عندما أعلن الرئيس الإيراني والسيد نصر الله وكثير من المسؤولين الإيرانيين، في أكثر من مناسبة، أن نهاية »إسرائل« اقتربت، لم تكن تلك التصريحات فقاعات إعلامية، أو وسيلة لنيل تعاطف الشعوب الإسلامية المتعطشة لوضع حد للكيان الصهيوني الغاصب، وإنما كان الأمر تعبيرا سطحيا عن خطط حقيقية وعملية قابلة للتنفيذ، أعدّ لها جيّدا المحور الإسلامي لتطبيقها في الحرب المقبلة مع محور الشيطان. الأحداث والتقارير التي نكشف عنها اليوم تؤكد أن ثمة حدث عظيم ستتمخض عنه المعركة المقبلة، بل إن التفاؤل يصل حد القول بأن نهاية الكيان الصهيوني تطرق الأبواب في ظل رغبة محور الممانعة عمليا في إخراج الأمة من مستنقع الذل، وإزالة عباءة الخنوع عن كاهلها.»الشروق« تقف عند الجبهة التي تنبعث منها راحة هذا الحلم الذكية، إنها الجبهة الثانية في المحور الإسلامي «سوريا».فهذه الأخيرة وبعد عزوف العديد من الدول العربية عن الصراع مع الكيان الصهيوني بعد حرب الخليج الثانية، تأكدت أنها عربيا باتت وحدها في المواجهة، لكن تخلي العرب المخزي عن هذا الواجب، بل وانقلاب بعضهم إلى أصدقاء وحلفاء للكيان الصهيوني لم يثنِ سوريا، التي قررت أن تخوض المواجهة حتى النهاية، ومن هنا لجأت إلى اعتماد فكرة »الحرب الشاملة«، لتشكل لبّ استراتيجيتها الدفاعية والهجومية، فدمشق قررت بشكل حاسم وعملي أن تكون المواجهة القادمة مع الكيان الغاصب شعارها تحرير فلسطين وإنهاء هذا الاحتلال للأبد. قوة النار الهائلة تغطي «إسرائيل» دلائل كثيرة ترجح تلك النظرية، فسياسة اقتناء الصواريخ البالستية المتوسطة والبعيدة المدى، بهدف بناء ذراع هجومية طويلة، تمنح سوريا قدرة فائقة على تهديد العمق الصهيوني، في هذا الصدد يقول الخبير الصهيوني »زئيف شيف« في صحيفة "»هآرتس«: »الجيش السوري يعزز قدراته وتطوير ترسانته الصاروخية، فالتركيز السوري على الصواريخ والقاذفات الصاروخية، جاء ليعوض قدرات سلاح الجو السوري أمام نظيره الصهيوني، فاستعاض عن ضرب إسرائيل من الجو، ببناء قوة نار هائلة بواسطة الصواريخ، التي تستطيع أن تقصف المدن الإسرائيلية عن بعد على نحو مدمر وفعال، حيث إن إصابة المواقع العسكرية داخل إسرائيل بواسطة هذه الصواريخ الحديثة في منتهى الدقة، كما أن استهداف المناطق المدنية الرخوة من شأنه أن يوقع آلاف القتلى في المواجهة القادمة«.تقول صحيفة »يديعوت أحرونوت«: »التطور المخيف الذي شهدته منظومة الصواريخ الهجومية السورية تعزز بشكل أكبر خلال العامين الماضيين، بعد نجاح حزب الله، عبر استخدام القصف عن بعد بواسطة صواريخ أرض أرض التكتيكية، شل مناطق شمال فلسطين طوال الحرب، وفي أقل من 18 شهرا الماضية استطاع السوريون امتلاك مخزوناً صاروخياً ضخما يضاهي أضعاف أضعاف ما تمتلكه المقاومة اللبنانية، كما ونوعاً«.وتضيف الصحيفة العبرية: »السوريون قاموا في منتصف جانفي الماضي بإجراء تجربة ناجحة لإطلاق صاروخ سكاد دي الذي يبلغ مداه 400 كلم، وقد أكدت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية تقول الصحيفة أن تعديلات أُدخلت على الصاروخ جعلته أكثر دقة وفتكاً، وأشد استعصاء على الإسقاط من قبل الدفاعات الاسرائيلية، وتزامنت هذه التجربة مع إعلان نائب وزير الدفاع الإسرائيلي الجنرال إفراييم سنيه، نجاح تجربة إطلاق الصاروخ الإسرائيلي حيتس المضاد للصواريخ«.