«بابور وهران».. رحلة سياحية بنكهة متوسطية بلغ عدد المسافرين على متن الخط البحري بين وهران وشاطئ الكثبان بعين الترك أكثر من 40 ألف راكب في مدة 20 يوما بمعدل يومي يتجاوز ألفي مسافر عبر هذا الخط البحري الذي استأنف نشاطه بمعدل 8 رحلات يوميا ذهابا وإيابا، هذا إذا أخذنا بعين الإعتبار أن معدل ركاب الرحلة الواحدة هو 250 مسافرا حسب بعض المصادر، بينما تسع كل باخرة 330 راكبا. روبورتاج : بن ودان خيرة فعلى متن الرحلة التي قامت بها النصر ذهابا وإيابا لم نسجل سوى عشرات الأشخاص ولاحظنا بعض الرحلات التي تجاوز ركابها 150 شخصا، علما أن الرحلات استؤنفت هذا الموسم في 2 جويلية الجاري، عبر باخرتين تم إستئجارهما من إيطاليا وهما «ماريا دوناتا و إسكمار 3»، في إنتظار توفير بواخر من صنع وطني مثلما وعد به المسؤولون العام الماضي، عند إنطلاق أول رحلة بحرية من هذا النوع في جويلية 2017. 1050 دج لأسرة من 6 أفراد وتخفيضات للطلبة ويدفع كل راكب بالغ ثمن 250 دج للتذكرة ذهابا ونفس المبلغ إيابا، بينما يدفع الأطفال مبلغ 100دج و بالنسبة للأقل من 10 سنوات الركوب مجاني ، كما أن مؤسسة النقل البحري خصصت سعرا للطلبة يقدر ب 100دج، هي تفاصيل وجدناها منشورة في المحطة دون أن نبحث عنها، حتى يتمكن المسافر من ضبط حساباته قبل التقدم للشباك وطلب تذكرة الرحلة التي تدوم نصف ساعة. عند وصولنا للمحطة بميناء وهران وجدنا بعض العائلات في قاعة الإنتظار، والأولياء يصطفون عند شباك التذاكر، فلفت إنتباهنا شخص دفع 1050 دج لشراء 6 تذاكر، منها 3 تذاكر كبار و3 للأطفال، وهو ذات السعر الذي كان قد دفعه صباحا عند قيامه برحلة من عين الترك لوهران، وبعد قضاء أشغال أسرته عاد لبيته بعين الترك، وقال السيد محمد أنه فضل الباخرة لإراحة أسرته من عناء الحافلة التي يدفع بها أقل من هذا المبلغ أي ما يعادل 200دج ذهابا وذات السعر إيابا، أو 450 دج ذهابا عن طريق حافلات النقل الحضري من نوع «تويوتا»، ولكن الإستمتاع بمناظر مباشرة من البحر وراحة البال خلال الرحلة وربح الوقت الذي هو 30 دقيقة عوض ساعة ونصف أو أكثر في بعض الأحيان، هي عوامل جعلت السيد محمد يلجأ للباخرة كلما تنقل من عين الترك إلى وهران صيفا. بينما أكدت السيدة مخطارية التي وجدناها رفقة ولديها، أنها دفعت 350دج ثمن التذكرة لأن ابنتها الصغرى أقل من 10 سنوات، وهي تفضل الباخرة لأنها توفر لها عدة أمور منها ضمان العودة المريحة، عوض الحافلات التي قد تضمن لك العودة واقفا وتكون مكتظة وتكون رحلتها طويلة تفوق ساعة ونصف الساعة، وفي بعض المرات لا تأتي الحافلة في الوقت المناسب، بسبب الإزدحام المروري صيفا وتذكر السيدة مخطارية أنها ذات يوم لم تصل لبيتها سوى بعد 9 ليلا نظرا للظروف التي ذكرتها، أما منذ السنة الماضية فهي تستمتع بالبحر بكل راحة لأن العودة مضمونة ومريحة، وإلى جانب هذا فإن محطة