لبست جبال الشريعة حلة بيضاء جميلة في هذه الفترة وازدانت بألعاب التزلج التي لعب ومرح بها الأطفال كثيرا، وحتى الكبار وكانت تجمعات العائلات هناك خلال العطلة الأسبوعية للتمتع والاستمتاع بالمناظر الطبيعية المتميزة وكذا بروعة الجبال والأشجار التي لبست حلة بيضاء زادت في بهائها وجمالها. يستقطب ذاك المكان الساحر العديد من الزوار باعتباره قطبا سياحيا وطبيعيا، حيث يشهد المكان في هذه الفترة الشتوية بالذات تدفق الآلاف من العائلات على هذه المنطقة والتي استغلت تساقط الثلوج للترويح عن النفس واللعب والتزلج والتقاط الصور والتمتع بمناظر غاية في الروعة والجمال متمردين على برودة الطقس، ورغم كثافة الزوار وعدد غير محدود من السيارات إلا أن قلب الشريعة يسع الجميع ولا يضيق بأحد فهي تمتد على مساحة تفوق 26 ألف هكتار، بحيث انتشرت مختلف الشرائح العمرية هناك وعقد الزوار جولات من أجل التعرف على الثروات الطبيعية لهذه الحظيرة، بحيث أعدت لهم السلطات المحلية التابعة لذات الناحية مجموعة من المرافق الضرورية على غرار المقاعد وصالونات الشاي من دون أن ننسى الباعة المنتشرين هناك، والذين وفروا الشاي وبعض المكسرات وكان الإقبال عليهم كبيرا من طرف الزوار للتزود ببعض المشروبات الساخنة. وتجدر الإشارة أن جبال الشريعة بولاية البليدة والتي تلقب بمدينة الورود والتي تبعد ب50 كلم جنوب العاصمة الجزائر، تعد أعلى قمة في سلسلة الأطلس البليدي وهي تبعد ب19 كلم عن المدينة، تعلو عن سطح البحر بأكثر من 1600 متر فهواءها له ميزة طبية، وهي الأكثر تنوعا بيئيا وثراء في منطقة الوسط الجزائري، فهي تزخر بأكثر من 380 نوع نباتي وأكثر من 800 فصيلة من الحيوانات، وحظيرة الشريعة هي واحدة من الحظائر الوطنية المحمية بقوة القانون من حيث ثرواتها النباتية والحيوانية خاصة النادرة منها. انتهزنا الفرصة واقتربنا من بعض العائلات التي اختارت منطقة الشريعة للتنزه والترويح على النفس وسط زخم طبيعي ثري ومتنوع وآخاذ، بحيث تشهد تدفق العائلات من كل حدب وصوب للاستمتاع بذلك النسيج الطبيعي والإبداع الرباني بعيدا عن ضوضاء المدينة وصخب العيش وضغوط الحياة والتحليق بين أشجار الصنوبر والأرز والسرو هناك، وهي الفرحة والمتعة التي أبانها الكل صغارا وكبارا، بحيث كانت لنا الفرصة للاقتراب من بعض العائلات والوقوف على شعورها وهي وسط أكوام الثلوج، واختار الكل لعبة التزلج على الثلوج من مختلف الشرائح العمرية نساء ورجالا من دون أن ننسى فئة الأطفال التي استمتعت بالتزلج فوق الثلوج، واختارت عائلات أخرى إعداد الشواء والشاي لنسيان برودة الطقس العالية جدا لولا احتماء الكل بالألبسة الصوفية الثقيلة والقبعات الشتوية. قالت إحدى السيدات التي وفدت من العاصمة إنها اختارت قضاء العطلة الأسبوعية بالشريعة مع العائلة، كقطب سياحي هام يستقطب الزوار خاصة مع إلحاح أبنائها على زيارة تلك المنطقة للاستمتاع بمنظر الثلوج التي كانت تتساقط في تلك الأثناء على رؤوس الزوار، ومن أجل التزلج أيضا لتضيف بالقول أنها هي الأخرى ترغب في التزلج على الثلوج التي غطت أرضية المنطقة لاسيما وأنها اعتادت على ربط زيارات إلى هناك وليست المرة الأولى بل اعتادت على التنقل إلى ذلك المكان الساحر الذي يجذبها وعائلتها في فصل الشتاء خاصة بعد أن تلبس حلة ثلجية بيضاء. أما سيدة أخرى من ولاية وهران فقالت إنها المرة الأولى التي تتاح لها فرصة زيارة المنطقة مع عائلتها، وعن شعورها قالت إنها رعبت كثيرا أثناء مشوارها إلى هناك بالنظر إلى المسالك الوعرة والمنحدرات وكانت تحث زوجها في كل مرة على التأني في قيادة السيارة، إلا أنها بعد وصولها إلى تلك المنطقة الساحرة تناست الخوف وراح أطفالها يتزلجون في الثلوج ويلعبون ويتراشقون بالكريات الثلجية فيما بينهم، وما شدنا أيضا هو قيام الأطفال بصناعة الدببة أو (لي نونورس) بالثلج وكانوا يصنعونها فوق سياراتهم بعد أن أرادوا مرافقة تلك الدببة في رحلة العودة إلى البيت بحيث ازدانت أغلب السيارات بتلك التماثيل الثلجية على طول الطريق. وتيقنا أن منطقة الشريعة بشيء يسير من الهياكل والخدمات فتحت ذراعيها لاستقبال الزوار ومنحتهم فرصة للمتعة والاستجمام لا يستوعب حلوها إلا من زارها، ولا يعني أن الزوار يتدفقون عليها مع بداية فصل الشتاء فقط بل طوال أشهر السنة نجدها تعج بالسياح من مختلف مناطق الجزائر وحتى من دول عربية وأوربية خاصة فرنسا للاستمتاع بذلك القطب السياحي الفريد من نوعه الذي يعد مكسبا وثروة حقيقية للجزائر وجب الاهتمام بها وعدم تضييعها.