مصر تسحب سفيرها من تل أبيب ومطالبة شعبية بطرد السفير الإسرائيلي عصام شرف: الثورة قامت ليستعيد المصري كرامته في الداخل والخارج قرّرت القاهرة أمس سحب سفيرها لدى إسرائيل لمدة غير محدّدة، وحمّلت تل أبيب المسؤولية عن الأحداث التي جرت في المنطقة الحدودية والتي أدت إلى مقتل وجرح جنود مصريين، كما طالبت إسرائيل بالاعتذار عن تصريحات سابقة لقادتها حمّلوا فيها المجلس العسكري المصري مسؤولية تدهور الأوضاع الأمنية على الحدود بين الجانبين، و دعت تل أبيب إلى التحقيق في حادثة مقتل الجنود المصريين واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة في تمهيد للمطالبة بالتعويض المادي لهم. ويرى محلّلون في هذه الخطوة المصرية، رسالة واضحة من القاهرة لإسرائيل بأن عهد سياسيات مبارك المهادنة قد ولىّ، وقد جاءت التصريحات الجريئة لرئيس مجلس الوزراء عصام شرف أول أمس الجمعة لتؤكد ذلك، حيث قال أن الثورة في بلاده قامت لكي يستعيد المصريون كرامتهم في الداخل والخارج، وأن ما كان مقبولاً في مصر ما قبل الثورة "لن يكون مقبولا في مصر ما بعد الثورة"، مع العلم أن الرئيس المخلوع حسني مبارك لم يتخذ أبدا مواقف بهذا الحزم والوضوح في كثير من الحالات المشابهة التي قتلت فيها إسرائيل عناصر من الجيش والشرطة المصريين في منطقة الحدود. وفي محاولة منها لاحتواء هذه الأزمة الدبلوماسية، قرّرت إسرائيل أمس إرسال سفيرها السابق لدى مصر شالوم كوهين وهو مسؤول ملف العلاقات المصرية بالخارجية الإسرائيلية بصحبة السفير الحالي إسحاق ليفانون لمساعدته في مواجهة تداعيات الأزمة بين البلدين، كما أكد مصدر في الحكومة الإسرائيلية أن بلاده فتحت تحقيقاً بشأن حادثة سيناء، معتبرا أن معاهدة السلام مع مصر إستراتيجية، وترتكز حسبه على الحوار وأن بلاده ليس لديها أي نية للإضرار بأمن المصريين. وكانت اللجنة الوزارية المصرية المكلفة ببحث تداعيات الأحداث التي شهدتها منطقة الحدود المصرية- الإسرائيلية، أكدت أن استنكارها التصريحات الإسرائيلية التي أعقبت الهجومات التي استهدفت حافلتين في منطقة ايلات، ووصفتها بأنها "غير مسؤولة ومتسرعة"، ورفضت القاهرة أي محاولة إسرائيلية لإلقاء تبعية "الإهمال الأمني الإسرائيلي" في حماية حدودها على مصر، وحمّلت إسرائيل المسؤولية السياسية والقانونية المترتبة على حادثة قتل الجنود المصريين، داعية تل أبيب إلى فتح تحقيق وموافاة القاهرة بنتائجه، وقرّرت القاهرة إلى حين موافاتها بنتائج تحقيقات السلطات الإسرائيلية واعتذار قادتها عن تصريحاتهم، سحب السفير المصري من إسرائيل، كما قرّرت تعزيز منطقة الحدود مع إسرائيل ودعمها بالمزيد من القوات لردع ما أسمته ادّعاءات إسرائيل بتسلل عناصر مسلحة وكذلك الردّ على أي نشاط عسكري إسرائيلي باتجاه الحدود المصرية. يأتي ذلك بعد أن جدّد أكثر من ألف شخص مساء أول أمس الجمعة التظاهر بالقرب من السفارة الإسرائيلية، حيث حطّموا الحواجز المعدنية عند مدخل المبنى، وقاموا بحرق العلم الإسرائيلي مطالبين باتخاذ إجراءات حازمة تجاه إسرائيل، أهمها طرد السفير الإسرائيلي من القاهرة، في حين طالب بعضهم بالرد على القصف الإسرائيلي. وكان مجند مصري قد جرح في تبادل لإطلاق النار مع مسلحين على الحدود مع إسرائيل، وقبل ذلك قدمت مصر احتجاجاً إلى إسرائيل بعد مقتل ثلاثة جنود مصريين في سيناء، وتوجه رئيس أركان الجيش المصري الفريق سامي عنان إلى سيناء لتفقد الوضع على الحدود. هذه المواقف التي لم يعتد عليها المواطن المصري والعربي عموما، تعتبر مؤشرات واضحة على تغيّر في سياسة مصر التي كانت أول دولة عربية توقع على اتفاقية السلام مع إسرائيل سنة 1979، وترجع إلى الأذهان سياسة التطبيع التي كان ينتهجها الرئيس المخلوع حسني مبارك، الذي حاول دائما الحفاظ على علاقات سياسية واقتصادية جيّدة مع إسرائيل ولو على حساب الشعب المصري والقضايا العربية، حيث باع الغاز المصري لإسرائيل بأقل من سعره الحقيقي، كما فرض حصارا خانقا على قطاع غزة وأقفل معبر رفح وهو المنفذ الوحيد للفلسطينيين على مصر. يذكر أن الجامعة العربية أعلنت عن عقد اجتماع طارئ اليوم لبحث التطورات الخطيرة للأوضاع في المنطقة والهجمات الإسرائيلية على غزة والتي أسفرت عن مقتل 15 شخصا، فيما حذّرت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" أول أمس من أنها سترد على اعتداءات إسرائيل وأنها لن تسمح لها بتصعيد هجوماتها "دون أن تتلقى العقاب"، وقد دعا أمس مسؤول في "حماس" كتائب عز الدين القسّام والفصائل المسلحة إلى الرد على الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة، فيما قال الجيش الإسرائيلي أن مسلحين في قطاع غزة أطلقوا 22 صاروخا على مدن في جنوب إسرائيل أول أمس الجمعة.