حمل عبد المجيد شيخي مستشار رئيس الجمهورية المكلف بالأرشيف الوطني و الذاكرة الوطنية، الاستعمار الفرنسي مسؤولية الكثافة السكانية المنخفضة بالجزائر التي وصفها بالدولة القارة، مؤكدا أمام الندوة الجهوية حول الذاكرة الوطنية و دورها في تحقيق و حماية الوحدة الوطنية المنعقدة بقالمة، أمس الأحد، بأن سياسة الإبادة و التطهير العرقي التي تعرض لها الجزائريون منذ دخول الاستعمار الفرنسي عام 1830 قد أوقفت النمو الديموغرافي الطبيعي للسكان على مدى 132 عاما، في واحدة من أبشع الجرائم ضد الإنسانية في التاريخ الحديث. و أضاف عبد المجيد شيخي في الملتقى الذي شاركت فيه 7 ولايات شرقية، بأن عدد سكان الجزائر كان 10 ملايين نسمة عندما دخل الاستعمار الفرنسي إلى أرض الوطن، و بعد 132 عاما عندما خرج في جويلية 1962 ترك وراءه 9 ملايين نسمة من الجزائريين، في اختلال ديموغرافي رهيب تسببت فيه جرائم القتل التي اقترفها الاستعمار في حق سكان الجزائر، مؤكدا بأن الاستعمار الفرنسي ترك وراءه دمارا كبيرا، خزينة فارغة، 50 ألف قرية مدمرة، 1.5 مليون شهيد، مليون أرملة، مليوني لاجئ و مليوني سجين، متسائلا أين ذهب التطور العادي للنمو الديموغرافي في الجزائر؟ أين ذهب أجدادنا و أبناؤنا؟. و قال مستشار رئيس الجمهورية بأن الوطن الجزائري تعرض لتعرية رهيبة في كل المجالات، في النمو الديموغرافي، في الثقافة و العلوم في الهوية و التاريخ، مؤكدا بأنه لو لم تكن الجزائر ذات أهمية لما تعرضت و تتعرض لكل هذا الدمار و التشويه و التعرية على مر الزمن، و لما التفت إليها أحد، مضيفا بأن ما وصفه بتشويه الجزائر و استهدافها لم يبدأ يوم الاحتلال الفرنسي سنة 1830، بل بدأ قبل ذلك بقرون طويلة من الزمن، و مازال مستمرا إلى اليوم. و أوضح المتحدث بأن كل الجزائريين كانوا يقرؤون و يكتبون قبل 1830 و لهم إنجازات في مجال العلوم و الثقافة لكنهم فقدوا كل شيء عندما خرج الاستعمار الفرنسي، و من الصعب سد الفراغ الرهيب في كل مناحي الحياة في غضون 30 عاما على الأقل. و قال عبد المجيد شيخي بأن الذاكرة هي كم معرفي موجود في جسم الإنسان، و لا أحد يعرف بالتحديد هل هو في العقل أو في القلب أو في مكان آخر من الكيان البشري، مؤكدا بأن الذاكرة تساعد على معرفة الماضي و استشراف المستقبل، داعيا الجزائريين إلى الاهتمام أكثر بالذاكرة الوطنية لتحقيق الوحدة الوطنية و حمايتها، مناشدا المؤرخين من أجل ابتكار منهجية جديدة في مجال البحث و كتابة الذاكرة، مؤكدا بأن عمل المؤرخ لا يجب أن يتوقف عند المصادر المخطوطة فقط، و عليه أن يبحث عن مصادر أخرى كالذاكرة الشعبية الحية. و في ختام كلمته دعا مستشار رئيس الجمهورية الولاة إلى تشكيل لجان ولائية و تسطير برامج للاحتفال بالذكرى الأولى ليوم الذاكرة المصادف ليوم 8 ماي 2021 لتذكير الأجيال بثوابت الوطن و اللغة و الدين.