رئيس الجمهورية: كل رموز المقاومة والثورة التحريرية المجيدة يجب أن ينالوا حقهم من الأعمال السينمائية    سينمائيون يشيدون بعناية رئيس الجمهورية لقطاع السينما    المجلس الشعبي الوطني: الفوج المكلف بإثراء المشروع التمهيدي لقانون الجمعيات يستمع إلى رئيسة الهلال الأحمر الجزائري    السيد بن براهم يستقبل الأديبة و الكاتبة الفرنسية إيزابيل فاها    الحرب تنتهي في غزة والمحتل يجرّ أذيال الهزيمة    صحافيون وحقوقيون يتبرّؤون ويجدّدون دعمهم للقضية الصحراوية    الجزائر تحقق إنجازا مهما على الساحة الدولية    أنشيلوتي مهدَّد بالإقالة    وفد من الحماية المدنية التونسية يحل بالجزائر    تقليص مدة الاستجابة لنداءات الاستغاثة    إنقاذ 200 شخص مؤخرا عبر الولايات    60 منصبا تكوينيا في طور الدكتوراه بجامعة وهران 1    حزبنا أودع مقترحاته حول مشروعي قانوني البلدية والولاية    استلام محطة تصفية المياه المستعملة السداسي الثاني من 2025    ولايات جنوب تنظم فعاليات متنوعة وتدشين مشاريع تنموية    الأسواق الإفريقية والآسيوية وجهات واعدة للتصدير    انطلاق التسجيل في الدورة الثانية لمسابقة توظيف الطلبة القضاة    تلاميذ تقرت وسطيف في ضيافة المجلس الشعبي الوطني    سينمائيون يشيدون بالاهتمام الكبير الذي يوليه رئيس الجمهورية لقطاع السينما    عروض كثيرة لحاج موسى    ديدوش مراد صنع مجد الجزائر    وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ    وقف اطلاق النار في غزة : بدء عملية تبادل الاسرى بتسليم حركة "حماس" ثلاث محتجزات صهيونيات الى الصليب الأحمر الدولي    الشركة الجزائرية-القطرية للصلب/جيجل: تصدير نحو 700 ألف طن من منتجات الحديد خلال 2024    المجلس الأعلى للشباب: رفع تقرير سنة 2024 المتضمن لمقترحات قوية إلى رئيس الجمهورية مارس المقبل    تكوين مهني: استلام منشآت جديدة ببومرداس خلال العام الجاري    المغرب: الانشغال بالأجندات وإهمال الحقوق الأساسية وراء إخفاقات الحكومة في احتواء أزمة الصحة    نديل: التحول الطاقوي بات من أولويات الحكومة ومشاريع واعدة للرفع من القدرات الوطنية للمحروقات    الجلسات الوطنية للسينما: بللو يبرز دور الدولة في ترقية المشهد الثقافي    سوناطراك تشارك في قمة ليبيا للطاقة والاقتصاد    افتتاح وكالة جديدة لبنك الجزائر الخارجي بتيميمون    المعهد الوطني للصحة العمومية: تنظيم دورات تكوينية حول الوقاية والتكفل بالأمراض المرتبطة بالتغذية    غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا الى 46391 شهيدا و 110750 جريحا    رياضة مدرسية: تأسيس عشر رابطات ولائية بالجنوب    الطبعة ال3 للدورة الوطنية للكرات الحديدية: تتويج ثلاثي تلمسان بولاية الوادي    صورة تنصيب ترامب تثير الجدل!    أين الإشكال يا سيال ؟    