يتنافس شباب جزائري هذه الأيام، على رسم أحسن جدارية بمناسبة الألعاب المتوسطية، وهي العملية التي انطلقت بداية التظاهرة. ويرغب هؤلاء الفنانون في الارتقاء بفن «الغرافيتي» في الجزائر بهدف إضفاء جمالية وبهاء على المدن والمؤسسات والمحيط العام. وفي هذا الإطار، قام الشاب شمس الذين بلعربي من مستغانم، برسم صورة للفنان «حزيم» الذي رحل عن عالمنا مؤخرا، وتعتبر الجدارية التي رسمت بجدار يلف دار الثقافة، تكريما لهذا الفنان الذي قدم الكثير ورسم البسمة على شفاه الكثيرين، خاصة في سنوات الرعب والخوف في حقبة التسعينات، ويعتبر مكان الرسم أيضا (دار الثقافة) رمزية مهمة جدا، وكأنها أعادت الفنان لمنزله. وإلى جانب حزيم، رسم شمس الذين كذلك، بورتريه للصحفي والمنشط الثقافي عبد القادر لعرايش، الذي توفي خلال شهر رمضان الماضي إثر حادث مرور خطير، وهذا أيضا تكريما له على أعماله الإعلامية والتنشيطية، وأيضا مساهماته في تقديم المساعدة والأعمال الخيرية، التي عرف بها على مستوى الولاية. وخلال جولة قادت النصر أول أمس الخميس إلى وسط المدينة، صادفنا الشاب مكي دفاس، والذي اشتهر مؤخرا برسمه لبورتريه الفنانة «بيونة»، حيث أوضح مكي أنه ينحدر من جيجل ومتواجد بوهران لضبط الأمور القانونية، والحصول على ترخيص من أجل رسم جدارية على شكل بورتريه للمرحوم حسني، وأنه اختار حائط «ديسكو مغرب» لرسمها لما له من رمزية عميقة، كون المرحوم حسني كانت بداياته الفنية من هذا الأستوديو، الذي تحول اليوم مع الألعاب المتوسطية، لمحطة سياحية يتوافد عليها زوار وضيوف الباهية لأخذ صور لهم. وفي دردشة مع الشاب مكي، أوضح أنه يسعى لرسم بورتريهات على جداريات مختلفة عبر الوطن، تخليدا وتكريما لفنانين رحلوا عن عالمنا ومازالت أعمالهم موجودة وأيضا لآخرين مازالوا على قيد الحياة، ولكن غابوا عن الساحة الفنية، مشيرا أن فن «الغرافيتي» في تطور مستمر بالجزائر، ولكنه يحتاج لدعم السلطات للرقي به لمستوى العالمية. للعلم، فقد نظمت محافظة الألعاب المتوسطية قبل انطلاق التظاهرة، مسابقة وطنية لأجمل جدارية، وتنافس فيها شباب خلدوا الألعاب المتوسطية ووجوه فنية ومعالم تاريخية وأعلام وأبطال جزائريين عبر التاريخ، وكانت شرفة واجهة البحر بوهران مكانا لتفجير إبداعاتهم، مثلما كانت جدران شارع جيش التحرير وجدران دار الثقافة أيضا، متنفسا لهؤلاء الفنانين لتجسيد أفكارهم وميولاتهم الفنية. وهكذا تزينت وهران وازدادت بهاء بأنامل أبناء الجزائر، كون هؤلاء الشباب ينحدرون من مختلف جهات الوطن، وكانت التظاهرة المتوسطية فرصة ثمينة لهم للخروج من الظل، وربما إعطاء إشارة انطلاق لأعمال مماثلة في مناطق أخرى، مثلما أبرز بعضهم حتى لا ينتهي «الغرافيتي» مع اختتام الألعاب المتوسطية.