بتوفير كافة الشروط لضمان عدالة مستقلة ونزيهة    عطّاف يستقبل عزيزي    حاجيات المواطن أولوية الأولويات    اختتام زيارة التميز التكنولوجي في الصين    حشيشي يتباحث مع وفد عن شركة عُمانية    هيئة بوغالي تتضامن مع العراق    اعتداء مخزني على صحفي صحراوي    إعادة انتخاب دنيا حجّاب    ندوة بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة    توقيف مُشعوذ إلكتروني    الشرطة توعّي من أخطار الغاز    نتنياهو وغالانت في مواجهة سيف القضاء الدولي    مناشدة لحماية النساء الصحراويات من قمع الاحتلال المغربي    الجزائر تدعو إلى فرض عقوبات رادعة من قبل مجلس الأمن    الجزائر تسير بخطوات ثابتة لتجويد التعليم    الرئيس تبون رفع سقف الطموحات عاليا لصالح المواطن    استعداد لبناء شراكة قوية ومستدامة    رسميا.. رفع المنحة الدراسية لطلبة العلوم الطبية    دروس الدعم "تجارة" تستنزف جيوب العائلات    أحفاد نوفمبر.. قادة التغيير الاجتماعي والاقتصادي    العميد يتحدى "الكاف" في اختبار كبير    اتفاقيات بالجملة دعما لحاملي المشاريع    استذكار أميرة الطرب العربي وردة الجزائرية    التجريدي تخصّصي والألوان عشقي    اللجنة الوطنية الجزائرية للتضامن مع الشعب الصحراوي تشارك في الندوة ال48 لل"إيكوكو" بلشبونة    منظمة الصحة العالمية:الوضع في مستشفى كمال عدوان بغزة مأساوي    اكتشفوا أحدث الابتكارات في عدة مجالات.. اختتام "زيارة التميز التكنولوجي" في الصين لتعزيز مهارات 20 طالبا    الرئيس الاول للمحكمة العليا: الجميع مطالب بالتصدي لكل ما من شأنه الاستهانة بقوانين الجمهورية    المجمع العمومي لإنجاز السكك الحديدية : رفع تحدي إنجاز المشاريع الكبرى في آجالها    انخراط كل الوزارات والهيئات في تنفيذ برنامج تطوير الطاقات المتجددة    إبراز جهود الجزائر في مكافحة العنف ضد المرأة    مخرجات اجتماع مجلس الوزراء : رئيس الجمهورية يريد تسريع تجسيد الوعود الانتخابية والتكفل بحاجيات المواطن    دراجات/الاتحاد العربي: الاتحادية الجزائرية تفوز بدرع التفوق 2023    المهرجان الثقافي الدولي للكتاب والأدب والشعر بورقلة: تسليط الضوء على أدب الطفل والتحديات الرقمية الراهنة    وفد طبي إيطالي في الجزائر لإجراء عمليات جراحية قلبية معقدة للاطفال    كأس الكونفدرالية الإفريقية: شباب قسنطينة يشد الرحال نحو تونس لمواجهة النادي الصفاقسي    مجلة "رسالة المسجد" تنجح في تحقيق معايير اعتماد معامل التأثير والاستشهادات المرجعية العربي    كرة اليد/بطولة افريقيا للأمم-2024 /سيدات: المنتخب الوطني بكينشاسا لإعادة الاعتبار للكرة النسوية    الدورة الخامسة والأربعين لمهرجان القاهرة السينمائي : مشروع "غزة، من المسافة صفر" يفتك ثلاث جوائز    الحفل الاستذكاري لأميرة الطرب العربي : فنانون جزائريون يطربون الجمهور بأجمل ما غنّت وردة الجزائرية    الجَزَائِر العَاشقة لأَرضِ فِلسَطِين المُباركَة    عين الدفلى: اطلاق