شايب: نهدف إلى تحسين خدمة المواطن    الجزائر تتحرّك من أجل أطفال غزّة    الصليب الأحمر يعلن التحضير لتنفيذ عملية تبادل الأسرى وتكثيف الاستجابة الإنسانية في غزة    جيدو/البطولة الوطنية فردي- أكابر: تتويج مولودية الجزائر باللقب الوطني    تجارة: عدم التساهل مع كل أشكال المضاربة والاحتكار للحفاظ على استقرار السوق    الذكرى ال70 لاستشهاد ديدوش مراد: ندوة تاريخية تستذكر مسار البطل الرمز    فتح تحقيقات محايدة لمساءلة الاحتلال الصهيوني على جرائمه    ريان قلي يجدد عقده مع كوينز بارك رانجرز الإنجليزي    الجزائر رائدة في الطاقة والفلاحة والأشغال العمومية    رحلة بحث عن أوانٍ جديدة لشهر رمضان    بلومي يباشر عملية التأهيل ويقترب من العودة إلى الملاعب    المولودية على بُعد نقطة من ربع النهائي    بلمهدي: هذا موعد أولى رحلات الحج    رقمنة 90 % من ملفات المرضى    بلمهدي يزور المجاهدين وأرامل وأبناء الشهداء بالبقاع المقدّسة    المتحور XEC سريع الانتشار والإجراءات الوقائية ضرورة    بلمهدي يوقع على اتفاقية الحج    كيف تستعد لرمضان من رجب؟    ثلاث أسباب تكتب لك التوفيق والنجاح في عملك    نحو طبع كتاب الأربعين النووية بلغة البرايل    انطلاق قراءة كتاب صحيح البخاري وموطأ الإمام مالك عبر مساجد الوطن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ملف
نشر في النصر يوم 15 - 03 - 2013

أرجعوا السلوكات العنيفة إلى تأثيرات العشرية السوداء والإرث الاستعماري
مختصون يدعون إلى تكسير طابو الجنس الذي يغذي العنف في المجتمع الجزائري
عاش سكان قسنطينة أسبوعا أسود على وقع جريمة بشعة راح ضحيتها الطفلان إبراهيم حشيش 9 سنوات وهارون بودايرة 10 سنوات اللذين تعرضا إلى الاغتصاب والقتل خنقا من طرف شخصين أثار توقيفهما زوبعة في الأوساط الشعبية التي دعت إلى إعدامهما في أسرع وقت وطالب البعض بتسليمهما إلى العائلتين للقصاص منهما في ساحة عمومية،القضية اهتز لها الرأي العام وعاد معها الحديث عن عقوبة الإعدام وعن ظاهرة الشذوذ الجنسي و علاقتها باختطاف الأطفال وعن المسكوت عنه في طابو الجنس وأسباب العنف المتفشي في المجتمع الجزائري وعلاقته بالفترة الدموية التي عاشتها الجزائر.النصر ومن خلال هذا الملف حاولت الاستناد إلى رأي حقوقيين ومختصين لتشريح أسباب مثل هذه الانحرافات وطرق التخلص منها مع التطرق إلى مطلب عدم إلغاء عقوبة الإعدام في مثل هذه الحالات، وقد سجلنا ما يشبه الإجماع على أن العنف حقيقة في المجتمع الجزائري و له علاقة بالاضطرابات الأمنية التي عاشتها بلادنا في العشرية السوداء وما سبقها من تأثيرات الممارسات الاستعمارية كما يؤكد المختصون أن التكتم على موضوع الجنس لا يحل المشكلة بل يزيدها تعقيدا داعين إلى ضرورة القيام بعمل بحثي عميق والاستثمار في الإنسان، كما حملوا الجهات الأمنية مسؤولية عدم التكيف مع مستجدات الجريمة وتجاهل عامل التنبؤ والابتعاد عن مفهوم الجوارية في التغطية الأمنية.
عدت الملف نرجس كرميش
تصوير:الشريف قليب
الأستاذة بن براهم محامية وناشطة حقوقية
الطفل أصبح مجرد سلعة في سوق الدعارة
تحذر الناشطة الحقوقية بن براهم فاطمة الزهراء من تحول الطفل إلى مجرد سلعة في سوق الدعارة مثل المرأة بعد أن زاد عليه الطلب مشيرة إلى تفشي ما أسمته بالدعارة العشوائية التي ترى أنها تذر أموالا ضخمة على بعض الأطراف، وترى المحامية انه لا يمكن الخوض في حكم الإعدام ظرفيا وبدواعي عاطفية لأنها مسألة حساسة تتطلب شروطا غير متوفرة في العدالة الجزائرية.
