لو أتيحت لي رحلة فضائية أخرى لن أعود إلى الأرض قال رائد الفضاء الماليزي مظفر شيخ شكر أنه لم يتردد لحظة في القدوم للجزائر فور تلقيه الدعوة من قبل « جمعية الشعرى « ، من أجل التعرف عن كثب عن مدى التطور العلمي لبلادنا و اهتمامها الكبير بعلم الفلك خاصة مدينة قسنطينة، التي أشار أنه يتمنى زيارة مواقعها التاريخية و التعرف أكثر على سكانها الذين أحبهم كثيرا لأنهم كما قال وجدهم متواضعين و مسالمين . هو أول رائد فضاء مسلم يزور الجزائر في إطار المهرجان الدولي العاشر لعلم الفلك الجماهيري،مظفر الشيخ شكر هو طبيب جراح مختص في العظام ، تم اختياره ضمن ثلاثة أشخاص رشحهم الفريق الروسي صاحب المكوك الفضائي «سيروز» لخوض إحدى تجاربه العلمية ، فكان أول ماليزي يحظى بهذه الفرصة الذهبية التي غيرت حياته و زادته قربا من الله كما يقول في هذا الحوار . كيف كان رد فعلك عندما تلقيت الدعوة لزيارة الجزائر ضمن فعاليات مهرجان علم الفلك العاشر ؟ -كنت في غاية السعادة و كان ردي في الحين و دون تفكير بالموافقة لأني سأزور هذا البلد الجميل، خاصة بعد زيارتي لكل من ليبيا و مصر. فهدفي هو نشر العلم و حب علم الفلك و ريادة الفضاء في العلم الإسلامي، و أحلم برؤية المزيد من المسلمين في الفضاء، بعد أن كان لي الشرف بأن أكون المسلم التاسع الذي ذهب في رحلة للفضاء و أملي أن يحظى مسلمون آخرون بهذا الشرف العظيم الذي يبقى تجربة فريدة من نوعها في الحياة. كيف وجدت جمهور المعرض الفلكي الذي تهافت عليك من أجل التوقيعات و الصور في قاعة مالك حداد ؟ -الجمهور العلمي الجزائري رائع و بصراحة لقد ذهلت من حجم فضولهم حول علم الفلك و حول تجربتي مع ريادة الفضاء، و قد لمست هذا خاصة من خلال المحاضرة التي قدمتها حول الموضوع فالكل كان يتلهف لمعرفة المزيد و لم يتوقفوا عن طرح الأسئلة المهمة لولا ضيق الوقت، و أدعوهم للحلم و الطموح بريادة الفضاء فهذا ليس بالأمر المستحيل أو الصعب، خاصة أن تكلفة الرحلات الفضائية تعرف انخفاضا سنة بعد الأخرى و بإمكان أي شاب أو شابة التطلع لخوض تجربة كهذه . كان للأطفال الحظ الأوفر منك في اليوم الأول للمهرجان، ما سر هذا التفاعل الجيد مع أطفال و خاصة تلاميذ «المدرسة العلمية الخاصة» الذين جاءوا خصيصا لطرح الأسئلة عليك و أخذ الصور التذكارية معك ؟ -أنا بطبعي مغرم بالأطفال و الصغار الذين التقيت بهم هنا في الجزائر لطفاء جدا و لا يتوقفون عن المرح و الابتسام، فكان من غير الممكن أن أضيع فرصة التقاط الصور معهم، أما تلاميذ المدرسة فقد شدني فضولهم الكبير و أسئلتهم عن سني و ديني و رحلتي إلى الفضاء و كنت في غاية السعادة و أنا بينهم و أرى البريق الذي يشع من عيونهم ، فهم أول من طلب مني التوقيع في دفاترهم المدرسية. و أتصور أن ريادة الأطفال للفضاء هي خطوة رائدة في هذا المجال، و حلمي أن يحظى يوما ما أطفال مسلمون من بلدي أو من إحدى البلدان الإسلامية الأخرى بهذه الفرصة الثمينة، لأن الطفل يتميز بسرعة بديهة و بفضول كبير يجعله يتعلم بسهولة، كما أنه يستطيع أن يعتاد على نمط الحياة في الفضاء أكثر من الراشدين. قلت في المحاضرة التي قدمتها للجمهور في مالك حداد أنك حافظت على كل أركان الإسلام و أنت في الفضاء و أنك لم تعاني من أي اضطرابات كالقيء أو الدوار كما يحدث عادة للرواد، ما السر في ذلك ؟ -قبل الذهاب في رحلة للفضاء تلقيت تدريبات كثيرة على يد الطاقم الروسي و كان بعضها في غاية القسوة ، و لكنها ساعدتني على تحمل كل الصعوبات في الفضاء بما فيها الهبوط السريع جدا و الاصطدام بالأرض ، كما أنني شعرت عندما كنت أسبح في الفضاء و أرى كوكب الأرض الجميل من بعيد أنني شديد القرب من الله و هذا ما ساعدني على الصمود، فكنت أصلي بشكل عادي كما لو أني على الأرض و استدل على مواقيت الصلاة حسب المحطة الأرضية من خلال إحدى الساعات التي كنت أرتديها إلى جانب الساعة الماليزية و الروسية . و من بين الأمور العظيمة التي حصلت لي قبل النزول للأرض بثلاث ساعات، سماعي للآذان من بعيد و لا أحد غيري سمعه من الطاقم، و إلى الآن لست متأكدا إن كنت سمعت صوت الآذان فعلا أم تخيلته فقط، لكنه في كل الأحوال خفف علي شدة الهبوط المفاجئ و القوي على الأرض، كما أن الأطباء أخبروني بأني من بين الأشخاص النادرين الذين يحافظون على كل نشاطاتهم الحيوية بشكل جيد في الفضاء . لماذا قمت بإجراء بحوثك الطبية في الفضاء بدل الأرض، هل هناك ميزات معينة خارج الغلاف الجوي تساعد على ذلك ؟ -نعم ، ففي الفضاء الخلايا تكبر و تتضاعف بسرعة فائقة ، و بالتالي فإن النتائج تكون سريعة خاصة فيما يتعلق بالخلايا المصابة بالسرطان، مما يجعل إجراء التجارب العلمية و خاصة الطبية أكثر فعالية هناك، و لهذا السبب لا أنصح الذين يريدون المحافظة على شبابهم بإطالة بقائهم في الفضاء لأنهم سيكبرون بسرعة . ما الذي ساعدك على تحقيق حلم الذهاب للفضاء، والتميز في مهنتك كطبيب و الوصول إلى أهدافك التي سطرتها في حياتك؟ -الذي ساعدني في كل هذا هو ببساطة إيماني بالنجاح مهما كان الهدف الذي أصبوا إليه، فعندما كنت صغيرا كنت لا أقبل أبدا بالهزيمة في أي لعبة مع إخوتي و إذا خسرت مرة يعرفون جميعهم أني سأفوز حتما في المرة القادمة، فقد كنت دائما أدفع بنفسي إلى آخر درجات الصبر و التحدي لأنني نشأت في جو من المنافسة. عندما كنت في الفضاء عرفت أن أمي تشعر بخوف شديد علي و أنها فقدت الكثير من وزنها بسبب ذلك، فكنت أفعل كل شيء لكي أعود إليها سالما. أما أبي فكان يدفعني لأكون رقم واحد دوما و مواصلة التحدي و العودة أقوى، كما أن التدريب لمدة سنة كاملة و خاصة في الأيام ال12الأخيرة قبل الانطلاق التي لم أغادر فيها أبدا المحطة الروسية كانت مهمة جدا بالنسبة لي. ما هو أكثر شيء علق في ذهنك من رحلتك المميزة للفضاء ؟ -هو الفضاء في حد ذاته ، رؤية الأرض من فوق شيء رائع و لا ينسى أبدا ، و هي تجربة أحب دائما أن أكررها ، و أرجو أن أكون ضمن طاقم المكوك الذي سيذهب في رحلة طويلة إلى المريخ سنة 2027 ، فمنذ عودتي إلى الأرض وشوقي للفضاء يزداد يوما بعد آخر، فلو قالوا لي هل تذهب في رحلة فضائية دون عودة لذهبت دون تردد .