رسم المجلس الشعبي الولائي بقسنطينة، صورة سوداء عن واقع الخدمات الجامعية بالإقامات القديمة، حيث أنفقت الدولة ما يزيد عن 105 ملايير سنتيم لترميمها وإعادة الاعتبار لها دون أن يكون لها أثر في الواقع، فيما ألح المنتخبون على فتح تحقيق في الأموال التي أنفقت و طالبوا بالكشف عن أسباب غلق إقامة عائشة أم المؤمنين لسنوات دون أي سند قانوني، في حين اقترح آخرون إعداد مداولة لغلق هياكل الإيواء المهترئة وتحويل العقار إلى استثمارات عمومية. وأعدت لجنة التعليم العالي والبحث العلمي بالمجلس الشعبي الولائي تقريرا ميدانيا عن واقع الخدمات الجامعية بالإقامات القديمة، حيث أرفق رئيس اللجنة بوبكر بن حمودة بصور وفيديوهات عن وضعيتها، واصفا رفقة المنتخبين، الوضع بالكارثي والذي يتطلب تدخلا عاجلا للسلطات. و ورد في التقرير الذي استغرق عرضه ومناقشته قرابة 3 ساعات، أن الإقامة الجامعية نحاس نبيل استفادت من أزيد من 22 مليار سنتيم من أجل تهيئة وترميم مست الكثير من أجزائها على غرار دورات المياه التي صرف عليها ما يزيد عن مليار سنتيم، في حين أنفق على الكتامة في عمليتين مبلغ 3 ملايير و 200 مليون سنتيم، حيث ذكر رئيس اللجنة أن ما أنفق لا يتطابق مع الواقع فقد رصدت اللجنة بحسبه، انعداما للتدفئة في بعض الأجنحة، فضلا عن المياه، وفي حال توفرها فإنها تضيع بسب عدم صلاحية الحنفيات. ورصدت اللجنة، انعداما للإنارة الخارجية والداخلية، وكذلك بمعظم الغرف، كما سجلت وجود رطوبة خانقة وانكسارا في النوافذ، في حين أن الطالبات يقمن بحسب التقرير، بجلب كل الأدوات والمعدات الخاصة لترميم الغرف مع انعدام حمامات وانتشار رهيب للأفاعي في ساحة الإقامة، ونددت اللجنة بما وصفته بسوء معاملة الطالبات والتلفظ في حقهن من طرف أعوان أمن بألفاظ بذيئة، كما وقف أعضاؤها في زيارتهم الميدانية ليلا على نقل طالبة إلى المستشفى على متن سيارة خاصة لأحد الحراس، نظرا لانعدام سيارة الإسعاف بالإقامة التي تعد من أقدم المنشآت الجامعية على مستوى الولاية. واستغرب الحاضرون لدورة المجلس الشعبي الولائي المنعقدة نهاية الأسبوع الماضي، من منتخبين ومسؤولين وممثلي المجتمع المدني، وضعية إقامة 8 نوفمبر المعروفة باسم الفيرمة رغم ما أنفق عليها من أموال ضخمة طيلة السنوات الأخيرة، حيث أكدت اللجنة أن هذا الهيكل أصبح يمثل خطرا حقيقيا يهدد حياة الطلبة المقيمين به، كما أصبح يشكل تهديدا أيضا للنظام العام في شقه المتعلق بالصحة والأمن. واستفادت إقامة الفيرمة من غلاف مالي إجمالي يقدر بأزيد من 8.5 ملايير سنتيم، غير أن المنتخبين وصفوا وضعيتها بالكارثية، حيث ورد في العرض أن الأجنحة الخاصة بالإيواء تحولت إلى أماكن لرمي القمامة، كما أنها تفتقد إلى الأبواب والنوافذ والأسرة والتدفئة والإنارة، وأشار المصدر إلى أن وضعية النادي كارثية جدا وهو نفس وضع الملعب. أما المطعم فلا يمكن بحسب أعضاء لجنة التعليم العالي، تسميته بهذا الاسم، حيث استعان المنتخبون بخبير حذر من خطر تسرب الغاز وإمكانية تسببه في حدوث كارثة بسبب التوصيلات الخاصة بهذه المادة، فيما عبر الطلبة للجنة عن استيائهم الكبير نتيجة عدم توفر أدنى ظروف الحياة. و وقف منتخبو المجلس الشعبي الولائي، على سوء كبير في نوعية الوجبات الغذائية وانعدام شروط النظافة بالإقامة الجامعية منتوري للذكور، كما أكدوا وجود انهيارات بأغلب الأجنحة الخاصة بالإيواء. وتحدثت اللجنة عن انعدام المياه وعدم إزالة القمامة التي بلغت حدا «لا يمكن وصفه» مع تسجيل انعدام للأبواب والنوافذ، في حين أن المراحيض في وضعية كارثية جدا مع تسجيل تسربات لمياه الأمطار داخل جميع الأجنحة ما تسبب في اهتراء الكتامة، علما أن المنشأة استفادت من عملية مالية تفوق 4 ملايير سنتيم. و وصفت اللجنة، وضعية الوجبات المقدمة بالمطاعم المركزية التي توجد على مستوى