خسر سعر البرميل الواحد من البترول ما قيمته 58 دولارا للبرميل خلال الفترة الممتدة من ماي 2014 إلى جويلية 2017، ما أدى إلى تقلص موارد البلاد من العملة الصعبة وتقييد الخزينة العمومية ماليا، حسبما أفاد به وزير المالية، عبد الرحمان راوية. وأوضح الوزير خلال عرضه لمشروع القانون المتمم للأمر المتعلق بالقرض والنقد في جلسة علنية بمجلس الأمة، ترأسها نائب رئيس المجلس حوباد بوحفص، أن متوسط سعر برميل النفط الذي يسمح بتحقيق توازن في الميزانية العمومية خلال السنة الجارية هو 70 دولارا في حين أن سعر البرميل حاليا لا يتجاوز 60 دولارا. وتراجعت قيمة الصادرات الجزائرية من المحروقات من 3،60 مليار دولار في 2014 إلى 7ر18 مليار دولار خلال السبعة أشهر الأولى من 2017، في حين ينتظر أن تصل قيمة صادرات المحروقات مع نهاية 2017 إلى 31 مليار دولار. هذه الوضعية أدت، حسب الوزير، إلى تعرض الخزينة العمومية لقيود قوية بفعل تقلص الموارد المالية واستنفاذ المدخرات العمومية، مما يلزم الحكومة باللجوء إلى آلية التمويل الداخلي أو التمويل المزدوج الداخلي والخارجي. وأوضح الوزير في هذا الإطار، أن اعتماد التمويل الخارجي والذي استعمل كأداة خلال التسعينات خلف آثار كبيرة وخدمة دين لا تطاق أدت إلى اختلال ميزان المدفوعات. وعليه تابع الوزير: أمام هذه الوضعية، فإنه لا مناص من تغطية العجز الميزاناتي، وذلك باللجوء إلى صيغة التمويل الداخلي ، مبرزا أن التمويل غير التقليدي يعد من أنماط التمويل الداخلي الذي يسمح بمواجهة الاختلالات الظرفية في التوازنات المالية. وسترفق هذه الآلية، حسبه، بإصلاحات هيكلية اقتصادية وميزانياتية من اجل استعادة توازنات الخزينة العمومية، وتلك المتعلقة بميزان المدفوعات عند نهاية الخمسة سنوات المقررة. وبالنسبة للإصلاحات المالية التي شرع فيها منذ سنوات، كشف الوزير أن العمليات المنجزة والتي بدأت تعطي ثمارها في الميدان ستتوج بتقديم مشروع القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية، الذي هو قيد الدراسة على مستوى الأمانة العامة للحكومة من أجل الإثراء بمشاركة باقي الدوائر الوزارية. وحسب راوية، فإن الإصلاحات في مجال عصرنة النظم المالية والمصرفية والجهود المبذولة لعصرنة النظام الميزانياتي بدأت تعطي ثمارها رغم استغراقها مدة من الزمن كون أي عملية إصلاحية تتطلب وقتا لتحقيق الأهداف. وبخصوص احتياطات الصرف التي بلغت 8،105 مليار دولار مع نهاية جوان الفارط، يقول راوية، يمكن أن تتقلص لتصل إلى 97 مليار دولار مع نهاية 2017. إلى جانب ذلك، قال الوزير أن ودائع صندوق ضبط الإيرادات استنفذت بالكامل في فيفري 2017 بعد أن غطى 8.800 مليار دينار من عجز الخزينة في 2014 و2015 و2016. واقترح الوزير جملة من الإصلاحات لتخطي هذه الوضعية المالية، من خلال وضع إطار للنفقات على المدى المتوسط وإصلاح القطاع المصرفي، من خلال عدة إجراءات منها تعميم وسائل الدفع الالكتروني و إدخال الإعلام الآلي في التعاملات. وحسب راوية، فإن فتح فروع للبنوك الوطنية في الخارج من أجل تعبئة العملة الصعبة يحتاج إلى الدراسة والتمعن قبل تبني الصيغة الملائمة، مشيرا إلى أن الحكومة تعمل على ذلك من خلال مخطط عملها. كما أكد راوية أن قانون النقد والقرض الساري المفعول لا يتعارض مع تداول المنتجات المالية الإسلامية، التي ينتظر أن تعرض خدماتها في السوق و تؤطر بصرامة. وستعرف المصالح الجبائية أيضا عصرنة لإجراءات تسييرها، وفق الوزير، من خلال نظم حديثة للإعلام الآلي وتبسيط الإجراءات.