التمس ممثل النيابة العامة بمحكمة الجنح الابتدائية بالمسيلة، مساء أول أمس، تسليط عقوبة الحبس النافذ لمدة 7 سنوات، ضد مدير الموارد المائية الأسبق «س.ع» و ثلاثة رؤساء مصالح بذات المديرية، بينما التمس عقوبة الحبس النافذ 5 سنوات، ضد موظفين اثنين و 3 سنوات ضد متهمين آخرين، بينهم 22 مقاولا و أصحاب مكاتب دراسات. المتهمون توبعوا بجنح إبرام اتفاقية و صفقات مخالفة للأحكام التشريعية و التنظيمية بغرض منح، عمدا، امتيازات غير مبررة للغير و إساءة استغلال الوظيفة، عمدا، على نحو يخرق القوانين و التنظيمات، بغرض الحصول على منافع غير مستحقة لشخص آخر و التبديد العمدي لأموال عمومية و الإهمال الواضح المؤدي إلى ضياع أموال عمومية و تحرير شهادة تثبت وقائع غير صحيحة ماديا و الاستفادة من سلطة و تأثير أعوان الدولة و المشاركة في تحرير شهادة تثبت وقائع غير صحيحة ماديا. القضية تعود إلى شهر جوان من العام 2019، حينما أودع والي المسيلة الأسبق، إبراهيم أوشان، شكوى بخصوص تسجيل اختلالات في قطاع الموارد المائية، ليتم فتح تحقيق معمق من طرف فصيلة الأبحاث بمجموعة الدرك الوطني و التي أسفرت عن تحديد المسؤوليات ضد 31 شخصا، بينهم مديران للموارد المائية و إطارات و موظفون و أصحاب مؤسسات انجاز و مكاتب دراسات، وجهت لهم التهم سالفة الذكر. أطوار المحاكمة التي تمت عن طريق تنقية التقاضي عن بعد بالنسبة لمدير الموارد المائية الأسبق «س.ع: و الذي حول قبل أشهر إلى سجن القليعة بسبب معاناته من مرض مزمن، بينما حضر بقية المتهمين إلى قاعة الجلسات رفقة 6 شهود، حيث انطلقت المحاكمة في حدود الساعة العاشرة و النصف صباحا من خلال الاستماع لتصريحات مدير القطاع الذي وجهت له تهم تتعلق بجنح إبرام اتفاقية و صفقات مخالفة للأحكام التشريعية و التنظيمية، بغرض منح، عمدا، امتيازات غير مبررة للغير و إساءة استغلال الوظيفة و التبديد العمدي لأموال عمومية. المتهم و ردا على أسئلة القاضي بخصوص وقائع قضية الحال، أنكر التهم الموجهة إليه، مؤكدا على أنه ظل لسنوات طويلة من عمره خادما للدولة و لقطاع الموارد المائية و أنه منذ تحويله على رأس القطاع بولاية المسيلة سنة 2013، عمل بتفان على تجسيد برامج الدولة في قطاع المياه و تحسين الخدمة للمواطنين، لاسيما البرامج الاستعجالية لربط مناطق الولاية بالمياه الصالحة للشرب و التي جرته إلى المحاكمة اليوم، مضيفا بأنه و إلى غاية 14 أفريل 2018 حينما تعرض لنوبة صحية ألزمته الفراش و السفر بعدها إلى دولة مجاورة للعلاج، قام بجميع الإجراءات المتعلقة بمشاريع الري، لكنه و بسبب المرض بدء من ذلك التاريخ، لم يكن على اطلاع بما حصل من تطورات. و أن كل ما قام به من صفقات و اتفاقيات، كان قانونيا و في ظل احترام دفاتر الشروط و القوانين المعول بها و بتأشير من سلطات الولاية. وقد طرح القاضي سؤالا حول منح 9 مشاريع لمؤسسات انجاز برسالة تكليف، قبل أن تمنح لهم الاستشارات فيما بعد ليجيب المتهم الرئيسي قائلا « نحن قمنا بانجاز استشارات في إطار قانون الصفقات، من خلال المرور عبر لجنة فتح الأظرفة التي قامت بعملها في شفافية تامة «، مضيفا بأن هذه المشاريع هي عبارة عن برنامج استعجالي بالنظر للظروف التي كانت تمر بها كل منطقة، لتوفير المياه الصالحة للشرب للمواطنين الذين دفعوا إلى اتخاذ قرارات استعجالية بسبب كثرة الاحتجاجات اليومية و هو ما أدى إلى تدخل سلطات الولاية التي طالبت بالتعجيل في تجسيد عمليات لتوفير المياه للمواطنين على سبيل العجلة. نفس المتهم ووجه بالعديد من الأسئلة حول عدد من المشاريع و منها تجهيز محطة التطهير ببوخميسة التي أثبتت الخبرة القضائية أنه لم ينجز و أيضا بالنسبة لمشروع تجهيز محطة بني يلمان حيث قال» بالنسبة للمشروع الأول، ما حصل بعد مغادرته الولاية بعد تعييني بولاية ميلة، لم يسمح لي بمعرفة إن كان قد أنجز أم لا» مشيرا بالقول إلى أن مشروع بني يلمان أنجز وفقا لما كان يقتضيه الوضع حينها، من خلال ضغط المواطنين عن طريق الاحتجاجات اليومية بضرورة توفير الماء الصالح للشرب بالمنطقة، حيث تنقل حينها الأمين العام للولاية الذي ألزم مؤسسة الانجاز بتجهيز المحطة التي تربط آبار أم شواشي بقناة الجلب في بني يلمان بالمياه الصالحة للشرب. و واصل المتهم نافيا ما نسب إليه من وقائع، خصوصا ما تعلق ب3 آبار أنجزت و لم تستعمل بحمام الضلعة، موجها أصابع الاتهام لمسؤول مصلحة الذي قال بأنه تقع على عاتقه متابعة المشاريع و التجهيز و هذا حدث قبل تحويله إلى الولاية سنة 2013. كما قال صاحب مؤسسة الانجاز ببني يلمان «و.ع» من جهته، بأن صفقة التجهيزات التي حصل عليها، فرضت عليه من قبل الأمين السابق للولاية، الذي هدده يقول بالقضاء إن لم يقم بتجهيز المحطة في منطقة أم الشواشي و هذا تحت ضغط المواطنين المحتجين حينها سنة 2018، بعدما اشتكوا من غياب المياه الصالحة للشرب لفترة تجاوزت 21 يوما. إلا أنه و رغم ذلك، لم يتمكن من تسوية وضعيته المالية إلى يومنا هذا و وجد نفسه متابعا في القضية و هذا ما أكده جميع المقاولين و أصحاب مكاتب الدراسات، الذين قالوا بأنهم راحوا ضحية الإدارة التي طلبت منهم تجسيد مشاريع الري، لكنهم بالنهاية لم يحصلوا على مستحقاتهم و منهم من لجأ للقضاء من أجل ذلك. ووجه القاضي سؤالا مشتركا لمدير الموارد المائية الأسبق و المدير السابق الذي كلف بتسيير القطاع بالنيابة و رؤساء المصالح و الموظفين، يتعلق بوجود سجلات عديدة بالمديرية، وقد بدا على المتهمين التناقض في تفسير القضية و نفس الأمر بالنسبة لنفي كل منهم مسؤوليته في تحرير رسائل التكليف بالأشغال و حصول المقاولين التسعة عن رسائل التكليف فيما بعد عن المشاريع، بعد مشاركتهم في الاستشارات، حيث أكد كل منهم حصوله على الاتفاقيات بتقديم أقل عرض. فيما ركزت مرافعات الدفاع في مجملها، على قانونية الإجراءات التي سارت على نحوها إدارة مديرية الري في تحرير رسائل التكليف بالأشغال و التي تبررها المادة 12 من قانون الصفقات العمومية، التي تنبه لاستثناء في حال وجود برامج استعجالية تتطلب تدخل مسؤولي القطاع بأمر السلطات العمومية بانجاز مشاريع في قطاع المياه و تحرير أي وثيقة يمكن أن تراها مناسبة. تجدر الإشارة، إلى أن النطق بالحكم في القضية، سيكون يوم الأحد 18 أفريل الجاري.