وركزت الصحف العبرية أوائل الشهر الجاري على خبر مهاده »أن دمشق اشترت من موسكو صواريخ أرض أرض متطورة من طراز إسكندر إيه، التي يبلغ مداها 280 كلم، والتي يمكن تزويدها رؤوساً متفجرةً من أنواع مختلفة، وتمتاز هذه الصواريخ بالدقة العالية، إذ لا يتجاوز هامش الخطأ فيه 20 متراً، وهذا الصاروخ البالستي قادر على التملص من المنظومات المضادة للصواريخ«. سوريا تسرع استعداداتها للحرب صحيفة يديعوت احرونوت العبرية الصادرة نهار السبت الماضي تتحدث عما أسمته »الخطر الذي يتهدد أمن إسرائيل على الجبهة السورية« فتقول: »إن الجيش السوري أنهى استعداداته للمواجهة المقبلة مع إسرائيل، فقد قررت هيئة الأركان العامة في دمشق بحسب الصحيفة تقصير مدة خطة التدريبات السنوية كي تتصدى لما يعتبر في سوريا تهديد جاهزية الجيش الإسرائيلي للمواجهة خلال أسابيع«.وتضيف الصحيفة: »إن عام التدريب للجيش السوري هي خطة عمل دائمة تجري في كل عام في مواعيد محددة ومعروفة، وفي كل عام تضع هيئة الأركان العامة السورية أهدافا للتدريب والمستوى المطلوب، وفي كل مرة تجرى سلسلة من التدريبات، أما هذا العام فقد تقرر تغيير الجداول الزمنية وتكييفها مع ما يقدرون أنه جاهزية من الجيش الإسرائيلي للمواجهة«. وتؤكد الصحيفة: »انه بالتوازي مع حثّ عملية إعداد الجيش السوري للحرب، استكمل جهاز الأمن السوري صفقة مع الصناعات العسكرية الروسية لشراء عشرات بطاريات الصواريخ المضادة للطائرات من طراز أس. إيه 17 مقابل نحو مليار ونصف المليار دولار، وهو صيغة متقدمة من أس. إيه 6، وكما يذكر فإنه في حرب يوم الغفران كان صاروخ أس. إي 6 من أكثر الصواريخ فتكا«.وتضيف الصحيفة: »يدور الحديث عن صفقة أخرى من بطاريات متحركة مخصصة أصلا لحماية أطر كبرى من القوات البرية، ويصل أس. إيه 17 إلى مدى حتى 50 كلم ومزود بأجهزة متابعة وإصابة متطورة، وهو ما يعني أن سوريا تمكنت من رفع مستوى حمايتها الجوية. قواعد للصواريخ الباليستية تحت الأرض يؤكد الخبير في الشؤون السورية في معهد »دايان« التابع لجامعة تل أبيب »إيال زيسر«: »أن الموساد كشف عن مشروع سري سوري عسكري كبير يتضمن إنشاء قاعدة كبيرة لقاذفات صواريخ باليستية قادرة على تدمير تل أبيب«. ويواصل الخبير الصهيوني أقواله: »ثمة مجمع ضخم أقيم عميقا تحت الأرض ويضم 30 ملجأ محصنا من الاسمنت المسلح ومصانع لإنتاج الصواريخ ومختبرات«.ويضيف: »إننا نواجه خطر محدق فسوريا تمتلك 500 صاروخ سكود بي، و360 صاروخ سكود سي، وعشرات أخرى من صواريخ سكود دي، التي يبلغ مداها 700 كيلومتر، وبعض هذه الصواريخ مجهز برؤوس كيميائية مخزنة في قاعدة سرية أخرى حسب الخبير الصهيوني «.وأوضح المصدر ذاته: »أن إيران سلمت سوريا مؤخرا حوالي مئة صاروخ من نوع سي-802 ، وقد تعرضت سفينة حربية إسرائيلية لأضرار بعدما أصابها صاروخ من هذا النوع أطلقه حزب الله خلال الحرب في لبنان«. ويختتم المصدر بالقول: »المسؤولون في الموساد تأكدوا من أن سوريا شيّدت مجموعة من الأنفاق المحصنة قرب الحدود مع إسرائيل، ونشرت آلاف الصواريخ المتوسطة والبعيدة المدى«. عملية إبادة الدبابات الصهيونية في المعركة الخبير العسكري الروسي »فيكتور ليتوفكين« علّق في وقت سابق على صراع الصاروخ مع الدبابة في حرب 2006 بالقول: »إن حزب الله قد دمّر على أقل تقدير فرقة مدرعة من مجموع الفرق السبع التي يضمها الجيش الإسرائيلي، بينما اعترف الإسرائيليون بإصابة وتدمير ما يقارب لواء مدرع، لكن الحرب الإسرائيلية القادمة مع سوريا، ستشهد نهاية جميع الفرق المدرعة السبع الإسرائيلية، فدمشق تمتلك أنماطا أشد قوة تدميرية من هذه الصواريخ القادرة على الفتك بالدبابات التي تملكها حاليا إسرائيل«.