مازال أبناء مدينة بطيوة بوهران يتذكرون الشيخ عبد الرشيد مؤذن المسجد الرئيسي وزاوية الشيخ البوعبدلي، فبعد 8 سنوات من وفاته لازالت ذكراه تجمع شباب وسكان المنطقة لإستحضار خصاله والإقتداء بها كونه كان أيقونة التسامح والسلم. الشيخ عبد الرشيد حسب تصريحات أحد أبناء المنطقة العارفين، اسمه الحقيقي « فرنسيسكو روبليس»، مولود في منطقة إشبيلية الإسبانية سنة 1930، وجاء رفقة والديه إلى الجزائر وبالضبط إلى وهران أين استقرت العائلة بمنطقة بطيوة منذ ثلاثينات القرن الماضي، وأضاف محدثنا أن «فرنسيسكو» ترعرع وسط سكان المنطقة وكان قريبا من مؤسس الزاوية البوعبدلية في بطيوة الشيخ أبو عبد الله البوعبدلي، منذ صغره لغاية اعتناقه الإسلام سنة 1947 وكان في عمر المراهقة وغير اسمه ليصبح «عبد الرشيد»، وشيئا فشيئا حفظ القرآن و تحول الشاب لمؤذن بالزاوية في وقت كانت الجزائر تحت نير الاستعمار، ولكن «فرنسيسكو» تحدى فرنسا الاستعمارية، بعد أن لاحقه المعمرون و اتهموا شيخ الزاوية ب «تحويل قاصر»، كما تمسك «عبد الرشيد» بالدين الإسلامي بعد تنقله لفرندة بتيارت أين أرسله الشيخ البوعبدلي لينقذه من المعمرين وأفراد أسرته، وبعد سنة من الاختباء وبلوغه سن الرشد ، عاد «عبد الرشيد» دون خوف إلى بطيوة التي عشقها وإلى أحضان الزاوية التي نطق بها الشهادتين. عاد «عبد الرشيد» ليفتح دكانا لصنع الأحذية، ولكن نشر وسط سكان بطيوة قيم أخلاقية سامية جعلته مقصدا لأبناء المنطقة الذين كانوا يخبئون أموالهم ومصوغاتهم وكل ما هو ثمين عنده من شدة حفاظه على الأمانة وصدقه، وتزوج بمسلمة جزائرية أنجبت له 4 أطفال «3 ذكور وبنت» حرص على تلقينهم تعاليم الدين الإسلامي، خاصة خصال التسامح والسلم ونشر المحبة والتآلف بين الناس، وهي القيم التي لا زال يتداولها لغاية اليوم سكان بطيوة الذين نقلوا هذه الخصال للشباب ليبقى الشيخ «عبد الرشيد» قدوة للجميع. وإلى جانب عمله في دكانه، كان يحرص على أن يكون مؤذن الزاوية البوعبدلية وحتى مسجد المدينة، لغاية أن بدأ يتعب ثم مرض وأصبح يتنقل بين وهران وإسبانيا للعلاج، خاصة وأن أبناءه كانوا يعيشون هناك، ولكن حرص أيضا على ترك وصية لهم لدفنه في بطيوة في مقبرة المسلمين، وهو ما تم تنفيذه ذات 8 أكتوبر 2011، حين رحل جسد «فرانسيسكو روبليس» أو الشيخ المؤذن «عبد الرشيد»، لتبقى روحه ترفرف فوق سماء بطيوة وتذكر أهلها بالقيم النبيلة للعيش معا في سلم وسلام.