تعتبرالأساتذة بن براهم الاختطاف ظاهرة لا يمكن معالجتها دون معرفة الأسباب والإجابة على سؤال لماذا بلغنا هذه المرحلة؟ومن هم المستفيدون من الظاهرة؟، وترى أن الحديث عن عقوبة الإعدام في هذه المرحلة سابق لأوانه ما لم توفر عدالة فعلية خالية من الأخطاء القضائية لأن العقوبة لها شروط صارمة جدا في الإسلام متسائلة هل يمكننا اليوم تطبيقها ومؤكدة بأن الأمر مرتبط باستقلالية العدالة ، معترفة بأن محاكمنا اليوم ينقصها الكثير سواء في معالجة الملفات أو الوقت المطلوب لدراستها أو نوعيات الخبرة مع تسجيل ضعف في أداء القضاة والمحامين على حد سواء لتكون النتيجة الزج بأشخاص غير مذنبين في قضايا خطيرة ، رافضة التناول الظرفي لحكم الإعدام مثلما هو حاصل منذ العثور على جثتي إبراهيم وهارون.
الناشطة الحقوقية صاحبة الملفات الثقيلة قالت أن الاختطاف بغرض الاغتصاب لا يعد ظاهرة جديدة وتدعو إلى ضرورة تجاوز تأثيرات الظرف حتى لا نضطر إلى التحرك ظرفيا وفق إملاءات العاطفة فقط، لأن هذا النوع من الجريمة موجود وقد يكون التناول الإعلامي هذه المرة ساعد على إبرازها وحولها إلى قضية رأي عام ،وتلاحظ المحامية أن معظم حالات الاختطاف يكون دافعها رغبات جنسية وغالبا ما يتم، حسبها، اللجوء إلى أطفال من المحيط يعرفون الجاني أو الجناة لسهولة استدراجهم ويتبع الاغتصاب بالقتل حتى لا تشي الضحية بالفاعل أي تغطية جريمة بأخرى وهو منتهى الضعف في نظرها من طرف الفاعل الذي هو في الحقيقة جبان.
الأستاذة بن براهم تطالب بدراسة معمقة من اختصاصيين وبضرورة وضع نصوص تمنع دعارة الكبار وهو موضوع سبق وأن أثار حولها ضجة و اعتبربمثابة دعوى لفتح بيوت الدعارة التي تراها أقل ضررا من الدعارة العشوائية التي يشهدها المجتمع الجزائري والتي حولت الجزائر إلى سوق للأطفال ودفعت أمهات عازبات إلى قتل الأطفال أو بيعهم وترى أن هناك أطراف تكسب مداخيل كبرى من الدعارة التي لم تعد كما تؤكد مقتصرة على النساء بل أصبح الأطفال مطلوبون جدا ويتم إخضاعهم لأفعال لا يتقبلها العقل ما حوله إلى مجرد سلعة تماما مثل المرأة، محملة جزء كبيرا للأسرة حيث تقول أنها وجدت أبا في ولاية من الغرب الجزائري يعرض أبناءه للكراء جنسيا مقابل المال .
اعتبار الجرائم الجنسية من الطابوهات جعلها برأي الحقوقية تمارس في صمت ويتزايد معدلها من يوم إلى آخر كزنا المحارم الذي هو واقع لا يمكن تجاهله معتبرة مطلب القصاص الشعبي غير منطقي لأن هناك قانون يجب الخضوع له، وتسجل السيدة بن براهم تجاهل الجهات الأمنية للظاهرة و تتحدث عن غياب المعالجة النفسية لتأثيرات ما بعد الإرهاب وإلى تراجع أخلاقي رهيب جعلنا نشهد حالات متاجرة الرجل بزوجته مثلما هو حاصل في الجنوب أين تصطف النساء، كما تقول، على حواف الطرقات ويعرضن مثل السلع وترى أن الأمر ناتج عن فراغ قانوني وتواطؤ على مستويات عدة.
يوسف علال إمام مسجد الأمير عبد القادر
"على أهل الضحايا ترك القصاص للعدالة حتى لا تعم الفوضى"
يوجه إمام مسجد الأمير عبد القادر نداء إلى أولياء الضحايا وسكان قسنطينة بضرورة ترك مسألة القصاص للعدالة حتى لا تتفشى الفوضى في المجتمع لكنه يشدد على أن تطبق أقصى العقوبة على الفاعلين لفضاعة جرمهما معتبرا انسحاب الأسرة من تربية الأبناء سببا في انتشار ظواهر غريبة عن المجتمع.
