أكد وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج أحمد عطاف، أمس، أن الجزائر أكدت على الالتزام الذي قطعه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون بأن تكون صوتا من بين الأصوات الصادقة في خدمة إفريقيا بمجلس الأمن، وبأنها تحرص على تمثيل القارة خير تمثيل وبأن تعمل جاهدة للدفاع عن اهتمامات وتطلعات الدول الإفريقية المشتركة، مبرزا أن الجزائر ستحظى بتمثيل القارة الإفريقية بمجلس الأمن الأممي ابتداء من جانفي المقبل، وبالتالي ستكون لها إمكانية المساهمة بصفة مباشرة في توحيد الصوت الإفريقي وتعزيز تأثيره على عملية صنع القرارات الأممية في شقها المرتبط بالسلم والأمن في القارة السمراء. وقال عطاف خلال تلاوته للبيان الختامي للدورة العاشرة لمنتدى السلم والأمن في إفريقيا الذي اختتم أمس بوهران، أن الجزائر اليوم على أتم الاستعداد لتولي العهدة المنوطة بها في مجلس الأمن الأممي، و ملتزمةً تمام الالتزام بالتنسيق والتعاون والتضامن مع أشقائها الأفارقة ومتمسكة بالنهج القويم الذي أرساه مسارُ وهران الخالص لوجه إفريقيا، والراسخ في القيم والمبادئ الافريقية، والمتفرد بمقاصده وأهدافه ومراميه، مثلما أكد على ذلك رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في أكثر من مناسبة مثلما أردف عطاف، مبرزا أن الجزائر تتطلع بكل صدق وبكل إخلاص وبكل أمانة لرد جميل القارة الافريقية التي تبنت ترشيحها لعضوية مجلس الأمن الأممي وهو المنصب الهام، معتبرا أن رد الجميل دينٌ، والوفاء بالالتزام فرضٌ، وصون الأمانة عهدٌ واستحقاق الثقة وجهٌ من أوجه الإخلاص لما يخدم أحسن خدمة وأرقاها حاضر ومستقبل القارة الإفريقية. وقال وزير الخارجية أحمد عطاف في كلمته الختامية أمس، إن نجاح النسخة العاشرة من "مسار وهران" يتجلى من خلال ثلاثة مستويات، أولاها مستوى المشاركة الذي كان رفيعا بمشاركة كل أعضاء مجلس السلم والأمن الإفريقي وأيضا الأعضاء الأفارقة في مجلس الأمن الأممي ومنهم حتى بعض الأعضاء القدامى، إلى جانب حضور كبار المسؤولين من مفوضية الاتحاد الإفريقي ومن منظمة الأممالمتحدة، كما كان مستوى المشاركة رفيعا من خلال تواجد المنظمات المتخصصة منها معهد الأممالمتحدة للتدريب والبحث "اينيتار" والدول الشريكة التي تدعم مسار وهران وهي "النرويج، سويسرا، الدانمارك". أما المستوى الثاني لنجاح المنتدى فتعلق بالمستوى الموضوعاتي الذي تجسد في أهمية الملفات المدرجة في جدول الأعمال والتي تم بحثها والتداول حولها باستفاضة وتدقيق، ووفق عطاف دائما فإن المنتدى كان فرصة للأعضاء الجدد في مجلس الأمن "الجزائر، سيراليون" للاستفادة من تجارب سابقيهم في الهيئة الأممية، وتدارس أبرز التحديات التي تواجه السلم والأمن في إفريقيا في المرحلة الراهنة، وخاصة المد الخطير للتغييرات غير الدستورية للحكومات وآفاق وضع حد لها، كما تم اعتماد العديد من الأفكار التي ستعرض مستقبلا على القادة الأفارقة تتعلق بسبل تعزيز السياسة القارية للتعامل مع آفة التغييرات اللادستورية، وثمن عطاف التوافقات والالتزامات والتوصيات التي تمت