حملة تحسيسية حول مخاطر الحمولة الزائدة لمركبات نقل البضائع    الوادي: انتقاء عشرة أعمال للمشاركة في المسابقة الوطنية الجامعية للتنشيط على الركح    "تسيير الارشيف في قطاع الصحة والتحول الرقمي" محور أشغال ملتقى بالجزائر العاصمة    الابتلاء المفاجئ اختبار للصبر    وفاق سطيف يرتقي إلى المركز الخامس    مازة يسجل سادس أهدافه مع هيرتا برلين    وداع تاريخي للراحل رشيد مخلوفي في سانت إيتيان    هلاك شخص ومصابان في حادثي مرور    باكستان والجزائر تتألقان    سقوط طفل من الطابق الرابع لعمارة        قرعة استثنائية للحج    حادث مرور خطير بأولاد عاشور    سايحي يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النصر ترافق قافلة الخير إلى أكثر المناطق فقرا بالمدية
نشر في النصر يوم 16 - 08 - 2011

عائلات لم يدخل بيوتها اللحم في رمضان وأخرى تفطر على «الدشيشة»
رافقت النصر قافلة الخير التابعة لجمعية «كافل اليتيم» بالبليدة إلى بلدية بعطة بولاية المدية أين تم توزيع قفة رمضان وبعض الألبسة على الأرامل والأيتام والمعوزين بالتنسيق مع جمعية «المنار» ببلدية العمارية .
وتعد هذه البلدية الواقعة وسط سلسلة جبلية شمال المدية من المناطق التي عانت ويلات الإرهاب حيث تعاني عشرات العائلات بها اليوم من الفقر المدقع وتعيش في ظروف سكنية جد قاسية . وقد وقفنا على عدة حالات تدمي القلب لشدة قساوتها منها عجوز في عقدها الثامن تقيم في شبه كوخ لا يصلح اصطبلا للحيوانات ، وفتاة أخرى معاقة ذهنيا تعيش في عزلة عن المحيط الخارجي وتهرب من البشر وغيرها من الحالات الأخرى. انطلاق القافلة كان في حدود الساعة العاشرة صباحا على متن أربع سيارات من مقر مركز الرعاية النفسية والاجتماعية التابع لجمعية «كافل اليتيم» ، ووصلنا إلى بلدية بعطة في حدود منتصف النهار أين وجدنا رئيس البلدية في انتظارنا ويحمل معه قائمة العائلات المعوزة بالمنطقة ، و أغلبهم من ضحايا الإرهاب لتتوجه القافلة بعدها وسط طريق تحيط به الجبال من كل جانب نحو دوار الكشاشوة ، وبمجرد أن توقفنا قدم نحونا بعض سكان القرية يشدهم الفضول لمعرفة سبب وجودنا ،فاستحسنوا كثيرا العملية حيث شرع أعضاء القافلة في توزيع المساعدات من مواد غذائية ولحوم وألبسة ، ومشروبات وحلويات أيضا على الأطفال .
عائلة عمي الطاهر تفطر على «الدشيشة»
وما لفت انتباهنا حالة الخجل التي طبعت هذه العملية ، بحيث لم نشهد التهافت والتلهف من قبل المعوزين والمحتاجين من البؤساء على استلام معونتهم إلا بعد مناداتهم بأسمائهم ، بل أن بعضهم لم يحضروا إلى مكان توزيع المساعدات حيث اضطر أعضاء قافلة الخير إلى دق أبواب بيوتهم من أجل تسليمهم نصيبهم منها .
ورغم الظروف القاسية التي تعيشها الكثير من عائلات هذه القرية التي عانت كثيرا من ويلات الإرهاب إلا أن كل من تحدثنا معه عن أحواله خاصة المعيشية يسبقنا بعبارة «الحمد لله» ويتكتمون على ذكر ظروف حياتهم القاسية إلا بعد طرح عدة أسئلة عليهم.