و يقول الأمام للنصر أن القتل وإزهاق الروح من الجرائم القديمة في تاريخ البشرية بدأت مع قابيل وهابيل ومنذ ذلك يعتبر القتل من اكبر الجرائم و أفظعها على الإطلاق حيث جاء في كتاب الله" من قتل نفسا بغير نفس كأنما قتل الناس جميعا" ويقول رسول الله "ص" : «لايزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما" أي أن من يمت وهو لم يقتل روحا قد يغفر الله له كل الذنوب ما لم يصل خطورة القتل، ويقول الرسول " من أشار على أخيه بحديدة لا تزال الملائكة تلعنه حتى يضعها".
ويستغرب الإمام وجود أناس يجتمعون على قتل روح بريئة مشيرا أن الأئمة تناولوا الموضوع في صلاة الجمعة بتذكير الناس بضرورة الاهتمام بتربية الأبناء مع التطرق إلى الأسباب لتوعية الإنسان ومعالجة الأمر بالحكمة حتى لا يعالج الضر بضرر أكبر لكنه ذكر بأن العقوبة يجب أن تكون في مستوى الجريمة أي النفس بالنفس وذلك تطبيقا لما ورد في كتاب الله " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى، الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى" لذلك فإن القصاص كما يضيف حق من حقوق الإنسان له أن يطالب به أو يعفو وهنا تجوز له الدية .
المتحدث شدد على أن تطبيق الشريعة والقوانين من اختصاص الحاكم وهو المسؤول أمام الله والشعب على تطبيق القوانين لكن القوانين يجب أن تعبر عن إرادة ومصلحة الأمة وهناك برأيه إجماع في الشارع على أنه لا يمكن القبول بأقل من الإعدام، ووجه نداء للمواطنين المطالبين برأسي الفاعلين بترك الأمر لأهل الاختصاص حتى لا تعم الفوضى في المجتمع .
الشيخ علال قال أن أسباب انتشار الجريمة والأفعال الشاذة كثيرة أهمها غياب دور الأسرة مسجلا انتشار حالة الجهل داخل الأسر بحقوق الزوجة والأبناء لوجود من يعتقدون أن التربية هي مجرد إعالة وإطعام وكساء وكأنهم» بهائم»متجاهلين،كما يقول، كونهم مسؤولون عن تربية النفوس والعقول والأرواح، ويؤكد إمام أكبر مساجد الجزائر بأنه يلاحظ بأن الأطفال من 10 إلى 13 سنة تواجدهم بالمساجد نادر كون الآباء لا يرافقون أبناءهم للصلاة،رغم أن المسجد هو الملاذ والمدرسة الثانية، معتبرا الرفقة السيئة نتاج التربية السيئة ونقص مراقبة الأولياء لأبنائهم مستغربا كيف يكون لشاب عمره 21 سنة صداقة بشخص عمره 38 سنة إن لم يكن يجمعهما أمر ما.
البطالة والفراغ أيضا تعدان في نظر الإمام من أسباب انتشار الظواهر الغريبة عن المجتمع إضافة إلى مسألة عدم تيسير الزواج، وعن الدور الذي يجب أن يؤديه المسجد قال المصدر أن المسجد مؤسسة من المؤسسات التربوية في المجتمع ولا يمكنه أن يكون الجهة الوحيدة في التربية مؤكدا على تأثيرات الوسائط الجديدة التي مكنت الشباب والأطفال من التفتح على ثقافات أخرى وعلى أمور غير معهودة لأجيال سابقة جعلتهم في نهاية الأمر يحفظون في ذاكرتهم أشياء نظرية يطبقونها في الحياة ما جعل المجتمع يشهد أشياء لم نكن نسمع عنها إلا في الأفلام ووضع الطفل تحت تأثير دوائر أخرى تدخل في تربيته رغم أنف الأسرة وتتطلب الحذر والمتابعة الدائمة.
ودق الإمام ناقوس الخطر داعيا إلى ضرورة الاستثمار في الإنسان و اعتبار الفرد الجزائري مشروعا ينبغي توفير شروط نجاحه، معلقا" أي إنسان نريد للجزائري أن يكون سؤال نطرحه على الإمام والقانوني والأسرة وكل الأطراف التي لها علاقة".