وفي ذات السياق يكتب المحلل العسكري الصهيوني »أليكس فيشمان« قائلا: »سوريا حصلت منذ شهور قليلة على صفقة صواريخ مضادة للدروع متطورة من طراز كريزنتما، وهو خليفة صاروخ كورنت الذي أبلى بلاء حسنا في حرب لبنان الأخيرة، ويصل مدى الصاروخ ستة كيلومترات، ويتلقى الأمر بشكل مزدوج، من خلال جهاز رادار متطور جدا، لا يملكه أي صاروخ مضاد للدروع في العالم، ومن جهاز الليزر القادر على تشويش أجهزة التصدي للصواريخ، وصاروخ كريزنتما قادر على اختراق تدريع كل أنواع الدبابات، وللأسف فإن دمشق تمتلك منه الآن ما يربو عن سبعة آلاف صاروخ«. شل فاعلية المقاتلات الصهيونية من المعروف أن الكيان الصهيوني يمتلك أقوى سلاح جوي في المنطقة، وهذا السلاح لطالما كسر العرب في صراعهم مع تل أبيب، والسوريون يدركون أن أية مجابهة عسكرية مع الجيش الصهيوني، تفترض وجود منظومة دفاع جوي متطورة لتصحيح الخلل الناجم من فقدان التوازن الجوي، ومنذ ربع قرن تقريبا أتاح التفوق التقني الصهيوني في تعطيل وتدمير صواريخ سام السورية المرابطة في سهل البقاع اللبناني، وهنا يقول الكاتب الصهيوني عوفر شيلح: »قرر الرئيس السوري السابق حافظ الأسد بعد جوان 1982، أنه لم يعد في حاجة إلى سلاح الجو، لأنه أدرك أنه لن يستطيع التعاطي مع القوة المتطورة لسلاح الجو الإسرائيلي، لذا بدأ السوريون يبحثون عن التوازن في مكان آخر«.وكانت القناة الثانية للتلفزيون الصهيوني أثناء إجرائها تحقيقا عن »قدرات الجيش الصهيوني« بعد هزيمته في حرب لبنان الأخيرة، قد تعرضت للموضوع بالقول: »روسيا زودت سوريا بصواريخ مضادة للطائرات من طراز إس 300، وتقدر قيمة الصفقة بحوالي مليار دولار، وأن إيران الحليف الاستراتيجي لسوريا مول هذه الصفقة«.فسوريا منذ عام 1999، شكلت منظومة صواريخ دفاعية قوية، على غرار S-300VM ذات الفعالية العالية، وهي أحدث تعديل لمنظومة S-300V سام 12، التي تصنعها شركة كونكيرن أنتي الروسية، وقد أُدخل صاروخ إس 300 الخدمة ضمن سلاح الدفاع الجوي الروسي منذ عام 1996، ويؤكد الخبراء أنه قادر على إسقاط الطائرات الصهيونية فوق المناطق الشمالية لفلسطين، أي قبل أن تفكر في التحليق فوق سماء سوريا. قوات خاصة تتدرب على تحرير القدس منذ قرابة العشر سنوات والجيش السوري يعزز أفواج القوات الخاصة التي تحاكي في أسلوب قتالها أسلوب حرب العصابات، وتعتمد نظام تسلح مناسب يسهل إخفاؤه وتحريكه، وتشكل الأسلحة التي تتدرب على استخدامها تلك القوات، أنظمة صواريخ مضادة للطائرات، وصواريخ مضادة للدروع، وهذه الأخيرة تمثل العمود الفقري لهذه القوات، وتركز القوات الخاصة على تنفيذ الإغارات، وتنظيم الكمائن المخصصة للدروع والأفراد، والقتال الليلي، وإقامة العقد الدفاعية، وتضم في تشكيلاتها فصائل متخصصة في صواريخ أرض أرض ذات المدى القصير والمتوسط، وكان لنجاح الأساليب القتالية التي اعتمدتها المقاومة في حرب لبنان الماضية، أثرها البالغ في تعزيز هذا النمط القتالي لدى الجيش السوري، الذي اعتمد أساليب قتال غير تقليدية في وجه جيش تقليدي متطور، وتسليح هذه القوات بأسلحة خفيفة وفعالة، تربك العدو وتبطل الكثير من قدراته التكنولوجية الحديثة. يقول الباحث الصهيوني »فيشمان«: »تركز سوريا منذ شهور في عمليات البناء العسكري على توسيع هيكل القوات الخاصة، وإعطائها الأفضلية على بقية القطاعات الأخرى، وأن الجيش السوري طور الوحدات المضادة للدبابات وسلاح المشاة، وفي زمن قياسي تمت زيادة وحدات الكوماندوز والعمليات الخاصة، ليبلغ قوام أفرادها 80 ألف مقاتل«.