وأول حديث لنا كان مع عمي الطاهر البالغ من العمر 76 سنة الذي سألناه في البداية عن أوضاع المنطقة في العشرية السوداء رد قائلا أن معاناتهم كانت كبيرة ودفعوا ثمنا غاليا بحيث أن الجماعات الإرهابية ارتكبت مجزرة بالمنطقة راح ضحيتها 42 شخصا. وعندما سألناه عن أحوال معيشته اليوم رد بعبارة «الحمد لله» ولم يتحدث لنا عن أسرار معيشته إلا بعد إلحاح كبير منا حيث كان في كل مرة يتهرب من الرد ويكرر حمده لله.
ويذكر عمي الطاهر أنهم يفطرون في شهر رمضان على « الدشيشة « و في أيام أخرى لا تضم مائدة إفطارهم سوى حبات بطاطا وطماطم . مؤكدا أن اللحم لم تتذوقه عائلته طيلة هذا الشهر الكريم كما هو حال أغلبية جيرانه .و أن مورده المالي يتمثل في منحة 3000 دينار المقدمة له في إطار الشبكة الاجتماعية ، وهو المبلغ الذي يعيل به عائلته المتكونة من 09 أفراد ، ورغم هذا الوضع البائس لم يكن قانطا وهو يكرر حمده لله بين جملة وأخرى. وأشار إلى أن أراضيهم الفلاحية تقع وسط الجبال مما حال دون التنعم من خيراتها لكونهم لا يستطيعون استغلالها حاليا بعد أن هجروها ، وهو ما زاد في معاناتهم أكثر .
يدفعون 400 دينار للوصول إلى أقرب مدينة
ما زاد في معاناة هؤلاء السكان هو عزلتهم بحيث أن أقرب مدينة عنهم تبعد بحوالي 20 كيلومترا ولا تتوفر بمنطقتهم محلات تجارية ، ولهذا فهم يتوجهون إلى بلدية العمارية أو تابلاط لاقتناء مايحتاجونه من مواد استهلاكية . كما أن وسائل النقل غير متوفرة فيلجأون إلى خدمات سيارات « الكلوندستان » وحسب أحد السكان الذي اكتفى بذكر إسم«محمد» أنهم يدفعون مبلغ 400 دينار ذهبا وإيابا من أجل توفير حاجياتهم ، وإذا كانوا محملين بأمتعة كبيرة الحجم كأكياس الدقيق فإنهم يدفعون عن كل كيس 50مبلغ دينار إضافية . وقصة عمي «محمد » لا تختلف كثيرا عن مأساة عمي الطاهر ، لكن معاناته تعقدت أكثر بعد أن قتلت الجماعات الإرهابية شقيقه وزوجته تاركين وراءهم أربعة أطفال أيتام ، من بينهم طفلتان تقاسمانه اليوم في منزله قساوة المعيشة ، بالإضافة إلى إصابة أحد أبناء شقيقه الذي شاهد عملية ذبح والديه بأزمة نفسية تسببت في توقف نموه بحيث يفوق عمره 22 سنة لكن من يراه يظن أنه لا يتجاوز 12 سنة .
وهو يعيل عائلته أيضا بمنحة الشبكة الاجتماعية .
وهم لا يعرفون شيئا عن السهرات الرمضانية حيث أخبرنا عمي محمد أن الكثير منهم ينامون مباشرة بعد الإفطار كون أن المنطقة لا تتوفر على مسجد أو أي مكان آخر يجمع السكان بالإضافة إلى ذلك فإن العديد منهم لا يمتلكون جهاز التلفاز.
عجوز تعيش في شبه اصطبل
أصر أعضاء فرقة قافلة الخير على زيارة العجوز عائشة التي وقفوا في الشتاء الماضي على مأساتها من أجل تسليمها نصيبها من المساعدات التي حملوها إلى سكان القرية، حيث وقفنا بعين المكان على الظروف القاسية التي تعيشها مع إبنها المعاق في شبه كوخ لا يصلح حتى اصطبلا للحيوانات ،لا يتوفر على الإنارة وتنعدم فيه النظافة والتهوية . وقد وجدنا العجوز عائشة البالغة من العمر 82 سنة صائمة ،وكما هو حال بقية السكان الفقراء من المعدمين كانت ترد على كل من يسألها عن حالها بأنها تحمد الله كثيرا ،وترحيبها بأعضاء فرقة الخير كان كبيرا رغم أنها لم تعرف هويهم وسبب قدومهم، وألحت على ضيوفها بالجلوس وعدم البقاء واقفين في شبه كوخ فارغ من الأثاث .
