيتين صينيتين بذات الموقع بداية الظهيرة أسرتا بدورهما بروعة المكان وسرعان ما بادرتا بالْتقاط صور تذكارية. لكن أوفر الزوار حظا أولئك الذين أسعفهم الحظ في بلوغ أعالي الشريعة على ارتفاع نحو 1500 متر، لينعموا بمنظر يحاكي الخيال تغلب عليه أشجار الأرز التي تكسوا المنطقة و تمتد على طول مدينة الورود. ولم تمنع قساوة الطقس وبرودته، الأطفال من الاستمتاع حيث يتراشقون تارة بكريات الثلج ويجوبون المنطقة تارة أخرى في نزهة على ظهر الأحصنة. الحديقة الوطنية للشريعية... فضاء بيئي مصنف تعرف الحديقة الوطنية للشريعة الواقعة في قلب السلسة الجبلية للبليدة (جزء من الأطلس التلي) سيما بمحطة التزلج التي تعد ناديا يشجع على ممارسة هذه الرياضة، وصنفتها اليونسكو في 2002 محمية طبيعية كونها تحوي غابات شاسعة لأشجار الأرز المعمرة التي تعتبر بدورها ملجئا لأنواع قردة مهددة بالانقراض هي المكاك البربري. منذ تدشينها في 1980، تسمح المصاعد الهوائية التي تربط البليدة والشريعة للزوار ببلوغ الحديقة دون تكبد عناء اكتظاظ حركة السير سيما خلال هذه الفترة التي تميّز ذورة الموسم. وأمام الإقبال الكبير على المصاعد الهوائية ال136 التي تمّ تجديدها، لا يجد الزائر من حيلة سوى التحلي بالصبر حتى لا يفقده طول الانتظار متعة الترفيه والنزهة.