بَلْوَرَتُها في إطار هذه الدورة العاشرة وفق نظرة واقعية واستشرافية ترمي أساساً إلى تكثيف الجهود الجماعية من أجل الاستجابة الهادفة والناجعة للتحديات الأمنية والسياسية في القارة السمراء، وعلى وجه الخصوص ظاهرة التَغْيِيرات غير الدستورية للحكومات التي بلغ اِنْتِشارُها مُستوياتٍ مقلقةً فرضت على المشاركين في مسار وهران تخصيص جلسة كاملة لمناقشتها وتدارس السبل الكفيلة بالتصدي لها والوقاية منها، بالإضافة للانتشار المقلق لآفتي الإرهاب والجريمة المنظمة وسبل مواجهتها في ظل ما تفرزه تداعيات السياق الدولي المضطرب على مختلف الأصعدة مع تجدد مناخ الاستقطاب في الساحة الدولية. وتمثل المستوى الثالث الدال على نجاح الدورة العاشرة، في أهمية التوصيات التي تمخضت عن هذه الدورة ومنها بلورة طرق وأساليب جديدة للعمل من أجل تعزيز التأثير الإفريقي بمجلس الأمن، و اعتماد خطوات فعلية لتمكين القارة الإفريقية من بلورة جيل جديد من عمليات بناء وحفظ السلام في القارة وتكون من تصميم إفريقي وتمويل أممي، كما تم اعتماد العديد من الأفكار التي ستعرض مستقبلا على القادة الأفارقة. وأوضح عطاف أن هذه الدورة التأمت تحت طابع خاص بالنظر لعاملين، أولهما أنها كانت فرصة فريدة من نوعها للوقوف على ما قطعه مسار وهران من أشواط على مدار عشرية من الزمن وتسليط الضوء على ما ينتظر دول القارة في قادم المراحل والمحطات لتحقيق الأهداف المرجوة، كما نقل الوزير تهاني رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون للمشاركين في الدورة العاشرة ومباركته لنجاحها، وأنه تابع مختلف أطوارها وأحاطها بعناية خاصة بالنظر لأهميتها ودورها في تنظيم العمل الافريقي الجماعي، معتبرا أن اجتماع الدور العاشرة كان بحق تعبيراً حياً عن التضامن الافريقي في ظل ظرف عالمي شديد التأزم يملي على الجميع الالتفافَ حول القيم والمبادئ والمثل التي قامت عليها ومن أجلها المنظمة القارية "الإتحاد الإفريقي"، وحشد القدرات في إطارها لمواجهة التحديات والأخطار التي تفرضها الأوضاع المضطربة إقليمياً ودولياً. وأردف الوزير أن مسار وهران أثبت أهميته وفعاليته ودوره المحوري في تقوية صف الدول الافريقية وفي إعلاء كلمتها تحت عنوان قارة موحدة، قوية وسيدة في مواقفها وقراراتها، ومؤثرة في صنع القرارات الدولية وبالدرجة الأولى تلك المتعلقة باستتباب السلم والأمن في مختلف مناطقها وفضاءاتها الرحبة وتحصين الكتلة الافريقية بمجلس الأمن التي أضحت من أبرز الكتل السياسية بالمجلس ومن أكثرها تجانساً وتآزراً وترابطاً، منوها بأن القارة الافريقية باتت تَتَفَرَّدُ عن غيرها من التكتلات الإقليمية الأخرى، بتمكنها من تحديد عهدة قارية يلتزم بها ممثلوها بهذه الهيئة الأممية المركزية، مشيدا بتوسع المجموعة الافريقية بمجلس الأمن مما يعكس المصداقية والجاذبية التي صارت تحظى بها مجموعة الأفارقة الثلاث في مجلسٍ بات مُكَبَّلاً بتناقضاته وشِبْهَ مشلول بانقساماته ومنعدم الفعالية والتأثير على مجرى الأحداث نظير استفحال الاستقطاب بداخله وإطلاق العنان لمنطق القوة والصراع في إطاره.