أكد الياس مرابط، رئيس النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية ل السياسي أن مشروع قانون الصحة الجديد يحمل في طياته دلالات التسرع، موضحا أنه سيكون له عواقب سلبية على فرص الظفر بالحق في العلاج لشرائح هامة من المواطنين، مشددا على ضرورة تكريس حق المواطن في العلاج بكل مستوياته ويبقى على الدولة حل مشاكل التغطية المالية وتوفير ميزانيات تساير حاجات المواطن من الخدمات الصحية. تفاوتت الآراء حول مشروع قانون الصحة الجديد لما يتضمنه من مواد قد تؤدي إلى تدهور أكثر في القطاع ما تعليقكم عليه بشكل عام؟ هناك تناقض واضح بين ما تنصه المادة 12 من مشروع القانون وما يلتزم به الدستور الجزائري في باب الرعاية الصحية، فالمادة 66 من الدستور تأكد أن للمواطن الحق في الرعاية الصحية وتضيف أن الدولة تتكفل بالبرامج الوقائية ومكافحة الأمراض المعدية إلى تسهر الدولة على توفير شروط العلاج للأشخاص المعوزين . في نفس مشروع القانون وفي الفصل المخصص لمصادر تمويل المنظومة الصحية، المواد 343، 344، 345 إلى 350 يوضح جليا دور الأطراف أو الجهات التي يقع على عاتقها التكفل بمشاريع أو تكلفة العلاج، فالدولة تتكفل بالجانب الوقائي والخدمات الصحي القاعدية إلى جانب التكوين والبحث العلمي، بينما تساهم أموال المؤمنين اجتماعيا عن طريق الصناديق cnas / casnos في تغطية نسبية لتكاليف الرعاية الصحية التي تقدمها المؤسسات الصحية العمومية وهذا يطرح أكثر من سؤال لما نعرفه من نقص في الخدمات في القطاع الحكومي ولما نرى التوجه العام لمشروع قانون الصحة وهو تسهيل وتبرير وتوسعة نفوذ المستثمرين الخواص داخل منظومة الصحة، من جهة أخرى، دور الجماعات المحلية في عملية التمويل ؟؟ ونحن نعرف العجز المالي الخانق والمزمن الذي تعيشه غالبية البلديات (أكثر من 1000 بلدية من أصل 1541 في 2015) المادة 348 تفتح الباب لتمويل آخر غير مفصل فيه ومتروك إلى تدابير إجرائية لاحقة، وهي المساهمة المالية المباشرة للمريض في دفع جزء من تكاليف العلاج حتى ولو كان لديه تأمين (المادة لم تستثني المؤمنيين اجتماعيا) وهذا دليل دامغ ينفي ما جاء في المادة 12 من المشروع. أثار تقنين الإجهاض وتحديد النسل في مشروع قانون الصحة فتنة، ما تعليقكم؟ مسألة الإجهاض لدواع طبية مطروحة باستمرار وفي كل المجتمعات، ولذا كان لا بد أن يثير مثل هذا الاقتراح جدلا ويثير ردود أفعال أطراف عديدة يصعب أن تجمع بين الضرورة الطبية المعرفة علميا والفتوى الشرعية الدينية وهي مطروحة إلى يومنا حتى في البلاد المتقدمة الغير مسلمة إلى جانب عادات وتقاليد كل مجتمع. النقابة الوطنية تبدي رأيها في الجانب الإجرائية الطبي ومن هذه الزاوية نعتبر أن المواد 80 الى 82 من مشروع القانون تتطلب مراجعة لأنها لا توفر حقيقة ضوابط يمكنها منع الانحرافات باستعمال الإجهاض في غير محله، لذا من الضروري رفع عدد الأخصائيين مع إلزامية الأخذ برأيهم وتحديد هوية أو نوعية الاختصاصات المعنية حسب الحالات حياة الأم في خطر أو تعرضها لتعقيدات صحية خطيرة، أو تشوه جيني خلقي عند المضغة أو الجنين يتنافى واستمرار الحياة . أما تحديد النسل المتعارف عليه عالميا هو تنظيم النسل وليس تحديده، فتنظيم الولادات وتباعدها يضمن الصحة الجيدة للأم والرعاية الأحسن للأطفال من جهة كما يمكن للدولة من بناء برامج تنمية ترتكز على معطيات ديموغرافية متحكم فيها. بعض نقابات الصحة قررت تشكيل جبهة لمعارضة تمرير مشروع قانون الصحة الجديد، ما رأيكم؟ نحن نرى ضرورة في توسيع رقعة التشاور بين الأطراف الرافضة للمشروع لأنه يهدد مباشرة تكريس الحق في العلاج لكل الجزائريين والموقف ليس نقابي فقط بل هو موقف مواطنة يخصنا جميعا و نأمل خيرا في نواب الشعب رغم كل ما يقال عن دور البرلمان والمصادقة على مشاريع القوانين. هذا القانون قديم تم تجميده في عهد الوزير بوضياف إلا انه عرض مباشرة على لجنة البرلمان، ألا ترون أن هذا أمر غير قانوني؟ مشروع القانون لم يتغير فهو نفسه الذي صادق عليه مجلس وزراء سابق في عهد بوضياف وتحول بعد المصادقة إلى مشروع الحكومة، كنا نأمل في أعادت فتحه للنقاش معنا ولكن الحكومة فضلت وضعنا مرة أخرى أمام وضع قائم. مشروع القانون يتضمن أكثر من 40 مادة تفرض عقوبات بالسجن على الأطباء ألا ترون آن هذا البند يفتح المجال أمام تجريم الأطباء. نحن نرافع منذ سنوات لرفع التجريم على عمل الأطباء لأنه مبدئيا وباستثناء حالات شاذة عمل إنساني يهدف إلى مساعدة المريض وموافقته والتكفل بمشاكله الصحية إلا أنه عمل فيه هامش من الخطأ ونحن مطالبون بأخذ بالأسباب ولا يمكننا ضمان نتيجة العلاج في أي اختصاص كان.