ويضيف فيشمان: »إن التقارير المتواترة التي جمعها الموساد تؤكد أن ثمة عمل عسكري كبير تستعد له سوريا، فالقوات الخاصة التابعة للجيش السوري تتدرب بشكل مكثف على خطط الاقتحام والتوغل لمسافات بعيدة، كما أن تلك القوات تجري مناورات في قرى ومدن شبيهة بالمدن الإسرائيلية، تتدرب فيها على كيفية الملاحقة والمطاردة، وهو ما يجعلنا نجزم بأن سوريا قفزت من مرحلة استرجاع الجولان إلى مرحلة غزو واحتلال الأراضي الإسرائيلية«. الطريق إلى تل أبيب وفتح باب الجهاد الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية الصهيونية الجنرال »أهرون زئيفي«، قدم منذ شهور قليلة تقريرا لرئيس هيئة الأركان الصهيوني الجنرال غابي أشكنازي عبر رئيس الموساد الجنرال عاموس يادلين، التقرير الذي كشف محتواه عميل لجهاز استخبارات تابع لدولة خارجية في تل أبيب جاء تحت عنوان »العرب اقتربوا من تل أبيب«، أما محتوى التقرير فقد كشف عن مخاوف رئيس الموساد السابق مما أسماه »التدريبات القتالية الجديدة والأنماط الهجومية البرية الغريبة داخل الجيش السوري«، ويشرح «زئيفي» سبب مخاوفه بالقول: »كل المعلومات تؤكد أن سوريا تجهز لهجوم بري كبير داخل الأراضي السورية، لكن المخاوف تتضاعف من احتمالات فتح الجبهة السورية أمام المقاتلين والمتطوعين العرب الذين سيتوافد مئات الآلاف منهم عبر هذه الجبهة، إن الأعداء اقتربوا من تل أبيب«.في السياق ذاته يقول الخبير الاستراتيجي في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى »ديفيد ماكوفسكي«: »روسيا تزود سوريا بتقارير تؤكد أن إسرائيل تعد لهجوم عسكري عليها، مثلما نصح الاتحاد السوفييتي سوريا قبيل حرب 1967، وإن سوريا سمعت النصيحة وانعكس ذلك في استعداداتها العسكرية الدفاعية والهجومية«، ويضيف المصدر: »إن دمشق أنشأت جهازا جديدا لتعبئة وتدريب المتطوعين العرب للقتال في إسرائيل، وأن ثمة سرعة وكفاءة محسوبين تجعل هذا الجهاز قادرا على تحقيق أهداف التعبئة في زمن وظروف تفوق نظيرتها في جميع جيوش العالم، وتهدف سوريا من وراء ذلك جعل المعركة القادمة نهائية وحاسمة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، نظرا للعقيدة المنتشرة بين المسلمين والتي تشير إلى أن القضاء على إسرائيل سيكون في ظل قتال جماعي لهؤلاء، وفي هذا الغرض شكلت سوريا فرق اقتحام واشتباكات مدربة على أعلى مستوى ومزودة بأحدث الأسلحة في العالم، وهي أسلحة اقتحام صغيرة، مهمتها التعامل بشكل مباشر مع الخصم وإلحاق أكبر خسائر ممكنة به، وهذه الحرب ستكون شبه نظامية«.وجاء في تقرير آخر نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» منذ أسبوعين تقريبا ما يلي: »في الوقت الذي ستنشغل فيه القوات البرية الإيرانية في معارك طاحنة مع القوات الأمريكية بالعراق والخليج، ستهاجم القوات البرية السورية مدعومة بعشرات من المقاتلين العرب جبل شيخ في الجولان، وهذا سيتم بواسطة المروحيات المقاتلة وفرق الاقتحام، وستقوم المدفعية بدق معظم القواعد في الجولان، وقبل ذلك ستكون كمية كبيرة من الصواريخ قادمة من إيران وسوريا ولبنان قد دمرت معظم قواعد القيادة والسيطرة داخل إسرائيل، الأمر الذي سيمكن القوات المهاجمة من الوصول إلى العمق بأمان« ويختتم التقرير: »إن فرص نجاح سوريا في الحرب كبير جدا في ظل ضعف القيادة في إسرائيل وتشتت الفكر العسكري الإسرائيلي وانهيار نظرية الأمن القومي، التي شارفت على الانهيار بالفعل«. يتبع