الباخرة في شاطئ الكثبان بما يعني أنها تنزل مباشرة في الشاطئ وتبقى هناك لغاية العودة وتضيف أن الشاطئ عائلي ومحروس جيدا والأمن متوفر، ولولا هذه العوامل كلها لما تمكنت السيدة مخطارية من الوصول للبحر لأنها لا تملك سيارة ولا يمكنها القيام برحلة «العذاب» مثلما قالت عبر الحافلات. وخلال تواجدنا بالباخرة، لاحظنا مجموعة من الأطفال علمنا عند تقربنا منهم، أنهم متعودون على ركوب الباخرة كلما أرادوا التوجه للبحر، ولا يرافقهم أولياؤهم كون هؤلاء الأولياء في أغلب الأوقات لا يعلمون أين يذهب فلذات أكبادهم، حيث يقول نسيم ذو ال 14 سنة وهو أكبرهم، أن سعر 100 دج مناسب جدا له للقيام برحلة بحرية والإستجمام في شاطئ الكثبان ثم العودة في أمان، يوضح أنه كلما تحصل على مبلغ مالي إلا ويهرول للباخرة رفقة أصدقائه، ومن كثرة تعود والديه على ما يقوم به لم يعودوا يسألونه، فيما أضاف نبيل أنه يرافق نسيم بطلب من والده وكأن الأب يطمئن على إبنه رفقة قاصر مثله، ولكن الأهم أن يذهبا ويعودا عبر الرحلة البحرية معتبرينها أكثر أمنا من وسائل أخرى. ووسط كل هذا، وجدنا مجموعة كبيرة من الركاب من خارج وهران، منهم من شرق البلاد ومن الجنوب وحتى من الولايات المجاورة، وعشرات المغتربين، أغلبهم جاؤوا لوهران لقضاء العطلة الصيفية، منهم من جاء عند العائلة، ومنهم مصطافون لجؤوا لكراء شقق وآخرون من مرتادي الفنادق والقرى السياحية، المهم الجميع يفضل الباخرة للتنقل لوهرانالمدينة للتعرف عليها وعلى أماكنها السياحية والترفيهية، وكذا للتسوق وغيرها من المآرب، والأهم بالنسبة لهم أن الباخرة تضمن لهم الذهاب والإياب دون مشاكل البحث عن وسيلة نقل وما ينجر عنها من متاعب الإنتظار والإكتظاظ والحافلات المهترئة وغيرها. حماية الركاب ..تعليمات متواصلة عبر الرحلة كانت الساعة تشير لمنتصف النهار عندما فتحت أبواب محطة النقل البحري الباب لعشرات المسافرين الذين كانوا في قاعة إنتظار باخرة النقل البحري بين وهران وعين الترك الساحلية، وفي ظروف حسنة تطبعها فرحة الأطفال بركوب الباخرة لأول مرة، تمكن الجميع من الركوب وسط مرافقة عدة أعوان لضمان حماية المسافرين من أي خطر. ذات الحماية وجدناها داخل الباخرة ، خاصة في الطابق العلوي الذي ينقسم لقسمين أحدهما مغطى يسمح للركاب من التمتع بمناظر البحر والساحل الوهراني عن طريق نوافذ شفافة، والنصف الثاني مفتوح للراغبين في معانقة نسمات المتوسط مباشرة والبحر والإستمتاع بكل المناظر، وهنا يشدد طاقم الباخرة المراقبة خاصة على الأطفال الذي قد يدفعهم الفضول لأمور خطيرة رغم أنهم رفقة أوليائهم، أما الطابق السفلي الذي يمكن الدخول إليه مباشرة عند ركوب الباخرة، فغالبا ما يجلس فيه كبار السن والذين يصابون بدوار البحر أو حتى العائلات التي تخشى على أطفالها من الطابق العلوي، كما يتوفر هذا الطابق على بعض الخدمات منها المراحيض