من حق السيد صنصال أن يذهب إلى حيث يشاء، فقد أصبح حرا منذ تقاعد من وظيفته السامية في وزارة الصناعة الجزائرية، ويجوز لمن اكتشف الحرية متأخرا أن يسرف في التمتع بها. ومن حق إسرائيل أن تفرح باستضافة كاتب عربي، كي تشعر بأنها غير معزولة في محيطها الإقليمي وأن جيرانها الذين تقتل أطفالهم كفوا عن مناصبتها العداء خصوصا حين يكون هذا العربي من بلد هو من أكثر البلدان راديكالية في معاداة إسرائيل. ولا بأس أن يجازى بالحرية التي افتقدها في بلاده على حد تعبير أحد منظمي مهرجان الكتاب في القدس، ولا ندري هنا ما نوع الحرية التي يجود بها الاسرائيليون ، وهل هي من صنف نادر لا يمنح إلا لضيوف الشرف الذين يتحملون مشاقا كثيرة في طريقهم إلى القدس، صنف لا نفهم كيف سيقبل به نصير الحرية وهو يعرف أنه ممنوع على الفلسطينيين. لا نحسد بوعلام صنصال على حريته، لكننا نعرف أن الحرية تؤخذ كلها أو تترك، ونعرف أنه في الوقت الذي كان هو في منصبه الحكومي الرفيع كان كاتب ياسين يناهض النظام الذي هجاه هو متأخرا وكذلك فعل رشيد بوجدرة وحتى الأجيال التي أتت بعدهما سواء التي كتبت بالعربية أو بالفرنسية وواجهت النظام كما واجهت الإسلام السياسي، ودفعت ثمن ذلك، من هذه الناحية لن يكون صنصال "نبي الحرية" الجزائري، ومن ناحية القيمة الأدبية لا يمكن التشكيك في موهبة هذا المبدع الذي جاء متأخرا إلى الرواية، أي بعد التقاعد من الوظيفة، واستطاع في سنوات قليلة أن يحتل مكانة مرموقة في الساحتين الأدبيتين الجزائرية والفرنسية. لكن لا يمكن لأحد أن ينكر أن المواقف السياسية للكاتب لعبت لصالح الشهرة التي بات يتمتع بها، الأمر الذي يثير الريبة والتساؤل عما إذا كان الرجل يسلك "خط سير" يروق صنّاع نجوم الأدب في باريس، وربما كان الخط ذاته هو الذي قاده إلى القدس، لأنه يعرف أن نفس الخط يقود إلى الجوائز والمجد في غرب يخص نفسه بالحرية ويجبر المتعاملين معه على "العمالة" وإلا كيف نفسر الخط الأحمر الذي وضع فوق أسماء كتاب انتقدوا همجية وعنصرية إسرائيل وكانوا ولا يزالوا أهم من صنصال أدبيا؟ إذا كان الأمر كذلك، وهو كذلك، فإن حرية السيد صنصال ليست صحيحة.