يؤكد رئيس جامعة عبد الحميد مهري، قسنطينة 2، البروفيسور محمد الهادي لطرش، سحب شهادات دكتوراه من أستاذة ثبت ارتكابهم لسرقات علمية، كما يكشف في حوار مع النصر أن الوزارة الوصية استدعت جل المستفيدين من بعثات علمية والذين لم يكملوا دراساتهم، للتحقيق، و يرى رئيس الندوة الجهوية لجامعات الشرق، أن نجاح طالب في مسابقة الدكتوراه بمعدل متدن جدا أمر غير مقبول، مشيرا إلى أن الجامعة الجزائرية، مطالبة بالانفتاح أكثر على المحيطين الاقتصادي والاجتماعي. عرفت الجامعات الجزائرية ومن بينها جامعة عبد الحميد مهري بداية هذا العام الدراسي، احتجاجات كبيرة على نتائج الماستر، في رأيكم ما هي الأسباب الحقيقية لهذه التحركات، وهل ما يشاع من طرف الطلبة عن وجود أخطاء تقنية في الأرضية الرقمية صحيح؟ الجامعة الجزائرية في هذا الموسم الدراسي جاءت بالجديد فيما يخص التسجيل بالماستر، و هو تسخير وسيلة تكنولوجية حديثة لخدمة المؤسسات والمترشحين، لكن القاعدة القانونية في الاختيار لم تتغير، وما تزال تخضع للقرار الوزاري 363 الصادر في 2011، فضلا عن المنشور الوزاري رقم 6 و التوصيات والمراسيم التي صدرت قبل 2009 و التي تنظم الدراسة في نظام الألمدي، ويتعلق الأمر بأربعة معايير وهي الرغبة، المسار البيداغوجي وترتيب الطلبة، و طبيعة التخصص والفرع بالنسبة للماستر المفتوح، فضلا عن عدد المقاعد البيداغوجية المتوفرة والمعلن عنها، إذا فإن شيئا لم يتغير. البحوث العلمية الجزائرية تلقى اهتماما دوليا ما حدث فعلا بعد فتح الأرضية الإلكترونية على مستوى جامعة قسنطينة 2، ومختلف مؤسسات الوطن، هو عدم إدخال البيانات بشكل صحيح و أن 90 بالمئة من الأخطاء المسجلة تتعلق بالمترشحين، حيث ارتكبوا أخطاء في العملية وهذا أمر سجل عبر جامعات الوطن. كيف لطلبة حاملين لشهادة ليسانس أن يرتكبوا أخطاء في إدخال المعلومات في عصر التكنولوجيا والرقمنة؟ لا أريد أن أتحدث عن هذه النقطة، حتى لا نظلم أحدا، لكنني أؤكد مرة أخرى أن بعض الطلبة قالوا بأنهم سجلوا في مقاهي الأنترنيت، وربما يعد هذا الأمر هو السبب في وجود هذه الأخطاء، لكننا لسنا متأكدين لأننا لم نجري دراسة دقيقة عن الأسباب.. وجدنا أخطاء سنذكرها على سبيل المثال لا على الحصر، أين قام طلبة بوضع أسماء جامعات أخرى، بدل جامعتهم الأصلية وهي عبد الحميد مهري، وآخرين يحوزون على شهادات في الاقتصاد، أدرجوا تخصصات أخرى، غير تلك التي درسوها، الأمر يتطلب التدقيق أكثر، وهذا واجب أخلاقي على إدارة الجامعة. بخصوص مشكلة الماستر، تم عقد اجتماع على مستوى الندوات الجهوية الثلاث، حيث كان كل مدراء المؤسسات الجامعية قد اجتمعوا في جهات الوطن، و صدرت توصيات أساسية، تتعلق بإعادة دراسة ملفات الطلبة حالة بحالة، و في جامعة قسنطينة 2 فتحت الأبواب أمام الطلبة وإنشاء خلايا ومكاتب استماع عبر كل الكليات منذ الإعلان عن النتائج، و تم إيداع 596 طعنا قُبل 56 بالمئة منها، ثم تم إدخالها عبر الأرضية الوطنية بكل شفافية واحترافية. في كل عام تطرح مشكلة نقص الأماكن البيداغوجية في طوري الماستر والدكتوراه، وذلك تحت مبرر عدم توفر العدد الكافي من المؤطرين، لكن في المقابل يوجد المئات من الأساتذة المتحصلين على شهادات عليا في وضعية بطالة، ماهو تعليقكم على هذا التناقض؟ نعم هذا الأمر موجود، لكنه يختلف من تخصص إلى آخر، ففي الجزائر هناك تخصصات يسجل فيها المئات إن لم نقل الآلاف من الطلبة في طور الليسانس، و في العلوم الإقتصادية بجامعة قسنطينة 2 على سبيل المثال، قدرنا عدد المقاعد البيداغوجية العام الماضي في السنة الأولى ب 950، لكن كما يعلم الجميع، فإن القانون الأساسي والتوجيهي في التعليم العالي، وحتى الدستور، يقر بضرورة ضمان مقعد لكل طالب جديد تحصل على شهادة البكالوريا، وهو ما اضطر إدارة الجامعة إلى تسجيل أكثر من 1500 طالبا، كما تم تحويل 160 منهم بعد استحالة تسجيلهم، إلى جامعات مجاورة بعدما عبروا عن قبولهم بهذا الإجراء، بجامعة الجزائر 2 تم استقبال أكثر من 7 آلاف طالب، إذا من المستحيل تأطير هذا العدد الهائل منهم في طور الماستر. لدينا إمكانيات لا تتوفر عليها الكثير من البلدان في كلية الإعلام الآلي بجامعة عبد الحميد مهري، باعتبارها قطبا وطنيا، سجلنا أكثر 579 طالبا جديدا، فيما لم يتجاوز عددهم في الفروع العادية في الجامعات المجاورة، سقف 150 طالب، إذا القدرة على التأطير تختلف من مؤسسة إلى أخرى. أحيانا تجد في نفس الجامعة فروعا تتوفر على التأطير وّأخرى تفتقر إليه، ونضرب مثلا بتخصص الأرطوفونيا واللغة الإنجليزية والألمانية التي لا يوجد بها أساتذة على المستوى الوطني، لكن في المقابل هناك فروع لبت طلبات 100 إلى 150 بالمئة من المترشحين، ونجد هذا الأمر مسجل في العلوم التكنولوجية، و هنا أشير إلى أمر مهم.. تفضل.. نعمل على مستوى جامعات الشرق، على إنجاز دراسة بالتنسيق مع مختلف الفاعلين، نقوم فيها بإجراء إحصائيات في كل ميدان و تحديد أعداد المقاعد المفتوحة بالنسبة للمسجلين في السنة الأولى وكذا المتخرجين بشهادة الليسانس، حيث وجدنا الأرقام غير منسجمة، فضلا عن تسجيل اختلاف أراه نوعا ما كبيرا، لأن طبيعة التكوين تختلف تماما من فرع إلى آخر و من تخصص إلى آخر. عدد طلبة الدكتوراه بالجزائر أكبر ب 50 مرة من الموجود بفرنسا وبالنسبة للتأطير، تحتل الجزائر مكانة عالمية متقدمة ومحترمة، ففي الجامعة الجزائرية العام الماضي، سجلنا أستاذا لكل 24 طالبا، لكن لا نستطيع القول بأن هذا الرقم المتوسط، يسمح لنا أن نوفر التأطير في مختلف المراحل ..على كل حال هذه استراتيجة دولة ونحن نبذل كل مجهودتنا ونقدم التقارير والأرقام دوريا، حول الوضيعة المسجلة بالنسبة لكل تخصص. أؤكد أيضا على أمر مهم و هو أن أعداد المقبولين في الماستر على المستوى الوطني، ارتفع ب 10 بالمائة وفقا لآخر إحصاء، أما على المستوى الوطني فقد فتح أزيد من 206 آلف مقعد وهو عدد كبير جدا، و في الشرق الجزائري فتحنا 10999 مقعدا إضافيا مقارنة بالعام الماضي.. لا توجد بلدان كثيرة على المستوى الإقليمي، تمتلك هذه الإمكانيات، و نستطيع القول إنه لا يمكن الوصول إلى تلبية 100 بالمئة من الرغبات، وهو أمر ترفضه وتفرضه أيضا فلسفة العلم والتكوين. مقاهي الأنترنت قد تكون السبب في أخطاء تسجيلات الماستر أطلقت وزارة التعليم العالي و البحث العلمي، مشروعا للتكوين عن بعد في طور الماستر بغرض تخفيف الضغط على الجامعات، لكن يلاحظ أن الانطلاق في المشروع ما يزال محتشما، واقتصر على تخصصات قليلة جدا، في رأيكم ماهو سبب هذا التأخر؟ في طيات وفلسفة الإصلاح في التعليم العالي، تم إدراج بند مواصلة التكوين على مدى الحياة، و فلسفيا لابد من تجديد المعلومات من فترة إلى أخرى وهو مبدأ أساسي تعتمد عليه الوزارة الوصية، فالجامعة توفر المحيط لتجديد المعارف، والتعليم عن بعد مهم في هذا الأمر نظرا للامتيازات والتسهيلات، التي يوفرها هذا النظام الحديث، لكن أقول أنه لابد من وضع إطار دقيق لهذا النظام. على مستوى جامعة قسنطينة 2، شرعنا في وضع اللبنات الأساسية لهذه التكنولوجيا، و قد وضعنا 12 درسا نموذجيا في الموقع الإلكتروني، كما نقوم أيضا بتدريب الأساتذة على اكتساب المهارات والتكنولوجيا وكيفية تسييرها، في حين أن القوانين الجديدة تقر بعدم ترسيم أي أستاذ جديد، إلا في حال تحكمه في تقنيات التدريس عن بعد. قمنا أيضا بإدراج كل الدروس الأفقية النموذجية في الموقع، و التي يشترك فيها جميع طلبة الجامعة على غرار مقياس اللغة الفرنسية، أما فيما يخص التدريس في الماستر، فلابد من توفر الأرضية القانونية، والوزارة مهتمة كثيرا بهذا الأمر حيث بدأت وطنيا من باب التجربة في القانون والعلوم الاقتصادية، والآن هذه التجارب هي محل تقييم من مختلف المجالات لاسيما الجانب القانوني منها. لجزائر من أقل البلدان تسجيلا لظاهرة السرقة العلمية بجامعة قسنطينة 2 نظمنا لقاء مؤخرا مع فريق التعليم عن بعد، وأكدنا على ضرورة الحرص الكبير على أهمية ونوعية الدرس المقدم عن بعد، لأن هذه الدروس تمثل صورة الجزائر ويراها جميع طلبة وأساتذة جامعات العالم، لذلك لابد من التحضير الجيد والتقييم الدقيق لكل مرحلة، حيث نعمل على التمكن من الأدوات التكنولوجية أولا فليس كل من لديه رغبة في فتح فرع يتحقق له ذلك.نحن مرتبطون بالتدابير الوطنية، لكن لدينا قدرات ومشاريع سنعمل على إنجازها بهدوء وتمعن للتكوين في علم النفس والعلوم الاقتصادية. نلاحظ أن عدد المناصب المفتوحة في الدكتوراه قليل جدا عبر جامعات الوطن، كما وجهت انتقادات للمؤسسات الجامعية بسبب عدم نشرها لمعدلات الناجحين والراسبين في المسابقة والاكتفاء بالأسماء فقط، وفي حال نشر المعدلات نجدها متدنية جدا، ألا ترون بأن هذا الأمر يؤثر على سمعة هذه الشهادة وعلى مستوى الجامعة الجزائرية بشكل عام؟ سؤال مهم و سأجيبك عنه، في جامعات الشرق فتحنا 79 منصب دكتوراه خلال هذا العام، وفي الجزائر تم فتح أزيد من ثمانية آلاف منصب. في الدكتوراه لا يتم مقارنة عدد المناصب مع عدد المتخرجين، وأشير إلى أن بلدا متطورا جدا مثل فرنسا لديه ما بين 60 و ألف طالب في الدكتواره، في حين أننا نكوّن حاليا في الجزائر أكثر من 50 ألف طالب مسجل في هذا الطور. طغيان التخصصات الأكاديمية راجع لضعف العلاقة مع المحيط لقد فتحنا مناصب على مستوى جميع الفروع، و كل عام تخصص جامعة قسنطينة تسعة مناصب في كل فرع، بينما يستطيع من لديه قدرة على التأطير أكثر، أن يقترح فتح مناصب أخرى، كما أؤكد أنه لم نتلق أية تعليمة بخصوص تحديد عدد المناصب. توجد استراتيجية ومجهود تبذله الدولة لربط مشاريع الدكتوراه، بالإحتياجات والنفعية، و لابد أن يخدم كل مشروع مشاريع التنمية لقطاع التعليم العالي والبحث العلمي في إطار الاستشراف المستقبلي. العلوم الإنسانية تضم 45 بالمئة من طلبة الجزائر بالنسبة للنتائج، أولا هي موجودة ونمنحها لكل من يتقدم ويطلبها من مصالحنا ونقدمها بالأرقام، أما فيما يخص المسابقة فهي ليست امتحانا، و المعدل لا يهم بقدر تحقيقنا