و حاويات القمامة، علما أن كل راكب يجد تحت الكرسي الذي يجلس عليه سترة النجدة لإستعمالها في حال الخطر وتعليمات إرتدائها معلقة على طول محيط الباخرة مع تعليمات أخرى لحماية الركاب، وبعد دقائق من ضبط كل الأمور أقلعت الباخرة. وعكس محطة الإقلاع من ميناء وهران التي توفر خدمات وحماية للمسافرين من لفحات أشعة الشمس في قاعة إنتظار مجهزة، فإن محطة العودة من شاطئ الكثبان، تثير دائما إستياء المصطافين المتأهبين للعودة لوهران، وتبدأ المعاناة من شراء التذاكر، حيث يجب على المسافر أن يصعد درجا طويلا ومتعبا جدا، خاصة إذا كان الزبون مصطافا في شاطئ الكثبان وأنهكه التعب، فغالبا ما يتم تسخير الأطفال للصعود وشراء التذاكر، أما الذي لا يرافقه أطفال فعليه بالمغامرة وكأنك تتسلق الجبال للوصول للقمة، وهو ذات الدرج الذي يجب أن تنزله بعد شراء التذاكر للوصول لرواق إسمنتي فوق الماء وتنتظر وصول الباخرة تحت أشعة الشمس مع خطر حواف الرواق على الأطفال، الذين غالبا ما يفضل العديد من الآباء الإنتظار فوق الشاطئ لغاية وصول الباخرة للرصيف لحماية أنفسهم وأولادهم. وفي نفس المحطة يلاحظ المسافر أن أشغال توسعة وتهيئة الرصيف ودعمه بكاسحات الأمواج، تتواصل بالتوازي مع الرحلات، وهي الأشغال التي كان من المفروض إنجازها السنة الماضية قبل إفتتاح الخط البحري لحماية الباخرة أثناء التقلبات الجوية، خاصة وأن أول رحلة رسمية العام الماضي، ضمنت الرسو بشاطئ الكثبان بصعوبة، وحسب مصادر فإن الأشغال ينتظر أن تنتهي هذا العام. مناظر المسار تسافر بك عبر الزمن أقلعت بنا رحلة الذهاب عند منتصف النهار، وبمجرد خروج الباخرة من الرصيف، تشعر بأنك ستسافر نحو عالم مغاير، خاصة عندما ترى الزبد الابيض الناجم عن سرعة المركب، وهو يطفو فوق الأمواج، قد تتذكر الحراقة ورحلات الموت، قد تتمنى أيضا أن يخفض الربان من السرعة بعد شعورك بدوار البحر، ولكن سرعان ما تفطن من غفوتك عندما تمر الباخرة بأخرى ، لكن سرعان ما يعود الجميع يتأملون وهران من البحر، والمسار الذي تشقه الباخرة يسمح للراكب أن يلتفت يمينا ليرى العمارات العصرية الزجاجية التي تصطف على طول الواجهة البحرية «عمارات موبيلار» التي تختفي وراءها العمارات القديمة والتي تضاهيها نوعا ما في الطول، ولكن عندما تلتفت يسارا، تجد عالما مغايرا، إنها وهران التاريخ والحضارات من حصن سانتاكروز، إلى حصون الأتراك بسيدي الهواري لغاية المرسى الكبير، ثم تبدأ مساكن الكورنيش التي تخلو من العمارات كونها مباني أرضية، ما عدا عمارات الفنادق الجديدة التي تطل على البحر هي وحدها تبرز التوسع العمراني الكبير الذي تعيشه بلديات الكورنيش، وتسبح بذهنك بين الماضي والحاضر لغاية محطة الكثبان، أين ترتسم نفس الصورة من فنادق عالية ومباني وآثار أخرى تلف منطقة «كاب فالكون» التي تعلوها «المنارة» التي تضيء مسار البواخر ليلا.