لم تتمكن أي قوة عسكرية عربية إسقاط طائرة نفاثة صهيونية منذ سنوات، لهشاشة دفاعات العرب، وليس لقوة الطيران العبري، الذي شكل دائما نقطة إرتكاز أساسية لهذا الكيان في جميع حروبه مع الدول العربية قبل 30 سنة وبعدها في عهد المقاومة، لكن الذي قام به الجيش السوري صبيحة السبت الماضي، فاجأ الجميع، وقلب المعادلة رأسا على عقب، وترجم الصمت وحق الرد الذي كان ينتقده البعض في النظام السوري، إلى فعل جاد، أعاد الجميع إلى مكانهم الطبيعي ! لأول مرة يرد الجيش السوري على الطائرات الصهيونية التي كانت تصول وتجول في سماء سوريا، منذ سنة 2013، في عز إنهماكه ضد مخطط التقسيم الذي استهدف سوريا فيما يسمى بالربيع العربي ، الرد هذه المرة لم يكن عاديا ولم يكن على الأراضي السورية بل كان فوق الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبإسقاط طائرة ..وأي طائرة ؟إنها مفخرة الصناعة الأمريكية أف 16، وبسقوط هذه الأخيرة سقطت معها أقنعة حكام العرب وأبواقها، الذين كادوا يعلنون الحداد بعد هذه الخطوة الجريئة من قبل الجيش السوري ! هذا المنجز حاولت بعض الابواق الاعلامية أن تقلل من شأنه، بالرغم أنه هز الكيان الصهيوني في الصميم، وجعل (النتن- ياهو) يهرول بالاتصال بكل من واشنطن وموسكو لوقف تدهور الوضع.. فالأمر ياسادة لا يتعلق بمدى مقدرة الجيش السوري بإلحاق هزيمة بالصهاينة بشكل مباشر بل هو متعلق بالجرأة على الرد في ظل الخنوع والخضوع الذي طال الدول العربية التي أصبحت تتهافت على تل أبيب لنيل رضاها، ليس هذا فقط بل تم تأسيس جبهة مطبعة مع الكيان لنسف أي مجهود مقاوم ضد الكيان الغاصب، في نفس الوقت تم توجيه البنادق الصدئة لبعض الدول العربية إلى صدور إخوانهم في اليمن، باسم الطائفية التي سممت الجميع وجعلتهم يقبلون باسرائيل كحليف ويعزلون الأشقاء والأصدقاء لأنهم فقط لا يعترفون بالكيان العبري ! هناك من حاول رمي حجر أخر، للإبقاء على المتموجات في تلك البركة المذهبية الملوثة من المحيط الى الخليج، بغية إعطاء الزعامة والتفوق للصهاينة مقابل أن تحافظ بعض مماليك الرمال على السلطة الدينية والسياسية في الوطن العربي، وهذا الأمر يستدعي طبعا حشد إعلاميا مكثفا عبر مختلف وسائل الإعلام ومنصات شبكات التواصل الاجتماعي، لتعويم أي انتصار على أنه هزيمة مثلما حدث مساء السبت المنصرم بالتمام، حيث استهزأت بعض الابواق بإسقاط الطائرة الصهيونية، ونزعوا شرف البطولة من الجيش السوري والصقوه بالإيرانيين في رسالة مفادها أن طهران هي من أسقطت الطائرة الصهيونية رغم أن العدو اعترف بأن سقوطها كان بصاروخ سوري مطور سام 5 ، إلا أن هذه الأبواق تحاول القفز على أي حقيقة من أجل دعم الطرح الصهيوني، من خلال العزف على وتر الطائفية بغية تمرير مشروعهم المشترك في المنطقة. بغض النظر عن إختلافنا مع النظام السوري من عدمه في العديد من القضايا والمواقف، لكننا لا يمكن أن نختلف أبدا، على أن إسقاطه للطائرة الصهيونية شكل ضربة موجعة للكيان الغاصب وردا قاسيا على استباحت هذا الأخير للأراضي السورية طيلة الخمس السنوات الماضية بهدف القضاء على الجيش السوري بالكامل، لكن صمود دمشق طيلة هذه المدة أغاض إسرائيل واشنطن ودولا عربية متحالفة معها لذلك استمرت الغارات الصهيونية حتى بعد سقوط داعش في سوريا، ليأتي الرد الحاسم مفاجئا، بصاروخ واحد أخلط الأوراق وفتح الأبواب لأول مرة على سيناريوهات جديدة إرتعدت فيها فرائس الكيان الصهيوني . يصب ما نشره الإعلامي اللبناني سامي كليب، عبر صفحته على الفاسبوك،حول سقوط أسقطت الطائرة الصهيونية،في صميم التوجه الجديد لمحور المقاومة ضد الكيان الصهيوني حيث قال تذكرت كلام أمين عام حزب الله حسن نصرالله على أن دول محور المقاومة سوف تتحرك من الآن فصاعدا كمحور وليس كدول منعزلة ، وكذلك ما قاله الرئيس السوري بشار الأسد له شخصيا أنه مهما طالت الحرب سنربحها في نهاية المطاف ونحن ندرك أن ما يحصل هو نتاج تواطوء دولي وعربي يراد له إنهاء القضية الفلسطينية وجعل إسرائيل قوة وحيدة لا منازع لها في المنطقة وتدمير دول المقاومة . كأن استراتيجية الردع السورية الجديدة، تطبق مقولة السياسي الديبلوماسي الجزائري الراحل رضا مالك لما كانت الجزائر تحارب الإرهاب، أن الأوان للرعب ان يغير مكانه ، وفعلا استطاعت القوات السورية ان تنقل الرعب الى الكيان الصهيوني الذي استنجد بموسكو وواشنطن من أجل التدخل لوقف أي تطور خطير للاوضاع، ولم يكن ليتحقق هذا الامر لو لم تلجأ دمشق الى الردع الذي يبقى هو الحل الوحيد للتصدي لاسرائيل وكذلك لتحويل أحلام البعض بتقسيم سوريا الى كوابيس ! .