الدكتور نورالدين مزهود مختص نفساني
الجنس أول محرك للجريمة بالجزائر
دق الأستاذ نور الدين مزهود مختص في علم النفس ناقوس الخطر حول مستقبل المجتمع الجزائري بالقول أننا مقبلون على مرحلة أكثر خطورة وقال أن الجنس من أكثر أسباب العنف ببلادنا لانعدام نقاش اجتماعي مؤكدا بأننا نحصد نتائج مرحلة الإرهاب.
حيث يرى أن ظاهرة الإجرام لها علاقة بسنوات الإرهاب و بانتشار العنف ويقول أن تلك المشاهد الخاصة بالأشلاء والجثث المنكل بها كانت بداية المساس بكرامة الإنسان وأصبح العنف أمرا عاديا وقال أن المختصين لطالما حذروا من نتائج تلك الفترة بعد انتهائها، وهو ما يحدث حاليا ، مؤكدا بأن ظاهرة الاختطاف ليست جديدة وقد ظهرت منذ 6 أو 7 سنوات لكن السلطات لم تواجهها ولم تفعل شيئا في اتجاه الحد منها أو فهمها لأن لديها إصرار على حل المشاكل بعيدا عن العلم.
ويؤكد الأستاذ مزهود للنصر أن العنف كسر الحاجز النفسي و تحول الموت إلى أمر عادي ليتخذ من العنف لغة جديدة وربما وحيدة للتواصل وأصبح يمارس على كل المستويات بداية من الإدارة وصولا إلى الشارع في وقت إنهارت فيه الأسرة تماما مفسرا تنامي ظاهرة العصابات الإجرامية بفشل المنظومة التربوية التي يقول أنها أنتجت أجيالا غبية، محدثنا يعتبر تحليل أي جريمة أمرا غير ممكن في ظل عدم فهم كل العوامل والعمل وفق تحليل نسقي يعتمد فيه على جميع المعطيات.
ودق المختص النفسي ناقوس الخطر بالقول أن ما سيأتي سيكون أكثر خطورة ولن يتوقف الأمر عند جريمة يتم التنديد بها أو إعدام مرتكبيها ويشترك في تحليله مع باقي المختصين حول نقص الأمن ووجود إختلالات في العدالة ويصف منظومة المؤسسات العقابية بالفاشلة كونها تنتج مجرمين أكثر خطورة يدخلونها مجرد لصوص صغار، معتبرا المعالجات الفردية للجريمة حلا ظرفيا لن يلغي حقيقة ما يجري وما سيحدث مستقبلا.
وقد استدل الأستاذ مزهود بنموذج الشاب الجزائري السائد حاليا وحالات التماهي التي تعبر، حسبه، عن خطورة ما وصل إليه المجتمع، حيث أصبح هو ذلك الشاب المادي الأناني الذي يسيء معاملة الكبير ويعنف الصغير ولا يتكلم إلا بالبذيء زيادة على أنه سلوكاته عنيفة متسائلا «أين هم المختصون ليحللوا ملمح الجريمة أو شكلها وأسبابها؟".
وأكد المتحدث أن الجنس والمال هما أهم دوافع الجريمة في الجزائر وأن الجنس أهمها على الإطلاق لانعدام مشروع تربية وهو نموذج آخذ في الانتشار ويتطلب طرحا صريحا ونقاشا اجتماعيا جادا بدل التكتم الذي لا يخدم المجتمع والتباهي بأن كل شيء على ما يرام في مجتمع يشكو من كل الأمراض، معتبرا انتشار تداول المهلوسات من أسباب ارتفاع معدل الجريمة التي لها سقف مقبول لكنها برأيه بالجزائر أخذت منحى خطيرا جدا في ظل غياب تأطير جدي للشباب.
بغدادي ترعي فتيحة محامية ومندوبة جهوية للشرق للجنة الوطنية الاستشارية لحماية وترقية حقوق الإنسان
الأمن مهلهل والشرطة الجوارية تفتقد لعامل التنبؤ
ترى المندوبة الجهوية لهيئة قسنطيني بولاية قسنطينة أن هناك استثناءات تستدعي التطبيق المباشر لحكم الإعدام مثلما هو الشأن بالنسبة للجرائم التي تتعدى نطاق الإنسانية متحدثة عن تهلهل أمني يسهل الجريمة و عن افتقاد الشرطة الجوارية لمنطق التنبؤ، نافية تسبب عمليات العفو عن المساجين في تزايد معدل الجرائم.