الهياكل البيداغوجية والجامعات، بالسيئة، كما سجلت انعداما تاما للنظافة، قبل أن يتدخل مدراء الخدمات الجامعية ويؤكدوا أن التقرير أغفل الجوانب الإيجابية لواقع الخدمات، حيث ذكروا أن ما جاء فيه مناف للواقع و وجب كما أكدوا الحديث عن مجهودات الدولة في مجال توفير الظروف الملائمة للإطعام والمبيت والنقل. ودعا مدير الخدمات الجامعية عين الباي السيد لعيور محمد، أعضاء المجلس إلى زيارة الإقامات الموجودة في المدينة الجامعية صالح بوبنيدر، حيث قال إن الدولة أنجزت هذه المنشآت الجيدة من حيث الخدمات لتحويل كل الطلبة إليها وضمان إقامة تليق بمقامهم. كما أوضح مدير الخدمات الجامعية وسط أن إقامة الفيرمة قديمة فعلا، لكن تم غلق بعض أجنحتها، في حين أن وضعية الغرف التي يقطن بها الطلبة ما تزال حسنة، مؤكدا أن ما جاء في التقرير ينافي الواقع. الأمين العام للولاية إصرار الجميع على البقاء في المدينة زاد من حدة المشكلة وتدخل الأمين العام للولاية السعيد أخروف لوقف الجدل الحاد الدائر بين رئيس اللجنة ومدراء الخدمات الجامعية، حيث قال إن تقرير اللجنة كان قاسيا جدا كما أن تصريحات المدراء هي الأخرى ليست مطابقة للواقع، حيث أكد أن وضعية الإقامات القديمة سيئة بالفعل ولن تعود إلى سابق عهدها مهما أنفق عليها من أموال، مشيرا إلى أنه كان من المفروض أن يحول الطلبة إلى الإقامات الجديدة، لكن إصرار الجميع على البقاء في المدينة زاد من حدة المشكلة. واعتبر كل المتدخلين أن إنفاق 105 ملايير سنتيم لترميم 16 إقامة دون أن يكون لها أثر ظاهر على أرض الواقع، أمرا غير مقبول، حيث وصفوه بالخطير مطالبين بإنشاء لجنة تحقيق وتحميل المسؤولية لكل طرف، فيما ألح آخرون على ضرورة غلقها وتحويل عقاراتها إلى مشاريع واستثمارات عمومية مع تحويل الطلبة إلى المدينة الجامعية التي تتوفر على إقامات مجهزة ومغلقة منذ سنوات. و وصف المنتخبون، هذه الإقامات بالخطر على الأمن العام قبل أن يقترح المنتخب بركام عبد المجيدبتطبيق صلاحيات المجلس وإعداد مداولة لغلقها نهائيا وهو ما لاقى قبولا عند الحاضرين، في حين تحدثت المنتخبة سماتي عن وجود ما أسمته بسوء تسيير للمال العام، قبل أن يؤكد الأمين العام مجددا أن الميزانيات المخصصة للصيانة في ظل الوضع المالي الذي تعرفه البلاد، ضئيلة جدا لكنه اعتبر أن الأولوية تكمن في تقديم وجبات جيدة لا تضر بصحة الطلبة. إقامة «ألفي سرير» أغلقت بالهاتف وعتادها مفقود وأحدث النقاش حول وضعية إقامة عائشة أم المؤمنين المعروفة ب «ألفي سرير» جدلا كبيرا، حيث ذكر رئيس لجنة التعليم العالي بوبكر بن حمودة، أن غلقها تم بطريقة غير قانونية وغامضة في عام 2015، حيث أغلقت بتعليمة هاتفية، و قال إن هذه التحفة المعمارية المصممة من طرف المهندس العالمي «أوسكار» قد تحولت إلى خراب، في حين تم تحويل كل المعدات من أسرة وأدوات المطعم فضلا عن تجهيزات قاعة السينما، إلى وجهات غير معلومة.وطالب المنتخبون بفتح تحقيق في وجهة المعدات وأسباب غلق الإقامة التي أنجزت ضمن المخطط الهندسي لجامعة منتوري ثم إعادة فتحها بعد 5 سنوات، قبل أن يتدخل لعيور ويؤكد أن الوالي الأسبق حسين واضح، اتصل به هاتفيا وطلب منه تحويل الطالبات إلى مدينة علي منجلي كما منحه مقررا كتابيا بذلك، مشيرا إلى أن التعليمات الصادرة من طرف الوالي جاءت بسبب وقوع الإقامة بالقرب من فندق ماريوت الذي خصص لاستقبال وفود تظاهرة عاصمة الثقافة العربية، مضيفا أن الوالي أمره أيضا بغلق إقامتي منتوري والفيرمة لكن ذلك لم يتم. وذكر الأمين العام للولاية، أنه تم تخصيص غلاف مالي يقدر ب 25 ملايير سنيتم لترميم وإعادة الاعتبار لهذه الإقامة، حيث وجه انتقادات لمدير التجهيزات العمومية نظرا لتأخر إعداد الصفقة منذ أزيد من 6 أشهر، قبل أن يؤكد المسؤول أن التأخر المسجل كان بسبب الإجراءات المنصوص عليها قانونا.