تفاهم حول توسيع التعاون في الدفاع ومكافحة الإرهاب والنقل خلاف بين الجزائر وأنقرة من الأزمة السورية بدا الخلاف واضحا بين مراد مدلسي وزير الشؤون الخارجية ونظيره التركي أحمد داوود أوغلو من الأزمة السورية في اللقاء الصحفي المشترك أمس بالجزائر، ففي الوقت الذي قال فيه الأول أن الجزائر لها كل الثقة في أن يتمكن الأخضر الإبراهيمي من إيجاد حل سلمي للازمة السورية، قال أوغلو انه حان الوقت ليقول المجتمع الدولي كفى للظلم الذي يمارسه الأسد ضد شعبه، لكن في مجال التعاون اتفق الطرفان على تعزيزه أكثر وتوسيعه ليشمل التعاون العسكري ومجال مكافحة الإرهاب. يكون الملف السوري ربما نقطة الخلاف الوحيدة بين الجزائر وتركيا بمناسبة زيارة وزير خارجية هذه الأخيرة لبلادنا أمس، فعلى الرغم من عبارات المجاملة و الشكر والتذكير بالروابط التاريخية المشتركة التي ساقها كلا من وزير الشؤون الخارجية مراد مدلسي ونظيره التركي أحمد داوود أوغلو في اللقاء الصحفي المشترك الذي نشطاه أمس بمقر وزارة الشؤون الخارجية بعد الجولة الأولى من المباحثات بينهما إلا أنهما لم يتمكنا من إخفاء الخلاف الواضح بينهما في معالجة هذه المشكلة. فقد قال مراد مدلسي أن الجزائر وتركيا لهما «الثقة الكاملة في قدرة المبعوث العربي والدولي الأخضر الإبراهيمي على إيجاد حل سياسي للمعضلة السورية وتقليص المسافة بين الإخوة الفرقاء» مشيرا في نفس الوقت أن للأتراك حساسية مفهومة من هذا الملف بحكم الجوار الجغرافي، بينما ظهر نظيره التركي متمسكا بالطرح الذي ظهرت به بلاده مند البداية اتجاه ما يحدث هناك، وقال أن موقف بلاده كان واضحا من جميع الثورات العربية ووقفت دائما إلى جانب المطالب المحقة للشعوب، وبالنسبة للازمة السورية قدمت تركيا مند البداية نصائح للرئيس بشار الأسد بعدم استعمال الأساليب غير السلمية في التعامل مع مطالب شعبه، وقد بادرت داخل الجامعة العربية والأمم المتحدة في هذا الاتجاه لكن للأسف -- يضيف أوغلو- «لم يصغ بشار الأسد لكل هذه النصائح والمبادرات التي جاءت من دول شقيقة وصديقة ولجأ للعنف ضد شعبه». وخلص المتحدث إلى انه رغم هذا فإن بلاده تدعم كل المبادرات والدعوات في إطار الجامعة العربية لكنه «حان الوقت للمجتمع الدولي ليقول كفى لهذا الظلم» وهي العبارة التي لخصت الموقف النهائي لأنقرة في التعامل مع الأزمة السورية، وعكس ذلك اظهرا الوزيران توافقا إلى حد كبير وحول الأزمة المالية، التي قال بشأنها مراد مدلسي أن الجزائر مع الحوار وقد بذلت جهدا كبيرا من اجله، وقد أعطى اليوم ثماره و أصبح الحل السياسي اليوم هو الأساس في مالي. في مجال التعاون الثنائي رفض كلا من مدلسي وأوغلو وصف العلاقات الثنائية بين البلدين «بالجامدة» وقال مدلسي ردا على سؤال حول هذا الموضوع أن الظروف ربما لم تسمح بمثل هذه الزيارات لكن الطرفان دأبا على الالتقاء في محافل أخرى، والعلاقات تطورت بصفة ايجابية في السنوات الأخيرة ووصفها بالاستثنائية، مضيفا انه إذا حدث يوما ما خلاف بين الطرف (استعمل كلمة شتم) «فإن الشتم لا يكون إلا بين الإخوة ولا ينقص شيئا من جهود البلدين». في الجانب الاقتصادي والتجاري عبرا الوزيران عن إرادة كلا من الجزائر وتركيا لتعزيز التعاون في هذا المجال، وقال مدلسي بهذا الخصوص بعد الجولة الأولى من المباحثات مع نظيره التركي أنهما سجلا بكل ارتياح إن السنوات الماضية كانت غنية بالتطورات الايجابية والأرقام، فقد وصل حجم المبادلات التجارية بين البلدين 4 ملايير دولار، كما بلغت الاستثمارات التركية في بلادنا مليار دولار، مؤكدا تفاهم البلدين على توسيع حجم التعاون ليشمل ميادين أخرى مثل محاربة الإرهاب والدفاع الوطني والصناعة العسكرية، دون نسيان الجانب الثقافي الذي يشكل الرابط المشترك بين الشعبين. كما أشار مدلسي ابيضا إلى انه تطرق مع أوغلو الى مسألة العراقيل التي تقف في وجه المستثمرين الأتراك مثل الضمانات البنكية والتأشيرة وغيرها وحقوق العمال الأتراك في الجزائر، والتسهيلات الأخرى التي من المكن أن تأتي عن طريق خدمات النقل. وحول هذه النقطة كشف عن الاتفاق على إنشاء فوج عمل على مستوى وزارتي النقل في البلدين يأخذ على عاتقه دراسة مسألة استغلال الإمكانيات الموجودة بين البلدين في هذا المجال بحريا وجويا. من جانبه أوضح وزير الخارجية التركي أن الجزائر شهدت تطورا كبيرا في السنوات الأخيرة على المستوى الاقتصادي، وان البلدين يمكن أن يكونا مكملين لبعضهما البعض، مشيرا إلى وجود 160 مؤسسة تركية تعمل في الجزائر في مشاريع تفوق قيمتها 3,5 مليار دولار، وقال انه بإمكان رفع حجم التبادل بينهما من 4 ملايير دولار إلى 10 ملايير دولار في اقرب وقت، وطلب صراحة بتسهيل إجراءات الحصول على التأشيرة بين البلدين في مرحلة أولى، وإلغائها بعد ذلك نهائيا، كما قال انه بلاده مستعدة لدعم الجزائر للانضمام لمنظمة التجارة العالمية والوقوف معها في جميع المحافل والمنظمات الدولية، معتبرا في النهاية الجزائر شريكا هاما في البحر المتوسط وإفريقيا والشرق الأوسط. واتفق الطرفان على مواصلة التشاور السياسي، وعقد اللقاءات الثنائية بينهما مرتين في السنة على الأقل كما صرح بذلك أوغلو.