فتيات مسترجلات يتحرشن ببنات جنسهن لم تعد ظاهرة الفتيات المسترجلات غريبة في مجتمعنا، لما تشهده من تزايد ملفت في أعداد هذه الشريحة من بنات حواء، لاسيما في المدارس و الجامعات، لكن ما بات يثير الدهشة لديهن أنهن لم تعدن تكتفين بالتشبه بالرجال في ثيابهم، و قصات شعورهم و أسلوبهم في الكلام، وحركاتهم أيضا، بل تعدته إلى التحرّش ببنات جنسهن. المسترجلات أو « الرجلة»، «المترجلة» أو «غارسون مونكي» مثلما يطلق عليهن بمجتمعنا، لا يخفين تمردهن على الأنوثة التي هي في نظرهن ضعف و عقبة أمام الكثير من الحقوق الطبيعية التي حوّلها المجتمع بعاداته و تقاليده إلى ممنوعات و محرّمات في رأي هذه الفئة التي باتت تمارس سلوكيات غريبة تجاوزت حدود التقليد الشكلي إلى تصرفات لا أخلاقية أكثر جرأة، كالتحرش بالفتيات و معاكستهن على طريقة الذكور أو بتحريض من الذكور. و قد أسرت بعض الفتيات تعرضهن لمضايقات وصفنها بالمقززة، من قبل فتيات جعلن من أنفسهن أشباه رجال، حتى و إن كن أنيقات في مظهرهن، لكن تصرفاتهن الغريبة و الشاذة، حولتهن إلى ظاهرة لا يمكن السكوت عنها، على حد تعبير إحدى الطالبات بجامعة منتوري التي سردت كيف أنها كانت عديد المرات ضحية معاكسات شاذة من قبل هذه الفئة التي ترصدتها خلف عمارة الآداب، على متن سيارة كانت تقودها فتاة بمظهر لا يبعث على الاطمئنان مثلما قالت، مؤكدة بأن عددهن كان ثلاثة و أمطرنها بعبارات المعاكسات المتداولة عموما في أوساط الذكور، مما أشعرها بالخوف فعادت أدراجها إلى الكلية لانتظار زميلاتها بدل التجوّل وحدها. و علّقت طالبة أخرى بأن الظاهرة لم تعد غريبة، لأن هذه الفئة لم تعد تتستّر على أفعالها و إنما تعلنها جهارا نهارا كما قالت ،و أشارت إلى إحدى الطالبات التي بدت لنا في البداية أنها عادية، قبل أن تتفوّه أمامنا بألفاظ بذيئة و هي تقترب من ثلة رفاق كانوا يتكئون على سيارة بنوافذ مظللة. و ذكرت بعض الطلبات بأن الظاهرة مسجلة بالإقامات الجامعية، بشكل ملفت و اعترفن بخوفهن و عدم اقترابهن منهن. و تحدثت بعض التلميذات في الطور الثانوي، بأن الأمر لم يعد يتوّقف عند تقليد الذكور في كل شيء حتى في الملابس الرياضية و العطور و حتى الملابس الداخلية، بل تجاوزه إلى معاكسة الفتيات، بنفس العبارات و الإيحاءات التي تعوّدوا على سماعها من الذكور، حيث سردت إحداهن كيف أنها كانت ضحية تحرّش من قبل فتاة مسترجلة بحي الكدية، مما استدعى تدخل والدها في القضية. و بخصوص هذه الفتاة قالت محدثتنا بأن عمرها يتراوح ما بين 20و 22سنة، كما أنها غالبا ما تكون برفقة منحرفين ذكور، و أضافت بأن الفتاة المسترجلة التي تقطن في حي شعبي، تعرّضت مؤخرا لاعتداء بالسلاح الأبيض على مستوى الوجه. و ذكرت تلميذة في قسم نهائي رياضيات بأنها تفاجأت، مؤخرا و هي تغادر حصة دعم بمركز تكوين خاص بوسط المدينة، باقتراب شاب منها بدأ في مغازلتها، قبل أن تسمع قهقهات بعض الذكور الذين كانوا يقفون أمام مطعم للأكلات السريعة، و الذين أثنوا على طريقة المعاكس التي قالوا أنها أفضل منهم لتعرف بأن معاكسها لم يكن سوى فتاة متشبهة بالرجل و بأدق التفاصيل، و لما روت ما حدث لها ولصديقاتها أخبرنها بأن الظاهرة لم تعد بالمثيرة للاستغراب، لأنهن يسجلنها باستمرار و سردن لها قصة فتاة مسترجلة لم تخف حبها لزميلة لهن، مؤكدات بأن مثل هذه الأمور باتت شبه عادية في يومياتهن. معاناة من مشاكل أخلاقية شاذة أو طريقة للتعبير عن تمردهن و اعتبرت النفسانية نورة دهيني هذه الفئة ضحايا بيئة ذكورية، جعلتهم يفرون إلى عالم وهمي، يحاولون من خلاله الشعور بالمساواة أو على الأقل محاولة الحصول على بعض الحقوق التي حرمتهن منها العادات و التقاليد، و حملت الأسرة المسؤولية في انتشار ما وصفته بالمشكلة الدخيلة على مجتمعنا، خاصة عندما تجاوز الأمر حدود التقليد في اللباس إلى الظواهر الشاذة. و انتقدت الآباء الذين يعاملون بناتهن كذكور و أبنائهم كإناث في مرحلة الطفولة، لما لذلك من أثر سلبي على حياتهم لاحقا، حيث تظهر على بعضهم اضطرابات نفسية، غالبا ما تكون لها علاقة برفض الجنس الذي ينتمون إليه. و من جهته يرى الدكتور عمران /مختص في علم النفس/ بأن ظاهرة تحرش المسترجلات ببنات جنسهن، قد يكون له سببين إما معاناة هؤلاء من مشاكل أخلاقية شاذة أو مجرّد طريقة للتعبير عن تمردهن الذي فشلن إلى حد ما في تحقيقه بشكلهن و تشبيههن للرجال شكلا و تصرفا، فحاولن أسلوبا آخر لاستفزاز الغير، مضيفا بأن هؤلاء في حاجة إلى تكفل نفسي جاد و على عائلاتهن تقديم الدعم النفسي و المعنوي لهن.