تواصلت أمس بمصر فصول العنف الطائفي الذي اشتعلت شرارته قبل أسبوع في أحداث إمبابة،التي ألقت بظلالها على مرحلة ما بعد مبارك بما يمثل تهديدا للمكاسب التي حققتها الثورة.فقد اندلعت في ساعة مبكرة من صباح أمس اشتباكات بين عناصر مجهولة وصفت "بالبلطجية" وأقباط معتصمين أمام مبنى الإذاعة والتلفزيون المصري في القاهرة مما أسفر عن إصابة ما لا يقل عن 70 شخصا. وتمكنت قوات من الشرطة والجيش في وقت لاحق من صباح أمس من السيطرة على الموقف والفصل بين الجانبين قبل أن تشرع في مواجهة المهاجمين الذين يتمركزون في حي بولاق أبو العلا القريب من مبنى التلفزيون المصري، كما تمكنت من إلقاء القبض على عدد منهم. وحسبما نقلته وكالات أنباء عن مسؤول أمني فإن الاشتباكات اندلعت بسبب خلاف على عبور الكورنيش بين ثلاثة أشخاص يستقلون دراجة نارية من سكان بولاق أبو العلا والمعتصمين الأقباط. وأوضح المسؤول أن التحقيقات الأولية كشفت أن مجموعة من المعتصمين اعترضت ركاب الدراجة النارية أثناء مرورهم من شارع كورنيش النيل وحدثت مشاجرة انتهت بعدم السماح لركاب الدراجة بالمرور فعادوا مسرعين إلى محل إقامتهم بحي بولاق أبو العلا المجاور واستعانوا بعدد من أصدقائهم وتوجهوا إلى مكان الاعتصام وألقوا عددا من قنابل المولوتوف على المعتصمين الذين ردوا بدورهم مستخدمين الطوب والحجارة. وأضاف إن أحد ركاب الدراجة النارية أطلق عيارا ناريا، مما أسفر عن إصابة بائع متجول نقل إلى مستشفى قريب لتلقي العلاج. وأكد المسؤول أن التحقيقات لا تزال مستمرة للتوصل إلى تفاصيل الواقعة وضبط أطرافها. يذكر، أن مئات الأقباط يواصلون اعتصامهم أمام مبنى التلفزيون منذ أسبوع إثر اشتباكات ذات طابع طائفي بحي إمبابة الشعبي بمحافظة الجيزةو في رد فعل له طالب بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية شنودة الثالث في بيان أصدره أمس ، المعتصمون أمام مبنى الإذاعة والتليفزيون المصري المعروفون ب " متظاهري ماسبيرو " فض الاعتصام فورا، وحذرهم من نفاد صبر الحاكم عليهم، مؤكدا أنهم الوحيدون الخاسرون إذا استمر اعتصامهم دقيقة واحدة أكثر من ذلك. وقال البابا شنودة في بيانه إن "الأمر قد تجاوز التعبير عن حرية الرأي، واتخذ شكل شجار وضرب نار، وكل هذا يسيء إلى سمعة مصر ويسيء للأقباط أنفسهم، ولذلك يجب فض هذا الاعتصام فوراً". يأتي ذلك بعد أن قرر عشرات الأقباط الاستمرار في اعتصامهم الذي بدأوه في الأسبوع الماضي، للمطالبة بمحاكمة مرتكبي أحداث صول وإمبابة، وإقرار قانون دور العبادة الموحد، وذلك بعد أن تعرضوا لهجوم من "بلطجية" مساء أول أمس . السبت. و نقلت قناة العربية عن أحد شهود العيان أنه تم إلقاء القبض على أحد البلطجية الذين هاجموا الأقباط وتحققوا من هويته التي أثبتت أنه عضو بالحزب الوطني بمحافظة الشرقية وتم تسليمه لقوات الأمن.و يعزز هذا الرأي الذي يذهب إلى أن أطرافا من النظام السابق ومن المستفيدين منه تسعى إلى تأجيج نار الفتنة الطائفية ضمن خطة تشجعها قوى خارجية تسعى إلى ضرب ثورة 25 جانفي و إفشال المكاسب السياسية غير المسبوقة التي حققتها. من جهة أخرى، ندد المركز المصري لحقوق الإنسان بالاعتداء على المعتصمين مطالبا المجلس العسكري ورئيس الوزراء الدكتور عصام شرف بإقالة وزير الداخلية منصور عيساوي لعدم تمكنه حتى الآن من إعادة الاستقرار للمجتمع، وترك قيادات الداخلية التي كانت تعمل تحت مظلة وزير الداخلية الأسبق اللواء حبيب العادلي تعبث بأمن البلاد، وتنشر الفرقة بين المصريين وتزيد من الاحتقان الطائفي، ومنح حرية للخارجين على القانون في القيام بما يريدون بحسب تعبيره، مطالباً بالاستعانة برجل مدني لرئاسة هذه الوزارة، وتقديم بعض الإصلاحات التي من شأنها إعادة الأمن والاستقرار مرة أخري للمجتمع.