عادت البنايات الفوضوية إلى الظهور بقوة خلال الأشهر الأخيرة ببلدية قسنطينة، بعد تعليق السلطات المحلية لعمليات الهدم، حيث عمد العديد من الأشخاص إلى إعادة بناء المهدمة منها، وقام آخرون بإنجاز أخرى جديدة، في الوقت الذي اتهم العديد من سكان التحصيصات النظامية مصالح البلدية بالتماطل وعدم منحهم رخص الربط بالكهرباء والغاز، وهو الأمر الذي نفاه نائب الرئيس المكلف بالإنجازات، الذي أكد بأن الأمر شمل البنايات العرفية فقط. وظهرت تجمعات فوضوية جديدة وتوسِعات في العديد من الأحياء المعروفة بنشاط بارونات العقار العرفي، حيث مازالت عمليات البناء الفوضوي متواصلة وفي وضح النهار، رغم افتقار تلك المواقع إلى التهيئة ومختلف الضروريات، فضلا عن وقوعها في تضاريس صعبة على غرار ما هو حاصل بكل من حي "الجذور"، التي وصلت فيه البنايات إلى أعلى الخزّان، فضلا عن حي النّعجة الصغيرة ببوالصوف، التي توسّعت بها رقعة البناء الفوضوي وشملت أراضي زراعية أخرى، فيما وقفنا على أنّ العديد من الأراضي، قد تم بيعها وبدأ البعض من أصحابها في عمليات الحفر، متحدين السلطات وقوانين التعمير. وأوضح مصدر مسؤول من بلدية قسنطينة، بأنه قد تم إحصاء المئات من البنايات الفوضوية الجديدة، حيث لامس عددها سقف الألف، بكل من حي ابن الشرقي و"الديانسي" و"مازية" وزواغي الجنوبية، فضلا عن "النعجة الصغيرة" و"الجذور" و"سيساوي" و"الغراب" و"المنية"، وكذا "المريج" والعديد من المواقع الأخرى، وهو مؤشر خطير، بحسبه، شجع مٌلّاك الأراضي غير القابلة للتعمير على بيعها عبر الوكالات العقارية أو عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي على غرار "واد كنيس". وأضاف مصدرنا بأنه قد تم تسجيل اعتداءات خطيرة على قطع أرضية مخصصة لتشييد مرافق عمومية ضمن مخططات شغل الأراضي، وسط تحصيصات نظامية كبيرة، مثلما هو الأمر بحي أول نوفمبر وابن عبد المالك رمضان والإخوة فرّاد، فضلا عن "الباردة" و"سركينة"، رغم العديد من الشكاوى التي رفعها سكان تلك الأحياء، التي تحولت إلى ما يشبه التجمعات الفوضوية . وقد أعيد بناء عدد من المنازل المهدمة، على مستوى أحياء "سيساوي" و"النعجة الصغيرة"، فضلا عن "الديانسي" في ظرف زمني قصير، حيث أنهى العديد منهم بناء السكنات التي هدمت في وقت سابق، كما أنجِزت العشرات من المساكن الأخرى، لاسيما بحي ابن شرقي وزواغي، وهو ما وقفنا عليه خلال زيارتنا إلى تلك المواقع. واشتكى سكان العديد من التحصيصات النظامية، مما سمّوه تماطلا من طرف المصالح التقنية للبلدية في منحهم رخص ربط السكنات بالكهرباء والماء والغاز، حيث ذكروا بأنهم كلما توجهوا إلى المندوبيات يتم تحويلهم إلى نائب رئيس البلدية المكلف بالإنجازات كونه المخوّل الأول بالمصادقة على الرخص، كما قالوا إن العديد من البنايات الفوضوية، قد زُوِّدت بهذه الشبكات رغم أن الإجراء يخالف القوانين المعمول بها، وهو الأمر الذي لاحظناه أيضا بمختلف المواقع الفوضوية، التي أكد لنا سكانها بأنها تتوفر على الماء والكهرباء. وقد أكد مندوب مندوبية زواغي سليمان في اتصال بالنصر وجود هذه المشكلة، حيث ذكر بأن العديد من ملفات الرخص النظامية ما تزال عالقة رغم معالجتها ومراقبة تلك البنايات على مستوى المندوبية، كما تمت بحسبه مراسلة رئيس البلدية بهذا الأمر، مشيرا إلى أنّ الإشكال يكمن لدى نائب رئيس البلدية المكلف بالإنجازات، الذي يعاني من وجود عدد كبير من الملفات والتي تتطلب بحسبه دراسة متأنية ودقيقة، قبل المصادقة عليها، كما لفت إلى أن عمليات ربط السكنات العرفية متوقفة حاليا بناء على تعليمة رسمية، فيما أكد لنا مندوبون آخرون بأنهم يواجهون ضغوطا يومية مع المواطنين بسبب ذات الانشغال. وأوضح نائب رئيس البلدية المكلف بالإنجازات، درويش نذير في اتصال بالنصر، أن مصالحه تقوم بخرجات ميدانية دورية للوقوف على عمليات البناء المخالفة للقوانين، كما أكد تسجيل العديد من حالات ظهور بناءات جديدة غير مرخص لها، وتم تحرير محاضر مخالفات، مثلما أكد، فضلا عن اتخاذ جميع الإجراءات القانونية المعمول بها في هكذا حالات، مؤكدا بأن الإجراءات الردعية القانونية ستطبق ميدانيا. وفيما يخص رخص ربط السكنات بالغاز والكهرباء، فقد ذكر المتحدث، بأن عدد الملفات كبير جدا ويتطلب، مثلما أكد، دراسات ومعاينات ميدانية، حيث أن مصالحه لن تعرقل عملية منح أي رخصة نظامية تستوفي جميع الشروط، لكنه أكد بأن القوانين لا تسمح بمنح تراخيص لأصحاب البنايات العرفية وهو ما جعله في مواجهة ضغط كبير إلى درجة أنه تلقى تهديدا من أحد الأشخاص، بحسب تأكيده. وتجدر الإشارة إلى أن بلدية قسنطينة شرعت نهاية السنة الماضية وبداية العام الجاري، في هدم العشرات من البناءات الفوضوية بعدد من الأحياء، قبل أن تتوقف برامج الهدم بسبب عدم تحصلها على تسخيرة للقوة العمومية من طرف الوالي، لاسيما وأنه قد تم إحصاء المئات منها بحسب ما أكدته مصادر رسمية.