إقامات جامعية تتحول إلى سوق سوداء و طلبة تجار يمارسون نشاطات غير مرخصة تنتشر داخل الأحياء الجامعية بقسنطينة تجارة غير مرخصة، أصحابها طلبة و طالبات حولوا غرفهم إلى صالونات حلاقة و أكشاك للفليكسي و محلات لبيع الملابس و مواد التجميل و حتى الأطعمة الجاهزة، و الملابس الداخلية، أسماؤهم معروفة و مواقع غرفهم لا يتوه عنها أحد لأنها تحمل لافتات ورقية كتب عليها «هنا حلاقة» أو « نبيع مواد تجميل»، «نخيط فساتين منزلية» و «نعد البحوث الجامعية». طلبة و طالبات بالإقامات الجامعية سواء بالمدينة الجديدة علي منجلي أو إقامة الخروب، يمارسون نشاطات تجارية سرية داخل غرفهم الجامعية، كل حسب ما يعتبره ضروريا لباقي زملائه، و من شأنه أن يحقق له ربحا إضافيا، بداية من وصولات تعبئة الهواتف، إلى تأجير مجففات الشعر و مكاوي الملابس، إضافة لإعداد البحوث الجامعية و كتابة مذكرات التخرج، و كذا بيع الألبسة و مواد التجميل التي يتم تسريبها الى داخل الإقامة داخل حقائب السفر التي يسمح بإدخالها للضرورة، فضلا عن نشاطات أخرى، كالحلاقة و بيع الأطعمة الجاهزة مثل المحجوبة و الكسرة و بعض الحلويات التقليدية كالبراج الذي يعد في المنزل مسبقا. طالبات يعتبرن التجارة شطارة ولا تكاد إقامة جامعية واحدة بقسنطينة تخلو من هذه الظاهرة الموجودة عبر أجنحتها فالغرف علقت على أبوابها أوراق كتب عليها «هنا نبيع أو نؤجر»، و إذا تعلق الأمر بخدمة نجد « الفيلكسي» ،الأكثر انتشارا في إقامات الذكور، مقابل هامش ربح يتراوح بين 20 إلى 30دج في كل عملية تعبئة. أما إقامات الفتيات فتعرف رواجا كبيرا لأنشطة أخرى أهمها الحلاقة و التجميل، إذ حولت بعض الطالبات الموهوبات في هذين المجالين غرفهن إلى صالونات حلاقة و تجميل كلفة الجلسة الواحدة فيها 300 دج لكل طالبة، و منهن من اخترن الاستثمار في مجفف الشعر و تأجيره للطالبات بمبلغ 35 دج للساعة الواحدة من الاستعمال، شريطة أن تترك كل زبونة بطاقة تعريفها قبل استعارة الجهاز و استعادتها بعد إرجاعه و دفع المبلغ المطلوب. محاميات و طبيبات و صحفيات المستقبل، فضلن وضع لا فتات على غرفهن، تشير إلى أنهن يبعن مستحضرات و مواد التجميل و العطور، متحديات بذلك إدارة الإقامات الجامعية، لتتمكن من تحسين ظروفهن المعيشية، حيث قالت لنا إحداهن وهي طالبة من مدينة عين البيضاء ولاية أم البواقي، بأنها تعتبر واحدة من بين مئات بل آلاف الفتيات اللائي يعملن كمروجات لمستحضرات شركات عالمية، مشيرة إلى أن الشركة التي تتعامل معها تمنحها نقاطا يحدد على أساسها دخلها، و هو مبلغ يرتفع، كلما زاد عدد زبائنهن، لذلك فإن الإقامة الجامعية بمثابة سوق خصب للربح. نفس الموقف ذهبت إليه الطالبة خديجة من مدينة فرجيوة، التي تكسب مصروفها من العمل لصالح أحد تجار الألبسة بالمدينة الجديدة علي منجلي، إذ تقوم بتوجيه الزبونات إلى محله الكائن بأحد المجمعات التجارية، مقابل عمولة تتراوح، حسب عدد الزبونات، بين 2000 إلى 3000 دج شهريا. يجمع بقايا الخبز اليابس ليبيعها لمربي المواشي تمارس العديد من الطالبات نشاطات تتعدى ذلك إلى