الطبعة الأولى ركزت أكثر على ظاهرة العنوسة إقترح المشاركون في الطبعة الأولى من المهرجان الوطني للإبداع المسرحي النسوي التي أسدل الستار على فعالياتها نهاية الأسبوع بركح المسرح الجهوي عزالدين مجوبي بعنابة فتح المجال للعروض المتوجة في هذه التظاهرة بالمشاركة في المهرجان الوطني للمسرح المحترف، و حتى في المهرجانات الدولية الخاصة بالعروض المسرحية، و ذلك بغية إطار مثل هذه المهرجانات الفتية طابعا مميزا، على إعتبار أن النسخة الأولى لم تشهد نجاحا كبيرا من حيث نوعية العروض، الأمر الذي جعل المنظمين يقترحون تشكيل لجنة انتقائية للعروض التي ستدخل المنافسة في الطبعات المقبلة، من أجل ضمان تقديم عروض في المستوى ، كما ذهب المشاركون إلى مطالبة الوزارة الوصية بإطلاق إسم الفنانة الراحلة " كلثوم " على هذا المهرجان، و جعله تظاهرة فنية سنوية، و ذلك عرفانا بما قدمته هذه الفنانة للمسرح الجزائري، كونها أول إمرأة عربية نالت جائزة " الأوسكار " في مهرجان " كان السينمائي " خلال سنة 1967. و في سياق متصل فقد حرص المشاركون في هذه التظاهرة على ضرورة إستغلال هذه المناسبات لتمتين التبادل بين الأدب والمسرح، و ترسيخ تقاليد التواصل بين الأدباء وممارسي العروض ، وبالمرة التشجيع على الاقتباس عن الأدب الجزائري ، و لو أن لجنة التحكيم ثمنت المشاركة القوية لتجارب الفرق المسرحية التابعة لبعض الإقامات الجامعية ، و ذلك بالتعاون مع الجمعيات الثقافية ، في ظل الغياب الكلي للمسارح الجهوية ، بإستثناء مشاركة وحيدة لمسرح سيدي بلعباس الذي قدم عرضا مشتركا بالتنسيق مع قسم الفنون الدرامية لجامعة بلعباس ، كما أن محافظة المهرجان، و التي ترأستها الفنانة صونيا على سجلت غياب العنصر النسائي عن الحِرف الركحية المختلفة في معظم العروض المقدمة ، مما دفعها إلى توجيه دعوة للمؤسسات الثقافية لدعم الإنتاج المسرحي النسوي لضمان الفرجة بإختلاف الأجيال المتداولة على خشبة المسرح، مع التفكير بجدية في فتح هذا المهرجان بشكل أوسع على المحيط التربوي والجامعي، وحث الباحثين على مسايرة فعاليات طبعاته المستقبلية. هذا و كانت ظاهرة العنوسة من بين أبزر القضايا التي عالجتها العروض المسرحية التي تم تقديمها في الطبعة الأولى من مهرجان " كلثوم " منها مسرحية " سوق الرجال " التي كتبتها العمري كعوان، وأخرجتها الممثلة سعاد سبكي، عرضتها الجمعية الفنية "مسرح محمد اليزيد"من الجزائر العاصمة، و هو العمل الذي نالت بفضله سعاد سبكي الجائزة الثانية في المهرجان " كلثوم "، كونه عالج بطريقة موضوعية قضية إجتماعية، تتمثل في " العنوسة " ، و العقبات التي تواجه الفتيات في رحلة البحث عن شريك الحياة. وتمحورت أحداث "سوق الرجال" حول شابتين وهما العمرية و جميلة، شاركتا في مسابقة تلفزيونية، لكن "العمرية" أصيبت بصدمة عندما علمت أن جميلة تقاسمها حب شابٍ كان في نظرة كل واحدة منهما بمثابة الزوج المستبقلي الذي بنيت عليه الأحلام، و قد كان هذا العمل مرآة عاكسة لأزمة الزواج في المجتمع الجزائري، و قد تم تشريح هذه الوضعية بطريقة فكاهية لمدة ساعة من الزمن . هذا و قد قدمت الفنانة سامية سعدي من مسرح سكيكدة الجهوي عرضها " أحلام زمان " ، و الذي أدت الممثلة أدواره بكل تلقائية في قالب ممزوج بين الدراما والفكاهة، مجموعة من المعوقات والنظرة الدونية ، التي ترى بها المجتمعات العربية الفتاة التي فاتها سن الزواج، و تسمية " البايرة " التي أصبحت تثير مخاوف الشابات في البلدان العربية، و في مقدمتها الجزائر، ومعاناة هذه الشريحة من العنصر النسوي من الناحية النفسية ، إلى درجة أنها تصبح مجبرة على اللجوء إلى إعتماد كل الأساليب و الطرق من أجل الحصول على زوج. و عالج هذا المونولوغ حكاية أحلام التي بقي مشروعها في الحصول على زوج مجرد حلم، إلى أن بلغت سن الخامسة والأربعين، خاصة مع عقلية أمها المحافظة التي لم تسمح لابنتها حتى بالخروج من البيت، من أجل قضاء حاجياتها ، مما يجعلها تنفجر ضد الوضع في مرحلة معينة من حياتها، لتقرر الخروج إلى الشارع على أمل الحصول على رجل بأية طريقة، سيما و أن مستواها الدراسي و الثقافي محدود ، بعدم قدرتها على القراءة والكتابة، لكن ذلك لم يثن من عزيمتها في البحث عن الرجل الذي وجدته أخيرا بعدما تخلت عن الكثير من مبادئها وعاداتها، فأحلام تعيش يوميا مع هاجس البحث عن عريس ، وسط مجتمع لا يفهمها ، تدور الأحداث في نسق تسلسلي من سرد و إحاطة بتفاصيل هاجس أحلام، إلى اللحظة التي تظفر فيها هذه المرأة التي أسدل الستار عليها، و بعدما وجدت فارس أحلامها ، و قد لبست ثوب الزفاف الأبيض له، و انتظرته بباقة ورد .. هذا المونولوغ مكن الممثلة سامية سعدي من الظفر بالجائزة الثالثة في مهرجان عنابة للإبداع المسرحي النسوي، سيما و أنها مرت في عرضها الخاص برحلة البحث عن ذلك الرجل، بالكثير من المتناقضات التي يعيشها المجتمع الجزائري، أمثال تلك الفئة من النساء اللائي يخرجن بمظاهر غير محترمة، و يملكن أفضل الفرض في الحصول على الرجال ، بالإضافة إلى الفوارق الطبقية التي تجعل أيضا التعامل مع فئة الأغنياء أفضل من بقية طبقات المجتمع،كما عالجت أيضا قضية الشبان الذين لم يعرفوا أبدا الجامعة أو في الكثير من الأحيان الثانوية، ورغم ذلك تجدهم يتحدثون في كل شيء وعن أي شيء، واحد من هؤلاء هو من قبل الزواج من أحلام في الحلم ، لكنها تستفيق من النوم فجأة لتتبخر تلك الأحلام كلها.