وأثناء مغادرتنا طلبت من أعضاء القافلة البقاء معها لوقت أكثر لتبادل معها أطراف الحديث والتنفيس عنها ، لكن بسبب انشغالهم لم يلبوا لها طلبها فانغمرت عيناها بالدموع.
وقد استغل أعضاء فرقة قافلة الخير تواجد رئيس البلدية في هذه العملية الإنسانية وطلبوا منه تهيئة منزلها وفتح نافذة لها ووعد المعني بالتكفل بالأمر في أقرب الآجال. مشيرا إلى أن هذه العجوز قد عاينت حالتها مصالح الشؤون الاجتماعية وتقرر نقلها إلى دار العجزة لكنها رفضت ذلك.
غادرنا بيت العجوز عائشة متوجهين إلى منزل آخر يبعد بأمتار فقط عن هذا المجمع السكني حيث قدم أعضاء الفرقة مساعدات غذائية لعائلة متكونة من 11 طفلا يتيما كلهم صم باستثناء واحد فقط ، لتوجه بعدها إلى دوار السبت الذي لا تقل الظروف الإجتماعية لسكانه عن بقية العائلات الأولى ، وقد استحسنوا خيرا مساعدة البلدية لهم في بناء السكن الريفي ، وحتى نسبة 10 بالمائة في إطار هذه الصيغة التي يساهم بها صاحب السكن كانت على عاتق البلدية بعد مداولة صادق عليها المجلس البلدي وذلك بسبب الفقر المدقع الذي تعيشه هذه العائلات ، كما وقفنا عن قرب على عملية إنجاز هذه السكنات التي تشرف على نهايتها .
شابة معاقة حبيسة كوخ تهرب من البشر
وجه آخر للتخلف والمعاناة رصدناه بقرية السبت بحيث توجه أعضاء الفرقة نحو منزل لعائلة لديها بنت معاقة ذهنيا ، لكن مع ظروف المعيشة القاسية تركوها في كوخ بمعزل عن العالم الخارجي .وتروي لنا عضوة باللجنة زارت هذا البيت في فصل الشتاء الماضي أنهم عندما دخلوا إلى منزل هذه العائلة رفضت والدتها السماح لهم برؤية ابنتها المعاقة، وبعد إلحاح منهم على رؤيتها عثروا عليها داخل كوخ ، جزء منه مخصص لتخزين التبن والجزء الأخر مخصص لها ، وبجرد أن لمحتهم سارعت بالهرب منهم وحاولت القفز على النار التي كانت مشتعلة بغرض التدفئة. لكننا هذه المرة وجدناها نائمة.
توجهنا بعدها نحو مقر بلدية بعطة التي تعيش في سكون تام ، لا أثر لحركة السكان بها بحيث بقينا لفترة تزيد عن النصف ساعة لم نشاهد سوى طفلين يلعبان وشابان تحت شجرة يتقاسمان أطراف الحديث ، وشيخ يتلو القرآن في مصلى البلدية ، ولا أثر لحركة السيارات ، ولا للمحلات التجارية ،مقابل بعض المشاريع السكنية والمرافق العمومية في طور الإنجاز ، منها قاعة مطالعة انتهت بها الأشغال مغلقة بسبب عدم وجود من يرتادها . ويذكر رئيس البلدية أن سكان البلدية يتوجهون نحو بلدية العمارية ليقتنوا كل مايحتاجونه أمام انعدام المرافق والمحلات بها . وتوقفنا ببلدية العمارية أين وزعت الجمعية ثلاث كراسي متحركة على معوقين وكذا بعض المساعدات الغذائية لتنته رحلة الخير في حدود الساعة الثالثة مساءا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.