امتهنت الكثير من الطالبات الجامعيات بعض النشاطات و الحرف داخل الأحياء الجامعية لما تدره عليهن من دخل جيد و اضافي يساعدهن على تسديد مصاريف الدراسة و تغطية احتياجاتهن اليومية بدل الاعتماد على المصاريف التي يرسلها اليهن أولياءهن ، فبمجرد أن تطأ اقدامك الى داخل الحي الجامعي الخاص بالفتيات ستصادفك أوارق و قصاصات على الجدران في فحواها اعلانات و ما تبحث عنه المقيمات من خدمات مما يخفف عليهن مشقة الخروج الى خارج الحي لقضاءها ، "فالفليكسي" متوفر و صانعات الجمال لا يبخلن من وقتهن لمن يبحثن عن ساعة للترويح عن انفسهن و الشعور بجمالهن و هذا ما وقفنا عليه في زيارة استطلاعية لجريدة "المستقبل العربي" للحي الجامعي للمدرسة العليا للأساتذة حيث تبادلنا أطراف الحديث مع بعض الطالبات اللواتي وجدن في الاسترزاق داخل الحي ما يزيد من دخلهن و يهون عليهن صعوبة العيش بعيدا عن العائلة . مبالغ مالية معتبرة تجنيها صاحبات "الملينيوم" لم تكن رحلة البحث عن من يقدمن الخدمات في الحي الجامعي بالصعبة حيث قمنا بإتباع الإعلانات و ما تحتويه من تحديد دقيق لأرقام الغرف و الطوابق و حتى رقم الهاتف موجود ، فكانت وسيلة صاحبة 24 سنة أول من صعدنا اليها الى احدى الغرف في الطابق الثالث هي طالبة من ولاية "بسكرة" على عتبة التخرج في السنة الرابعة ليسانس أدب عربي تقوم بكراء شريحة "الملينيوم" لساعات أو ليلة كاملة و ذلك ابتداءا من الساعة التاسعة ليلا و بالمقابل تتحصل على مبلغ تراه كفيل لسد كل حاجياتها و متطلباتها الدراسية حدثتنا قائلة :" لا يمكننا أن ننكر أن العيش بعيدا عن أسوار المنزل و كنف العائلة صعب جدا خاصة عندما تلتفت امامك لتجد نفسك وحيدا ملزما على تحمل المسؤولية ،و أتذكر يوم دخولي للجامعة أين واجهتني بعض المشاكل المالية و التي صعبت علي الاندماج مع أجواء الجامعة فلم أكن أحسن ادخار المال لأجد نفسي بعدها خاوية الجيوب و مجبرة على الاقتراض من زميلتي في الدراسة على ان اعيد لهن المبلغ المقترض بعد العودة الى البيت ، و لكنه لم يستمر معي هذا الوضع بعدما فكرت في أن اعرض شريحة "الملينيوم" الخاص بي للكراء و مع أول اعلان وضعته على الباب الجامعي تهافتت علي المقيمات ، و من يومها لا يزال التوافد على هذه الخدمة مستمر و لك ان تتخيل العائد الذي اجمعه في كل شهر خاصة انني اقوم بكراءها للساعتين ب 100 دج و ليلة كاملة بمبلغ يتراوح بين 200 أو 300دج حسب العرض و الطلب" ، و تختم قائلة أن هذا النشاط وفر عليها أعباء ما تتطلبه الاقامة الجامعية و سمح لها بأن تكون مرتاحة ماليا و ساعدها على تقديم يد المساعدة لزميلتها في الحي في حالة احتاجنا للإقتراض." "الفليكسي" الجامعي وسيلة من وسائل الدخل و استمررنا في اتباع الإعلانات الملصقة حتى نرصد لكم مختلف النشاطات التي تمارسها الطالبات فكانت وجهتنا الثانية الى طابق اخر في احدى الغرف التي توفر خدمة "الفليكسي" و لكننا لم نجد صاحبة الغرفة مما اضطرنا للاتصال بها اين تبين لنا انها في بهو الحي الجامعي و طلبت منا الانتظار لدقائق معدودة لتوافينا بعدها و ترحب بنا في غرفتها .. هكذا التقينا ب "ياقوت" التلمسانية شابة في العشرين