كثيرا ما يتساءل الأولياء عن تصرفات بناتهم التي يصفونها أحيانا بالخشونة، وغالبا ما يشبهونها بتصرفات الرجال وهو حال الكثير من بناتنا اللواتي تخلين عن طبيعتهن الأنثوية واستبدلنها بسلوكيات رجولية لا تليق ببنات حواء ورقتهن· والملاحظ هذه الأيام أن البعض ممن ينتمين إلى الجنس اللطيف راح يتمرد على طبيعته التي فطر عليها، ويتقمص صفات غير صفاته· وما أكثر هذه الحالات في مجتمعنا حيث يكاد المرء لا يفرق بين الفتاة المترجلة والرجل العادي فلا لباسها، ولا سلوكاتها، ولا هيئتها بصفة عامة توحي بأنها أنثى· بل وأكثر من ذلك تفضل بعضهن مناداتها باسم ذكر كحالة (كنزة) التي يطلق عليها أبناء حيها اسم (بوعلام) وهي راضية بهذا الاسم بل قد تتشاجر مع من يناديها باسمها الحقيقي، وهي فتاة لا يتجاوز عمرها خمسة وعشرين سنة لا يجد الناظر إليها أي سمة أنثوية في مظهرها سواء في لباسها، أو حركاتها، أو طريقة حديثها ونبرة صوتها، ولم يقف تقليدُها للشبان على مظهرها الخارجي فحسب بل تعدت ذلك إلى تعاطي المخدرات والخمر والإدمان على السجائر التي كانت في وقت مضى حكرا على الرجال إلا في الحالات الشاذة التي تتمرد فيها المرأة عن طبيعتها· وواصلت (كنزة) تمردها لتصل إلى معاكسة البنات في الشوارع بل وإقامة علاقات معهن دون الإفصاح عن حقيقة جنسها وهي الصفة التي ظننا أنها ميزة للرجال فقط لنجد اليوم من ينافسهم فيها· وموضوع استرجال البنات لا يرتبط دائما بالانحراف أو غياب الوعي وتدني المستوى الثقافي بل كثيرا ما نجد فتيات متعلمات حصلن على شهادات عليا لكنهن تجردن من أنوثتهن نتيجة تواجدهن الدائم في مجتمع رجالي، أو أنهن اقتحمن بعض ميادين العمل التي لا تليق إلا بالرجال كالحماية المدنية التي تحتاج إلى بنية قوية وتدريبات صارمة قد لا تقوى الفتاة على تحملها ما يدعوها إلى التخلي عن طبيعتها الأنثوية لتساير الواقع وتتكيف معه· ويعرف (محمد سيفور) وهو مختص نفسي في مصلحة الأورام السرطانية بمركز مكافحة السرطان بيار وماري كوري بالمستشفى الجامعي مصطفى باشا ظاهرة استرجال الفتاة بأنها اضطراب في الشخصية يعود إلى المراحل المبكرة للنمو، حيث يحدث الخلل في مرحلة مبكرة ما بين 0 و3 سنوات وهي المرحلة التي يتعرف فيها الطفل عن جنسه من خلال صورته الجسدية ثم ينتقل إلى مرحلة اكتساب سلوك الآخر أين تسعى البنت إلى تعلم سلوك أمها، وإذا قوبلت بأم تسعى إلى الكمال والمثالية في تربيتها فلن تستطيع اكتساب سلوكها، وبالتالي تكون البنت مهيئة لتتحول إلى فتاة مسترجلة في المستقبل مادامت لم تتعلم سلوك الأنثى خلال التكوين الأوّلي للشخصية· ويضيف محدثنا أن الأسرة غالبا ما تهيئ بناتها لتتشبهن بالرجال دون قصد منها، حيث تعمد بعض العائلات إلى مناداة بناتها بأسماء ذكور كحالة أم لها أربعة أولاد وبنت سمتها (آسيا) لكنها تناديها ب (حمزة)، كما أن وجود البنت في مجتمع ذكوري خصوصا في المراحل الأولى من التربية مؤثر بنسبة كبيرة، إضافة إلى ممارسة بعض الرياضات القتالية كالكاراتي· وتبقى التأثيرات نسبية وخاضعة للفروق الفردية·