وتطبيقنا لشروط المسابقة، التي تنص عليها القوانين المنظمة للعملية لتحقيق مبدأ المصداقية. فيما يخص نوعية الامتحانات، تطرقنا إليها في مجلس الجامعة وطرحنا هذا الأمر المهم. لكن أؤكد على أمر مهم هو أن المتسابقين هم من أحسن الطلبة المتخرجين، ويمثلون 10 بالمئة من الأوائل، إذا لا يمكن القول بأن طلبتنا الممتازين ذوو مستوى متدني، لكن الأمر لا يعدو عن كونه مجرد وضع امتحانات صعبة نوعا ما ودقيقة، لاختيار الأحسن بين المتفوقين المشاركين وتحسين ورفع المستوى. علم الامتحانات هو علم قائم بذاته ونحن نأخذ هذا الأمر بعين الإعتبار في منهجية إعداد الامتحانات، زيادة على هذا فإن الامتحانات تحضر على مستوى لجان علمية مكونة من أساتذة مؤهلين. ما يجب الوقوف عليه في هذا الأمر، هو أن الطالب الذي ينجح بمعدل واحد من عشرين ثم يصبح أستاذا في المستقبل، و بعدها يكتشف أمره من طرف طلبته، فهذا أمر ليس مقبولا طبعا، في المقابل لا يمكن الحكم عليه هكذا، فلابد من دراسة وتدقيق من طرف البيداغوجيين، وإجراء إحصاءات دقيقة في هذا الأمر، أكيد أن الوزير ومختلف المصالح المعنية ستتطرق إلى هذا الموضوع، أما على المستوى الجامعة، فاللقاءات البيداغوجية لتقييم الامتحانات تتم على مدار السنة، و ستكون خلال هذا العام لقاءات تقييمية على المستويين الوطني والمحلي لدراسة كل شيئ، والمسؤولية كبيرة في هذا الموضوع المهم. ما يزال عدد التخصصات الأكاديمية يطغى على التخصصات المهنية، كما نلاحظ أن الجامعات ما تزال منغلقة على المحيطين الإقتصادي والاجتماعي رغم وجود بعض المحاولات المحتشمة، ما هي مقاربتكم حول هذا الأمر؟ الديباجة الخاصة بمشروع المؤسسة الجامعية، تولي أهمية كبرى لعلاقة الجامعة بمحيطها ومدى نفعيتها، و يبقى موضوع علاقة الجامعة بالمؤسسات الإقتصادية محورا أساسيا لكنه غير سهل، لأن الجامعة الجزائرية و منذ نشأتها بعد الاستقلال، أقامت علاقات كثيرة مع الشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين، لكن الأمر سيصعب في حال إنجاز تقييم، لأنها كانت مبينة ومرتبطة بالصعيد الشخصي لا المؤسساتي. التصنيف العالمي لجامعاتنا مقبول و معايير سياسية تتحكم في الترتيب في الندوة الوطنية التي عقدت في العاصمة عام 2016 ، كان الهدف الأساسي منها توسيع العلاقات مع المحيط الإقتصادي والاجتماعي وتم إصدار توصية تتعلق بإعادة النظر في كيفية تنظيم هذه العلاقات، و على المستوى المحلي، أبرمنا اتفاقيات كثيرة مع الولاية لتكوين الموظفين، و كذلك مع الأمن الوطني وغرفة التجارة والصناعة، في إطار الانفتاح المتبادل وتلبية الحاجيات المشتركة بين المؤسسة الجامعية ومختلف شركائها. فيما يخص التخصصات المهنية، أكيد أن الطابع الأكاديمي يطغى على الطابع المهني، و أظن بأن الأمر يتعلق بوجود نقص في العلاقات مع المؤسسات والمحيط، و في العلوم الإنسانية صعب أن نعرف مثلا بماهية التمهين في علم الاجتماع، ولو أننا في علم النفس فتحنا تخصصا جديدا ذا طابع مهني وهو التربية الخاصة، وهو فرع مهم تتخرج منه كفاءات مهنية تتولى مرافقة الأشخاص ذوي الإحتياجات الخاصة، و في الإعلام الآلي، نخطط لإطلاق تخصص مهني في الأمن المعلوماتي. لا ترسيم للأساتذة غير المتحكمين في تكنولوجيات التدريس عن بعد نسعى إلى إنشاء تخصصات بناء على المتطلبات والحاجيات، مع إيجاد السبل لإنجاحها ومرافقتها، فضلا عن توفير شركاء أقوياء وفاعلين في نفس التخصص، وفي جامعتنا نتوفرعلى 6 بالمائة فقط من عروض التكوين المهنية، باعتبار أن غالبية الكليات من العلوم الإنسانية، في حين لو اطعلنا على عروض التكوين المهنية في جامعة منتوري لوجدناها أكثر. لماذا يطغى التكوين الجامعي في الجزائر في مجال العلوم الإنسانية على التكوين في العلوم الدقيقة والتكنولوجية؟ في سطيف انعقد مؤخرا لقاء وطني حول خريطة التكوين في الجزائر بورشة العلوم الإنسانية والاجتماعية، حيث أنها تمثل 45 بالمئة من طلبة الجزائر دون احتساب العلوم الإقتصادية والتسيير، لكن أرى أنه يوجد تواز بين الأعداد والتخصصين، العلمي والإنساني، وأقول في هذا الأمر بأنه لا يمكن الاستغناء عن أي تخصص فكل له دوره وبصمته في المجتمع. ماتزال ظاهرة الغش والسرقات العلمية تظهر من حين إلى آخر بالجامعات الجزائرية وعلى مستوى عال، ماهي الإجراءات المتخذة للحد منها؟ أولا يوجد تصنيف عالمي، فبحسب ما صرح به المدير العام للبحث العلمي بوزارة التعليم العالي، فإن الجزائر تعتبر من أقل البلدان تسجيلا لظاهرة السرقة العلمية، حيث تم ترتيبها بعد العديد من الدول الأوربية المتطورة، لكن هذا لا يعني أن الظاهرة غير موجودة، نعم توجد وتم تسجيل العديد من الحالات. حدثنا عن هذه الحالات وهل لديكم أرقام عنها؟ القوانين الجزائرية تكافح هذه التجاوزات، لكن لابد في هذا الأمر من الحديث أولا عن أخلاقيات المهنة، فعلى مستوى جميع الجامعات نلتقي في كل عام مع طلبة الدكتوراه ونحثهم على احترام الأخلاقيات والابتعاد عن هذه الجريمة العلمية التي يعاقب عليها القانون. يوجد العديد من الأشخاص الذين تحصلوا على الدكتوراه عبر الوطن وتم سحبها منهم بعد ثبوت فعل السرقة في حقهم، لا أتوفر على أرقام لكن العقوبات صدرت، نحن نقوم بدراسة جميع الشكاوى من جميع دول العام من خلال تشكيل لجان تدقيق وتحقيق تكون سواء داخلية أو خارجية، للتأكد من صحة الشكاوى، كما يعالج مجلس الأخلاقيات هذه المشاكل أيضا ويدرسها بدقة، و يوجد قرار وزاري صدر قبل سنة، حدد الغش والسرقة العلمية وأدوات المكافحة والعقاب. تُطرح أسئلة كثيرة حول تصنيف الجامعات الجزائرية في مراتب متدنية جدا، في رأيكم ما هي الأسباب؟ لابد أن نعرف أن هناك أزيد من 25 ألف جامعة في العالم، والجامعات الجزائرية تحتل المراتب بين 2000 و 2500، بحسب التصنيفات والمقاييس، لكن تصنيف الجزائر ضمن ألفين هو أيضا أمر مقبول، و من الملفات الكبرى التي تسعى الوزارة الوصية إلى تحقيقها، هو ضمان الجودة، فالجامعة الجزائرية قد أنجزت واعتمدت مرجعية وطنية، لتقييم الجودة في سبعة ميادين، ويتعلق الأمر بالتكوين العلمي، البحث العلمي، العلاقات مع المحيطين الاقتصادي والاجتماعي، تسيير الهياكل، الحياة الجامعية و الحكامة. لم نتلق أي تعليمات بخصوص تحديد عدد مناصب الدكتوراه الجزائر تتجه بخطى ثابتة و قد أنشأت وكالة وطنية مستقلة تتكفل بمتابعة الجودة.. في العام الماضي أكملت 18 مؤسسة جامعية تقييمها الذاتي وزارها خبراء أنجزوا تقييما خارجيا وهم مختصون قدموا من كندا برفقة جزائريين، وفي هذا العام تمت برمجة 20 مؤسسة جامعية قصد إخضاعها للتقييم الذاتي، وهو الأمر الذي سيضمن لنا الجودة تدريجيا. أعود إلى التصنيف، وأقول بأنه يخضع لعدة