من عمرها تدرس سنة ثانية لغة فرنسية ، و التي هي الاخرى تمارس كمثيلاتها نشاط بالنسبة لها ساعدها على ادخار مال مناسب يكفيها على اكمال الشهر حيث تقول في هذا الصدد :" الدافع الاول الذي قادني الى مزاولة هذا النشاط هو غلاء المعيشة الذي لا تقوى مصارف الاهل التي تقدر ب 5000 دج للشهر على مجاراته خاصة أنني مضطرة الى شراء متطلبات الطبخ حتى أطهي لنفسي لأنني لا أحب الأكل في المطعم و هو ما يجعلني اهدر مالي في ظرف اسبوعين ليبدأ التفكير بعدها بضرورة ايجاد سبيل يساعدني على ادخار مال اضافي ووجدت ضالتي في توفير خدمة الفليكسي و ربح على كل تعبئة 20 دج" . تصفيف الشعر الخدمة الأكثر طلبا في الحي الجامعي توجهنا بعدها إلى احدى الغرف في الطابق الرابع كما هو مكتوب على ورقة الاعلان و هذا بعد تحديد موعد مع صاحبة الغرفة علن ريق الهاتف من أجل جلسة حلاقة و كان أول ما لفت انتباهنا جمال الغرفة و احتوائها على مستلزمات الحلاقة و أدوات التجميل و في حائط الغرفة رصدنا شهادة حلاقة تحصلت عليها حلاقتنا "تينهينان" وهي طالبة في السنة الثالثة لغة انجليزية من ولاية تيزي وزو قدر لها ان تتعايش مع أجواء الحياة الجامعية حتى تتبع حلمها في الدراسة و ان كان ذلك كلفها ان تكون بعيدة عن أهلها ، كما اننا لمسنا من حديث المتواجدات عندها في الغرفة مدى شعبيتها ، فحبها للفكاهة و المرح جعلها تستقطب زبائن اوفياء لها كما أن احترافها فن الحلاقة ساعدها لتدبر أجر الشهر ، ف"البروشينغ" وحده حددته متحدثتنا بمبلغ 200 دج للشعر القصير و 300دج للشعر الطويل بالإضافة الى مصاريف جلسات العناية بالبشرة و التي حددتها بمبلغ 500 دج خاصة أنها تستخدم كريمات خاصة و خلطات طبيعية من صنعها لقت اعجاب الوافدات اليها . 30 دج مبلغ طبع ورقة واحدة من البحث و تتعدى هذه النشاطات كذلك الى كتابة البحوث و طبعها و هو ما اتخذته بعض الفتيات كمهنة لهن خاصة انه أمر يثير اهتمام الطالبات اللواتي يحتاجن الى طبع بحوثهن و تسليمها للأساتذة ، فبدل التوجه الى مقاهي الانترنت وجدنا ما يبحثن عنه في احدى الغرف في الحي و التي تعمل صاحبته على تقسيم وقتها مابين دراستها و العمل على طبع ما اسند اليها من بحوث وهو ما تمتهنه "حياة" البالغة من العمر 23 سنة ، فامتلاكها للحسوب المحمول جعلها تفكر مرار و تكرارا في ضرورة استغلاله فيما يحسن من وضعها المادي وهو ما جعلها تنشط في هذا المجال و تقول في هذا الخصوص :" البداية كانت صعبة خاصة مع ضغط الدراسة الذي لا يسمح لي بالانشغال في مزاولة نشاط اخر و لكن بمجرد الاندماج مع الاجواء الجامعية و تعلم كيفية تقسيم وقتي ، جعلني أحمل إهتمامات الطالبات و انشغالاتهن بخصوص بحوثهن و العمل على كتابتها و تسليمها اليهن في الأوقات المحددة و هو ما جعل غرفتي تعرف اقبالا كبيرا من طرف المقيمات في الحي و ما زاد من مدخولي الشخصي و ساعدني على توفير كل ما أحتاجه و ما اشتهيه من مأكولات و ألبسو و غيرها من الأمور اللازمة." و تضيف قائلة فيما يتعلق بسعر الطبع : "احتسب طبع ورقة واحدة من البحث ب 30 دج و هو مبلغ قد يراه البعض بالكثير إلا انه ليس بقدر الوقت و التعب و الجهد الذي ابذله في كتابته ."