بيع الملابس الداخلية و خياطة الأزرار و السحابات، و الفساتين، كما تقمن بإشغال الشك والخرز، و تحضرن أكلات تقليدية بالاستعانة بالمدفأة الكهربائية لتبعنها لزميلاتهن داخل الإقامة. كتابة مذكرات التخرج و إعداد البحوث الجامعية، نوع آخر من النشاط يمتهنه الطلبة الذين يملكون حواسيب خاصة يعد الإقبال عليهم كبيرا، بسبب نقص الأكشاك و فضاءات الانترنت الموجودة على مستوى الإقامات و حتى الحرم الجامعي و كثرة الضغط عليها، بينما يوفر هؤلاء إمكانية إعداد العمل المطلوب ليلا و بأقل تكلفة. ما شدنا خلال جولتنا بين الأحياء الجامعية بعلي منجلي، منظر طالب أخبرنا زملاؤه بأنه يقوم بجمع بقايا الخبز من المطعم، ليعيد بيعها لمربي المواشي، مؤكدين بأنه يتنقل بين الأحياء و يعمل بالتعاون مع مجموعة من أصدقائه المقيمين بها. الحاجة أم التدبير يتفق جميع الطلبة المقيمين في الأحياء الجامعية ذكورا و إناثا ممن تحدثنا إليهم، على أن وجود مثل هذه النشاطات داخل الإقامة لا يزعجهم البتة، خصوصا وأن الطلبة التجار يغطون العجز الموجود في الخدمات، فإيجاد وصل لإعادة تعبئة رصيد الهاتف على الساعة 11 أو 12عشرة ليلا داخل الإقامة، يعد مستحيلا لولا هؤلاء الطلبة، كما أنهم يقدمون خدمات متوفرة بشكل دائم و سلعا أقل تكلفة من الأسعار التي تفرضها الأكشاك و المحلات داخل الجامعة و التي عادة ما تشمل هامش ربح يصل حتى 20 دج. طلبة آخرون أسروا إلينا بأنهم يتخوفون من مصدر المنتجات التي يبيعها زملاؤهم، خصوصا الملابس و مستحضرات التجميل و حتى الهواتف النقالة، لكن الحاجة تدفعهم إلى شرائها أحيانا. نسرين طالبة في قسم الإعلام و الاتصال، رفضت في البداية أن تحدثنا عن حقيقة نشاطها الخاص بحلاقة و تصفيف الشعر، بالرغم من أن زميلاتها بالإقامة أكدن بأنها تمتهن الحلاقة منذ سنة تقريبا، و أن أعوان الحراسة يمزقون في كل مرة الورقة التي تعلقها على باب غرفتها لتروج لخدماتها، لكنها تعيد تعليقها مجددا، قبل أن تقرر الحديث إلينا لتؤكد بأن نشاطها ليس جريمة، حتى وإن كان مخالفا للقانون الداخلي للإقامة الجامعية، فحالها لا يختلف كثيرا عن حال الطلبة المقيمين، «منحتنا لا تكفي لاقتناء ما نحتاجه من مستلزمات و متطلبات، خاصة فنحن ننفق بين 2000 إلى 3000 دج على البحوث و الصور طبق الأصل و رصيد الهاتف، كما أن نوعية الإطعام لا تكون دائما في المستوى ومن بيننا من تشتري وجبة إضافية لسد جوعها، نحتاج أمورا خاصة كمزيل العرق و مصروف العودة أسبوعيا إلى منازلنا، و احتياجات أخرى تجعلنا نلجأ للتجارة كبديل» تؤكد الطالبة. مدير الخدمات الجامعية بعين الباي فيصل زاوية، أكد بهذا الخصوص، بأن مثل هذه النشاطات مرفوضة جملة و تفصيلا، و تعاقب عليها إدارات الأحياء الجامعية إما بغرامة مالية أو بالطرد من الغرفة لمدة محددة، بالرغم من ذلك يتحايل الطلبة و يمارسونها بطريقة سرية، مشيرا إلى أن مصالحه لم تتلق أية تقارير من قبل مدراء الأحياء الجامعية، لكن تم حجز عدد من المسخنات الكهربائية التي يحظر إدخالها، خوفا من الحرائق و التي كان الطلبة يستخدمونها للطهي في الغرف.