معايير منها حتى ما هو سياسي، لكن إذا ضمنا الجودة فإننا سنحسن من تصنيفنا لا محالة، من خلال زيادة عدد منشورات الجامعة وتحسين نوعيتها، فضلا عن ضمان تدريس 23 أسبوعا في العام. التصنيفات أيضا تختلف على سبيل المثال، ففي شنغهاي يختلف الأمر عن التصنيفات الأخرى، التي يشترط بعضها الحصول على جائزة نوبل مثلا أو استقبال 25 بالمائة من الطلبة من خارج البلاد. أولوياتنا في الجزائر هي وضع إطار للجودة وتحديد الأهداف وتطبيقها. الهدف من الملتقيات العلمية هو تطوير البحث العلمي، لكن نرى بأنها أصبحت مجرد لقاءات بروتوكولية،الهدف منها الحصول على شهادات مشاركة للترسيم في المنصب أو الحصول على الترقيات المهنية؟ أولا شهادة المشاركة توجد في جميع دول العالم، واللقاءات العلمية هدفها ترقية البحث العلمي. نحن ننظم ملتقيات وأيضا نقوم بتقييمها، و على سبيل المثال، في الملتقى الجزائري الصيني، تم إنجاز توصيات وزارنا في الجامعة رجال أعمال وطلبوا هذه التوصيات. وأضيف، بأننا لما وضعنا المقالات العلمية في الأرضية الرقمية للجامعة، تم تسجيل مليون و 600 ألف اطلاع عليها من مختلف أنحاء العالم، من بينها أزيد من مليون إطلاع من الولاياتالمتحدةالأمريكية، وهذا ما يعكس الاهتمام بالبحوث العلمية الجزائرية. لا أقول أن لها نفس مستوى وصدى أبحاث الجامعات الكبرى، لكن ما نقوم به هو أمر مقبول ويستحق التشجيع والتطوير أكثر، ولا يمكن إلغاء نفعيتها.. منذ ثلاث سنوات، تم إنجاز عمل لتصنيف المجلات العلمية في العلوم الإنسانية، ونحاول ترقيتها إلى مصاف المجلات الدولية، و اليوم وصلنا إلى إنجاز 38 مجلة وطنية في هذا الإطار من بينها مجلة قسنطينة 2 للعلوم الإنسانية. طرحت تنظيمات نقابية والعديد من الأساتذة، إشكالية تحول البعثات العلمية إلى خرجات سياحية، كما تحدثوا عن منحها وفقا لمعايير غير علمية، ماهو تعليقكم على هذا الأمر؟ أنا كمسؤول أعمل على تطبيق القوانين والحفاظ على المال العام، ومن مؤشرات التقييم والتوجه نحو الاحترافية هو التكوين وتقييم جدوى الزيارات المتبادلة بين الجامعيين. أؤكد أن كل أستاذ يتنقل إلى الخارج، وفقا لإطار قانوني، بعد المصادقة على سفره من طرف المجلس العلمي، الذي يطلع على موضوع سفريته والأهداف المسطرة منها، وعند الرجوع ينجز تقييما ورأسملة العمل الذي قام به الأستاذ من الجانب العلمي وحتى المالي، و إذا وجدت انحرافات فإن مؤسسات الدولة، لن تسكت على الفساد، لكن لا يجب التعميم دون إنجاز تقييم دقيق. نعمل على إطلاق تخصص مهني في الأمن المعلوماتي أؤكد أنه يوجد أساتذة استفادوا من منح إقامية في الخارج، 80 بالمائة منهم على المستوى الوطني قاموا بإنجاز دراساتهم، أما البقية فلم يكلموا عملهم وسيتم محاسبتهم، حيث استدعتهم الوزارة الواحد تلو الآخر، للنظر ودراسة ماهية وأسباب تأخر المناقشة وتحديد مسؤوليتاهم من هذا الأمر، إذ توجد أطر قانونية واضحة وصريحة. أما فيما يخص اتفاقيات التوأمة، فهو أمر ضروري لتبادل الخبرات وإنجاز الدراسات العلمية، والتعليم العالي يعتبر القطاع الوحيد غير القادر على التهرب من العولمة، والمرجعيات العلمية العالمية، صحيح أننا نستطيع تأطير الطلبة عندنا في العديد من التخصصات، لكن لابد على الأقل أن يسافر الطالب ولو لمدة شهر على الأقل، إلى بلد آخر للإطلاع على المناهج. ل.ق