تؤكد الأستاذة بغدادي للنصر أن الشارع واقع تحت تأثير صدمة الجريمة ولذلك يطالب بالتنفيذ الفوري للإعدام لكنها ترى بأن هناك استثناءات يجب تطبيقها على الجرائم الثابتة والخارجة عن نطاق الإنسانية، وتشير بأنها كحقوقية ضد إلغاء عقوبة الإعدام لكنها مع مبدأ التأجيل الذي تعد الجزائر من بين الدول المنخرطة في سياق نصه الدولي، كون الإعدام حكم لا يمكن استدراكه بعد التنفيذ، وبالتالي «فإن أي خطأ تقديري أو إجرائي أو هفوة في الملف قد تعرض حياة شخص بريء للموت بواسطة حكم بالعدالة»، لأن «المحامي والقاضي بشر وهامش الخطأ وارد لأي سبب من الأسباب لذلك وجب ،برأيها، توفير وقت يسمح بتدارك الأمر في حال تبين أن هذا الشخص أو ذاك بريء.
المحامية تضيف أن الإجراء في حد ذاته يعد تعذيبا للمحكوم عليه وجعله ينتظر وقتا أكبرفي نظر حقوقيين يعرضه لآلام نفسية أكثر ويعني قتله أكثر من مرة لذلك هناك من يطالبون إما بالتطبيق أو الإلغاء تماما، وبالنسبة لما يشهده المجتمع من ظواهر تبلغ حد قتل طفلين بعد التحرش بهما جنسيا قالت ممثلة هيئة قسنطيني أن الأمر يجب أن يبنى على التوعية التي يلعب فيها المجتمع المدني دورا أساسيا وبحث سبل التكفل الحقيقي بالشباب وما يعانونه من فراغ معترفة بأن المجتمع يعيش تحت وقع رعب، حيث تفيد أن ولاية قسنطينة مثلا من المدن التي لم تكن معروفة بانتشار الجريمة متسائلة ، كيف تنفذ بها جريمة بهذه البشاعة بكل بساطة وفي ظرف أيام؟، ما يعني وفق تحليلها أن الأمن مهلهل ولا بد من أن يستند على سياسة يقظة أكبر ويعمل وفق مبدأ التنبؤ وتكون سرعة التدخل أكثر نجاعة مع الابتعاد عن التريث في حالات معينة كاختطاف الأطفال لأن انتظار 24 ساعة على الأقل لتسجيل البلاغ بالاختطاف يمنح الخاطفين وقتا كبيرا للقيام بمختلف أنواع الجرائم.
الأستاذة بغدادي تشير بأن الاضطرابات التي يشهدها المجتمع تتحمل مسؤوليتها مختلف الجهات الرسمية والمجتمع المدني وحتى المجتمع بمختلف مكوناته لأنه لم يتم الاستثمار في الإنسان واكتفى الجميع بدور المتفرج وحتى في حالات التدخل يتم ذلك ببطء، زيادة على ما تقول عنه التعاطي السلبي لأولياء الأطفال المتعرض لهم جنسيا والذين يعالجون الأمر داخل الأسرة ويتكتمون عنه، مسجلة تراجعا كبيرا لدور الأسرة والمدرسة وغياب تام لعنصر التحليل العلمي من طرف الباحثين والمختصين .
وحول ما يتداوله الشارع عن كون عمليات العفو الكثيرة عن المساجين سبب في انتشار الجريمة قالت الحقوقية أنه أمر غير صحيح لأن العفو لا يشمل جرائم الدم والمخدرات واصفة مطلب تسليم المجرمين للمواطنين ل “القصاص" بأنه مطلب انفعالي ناجم عن أثر الصدمة في النفوس ودقت المتحدثة ناقوس الخطر لتحرك الحقوقيين ونفسانيين ومختصين في علم الاجتماع لتحليل ظاهرة العنف والشذوذ الجنسي، ممثلة هيئة قسنطيني بالولاية ترى أن فترة الإرهاب أثرت على المجتمع بشكل سلبي وأن المجتمع يتجه نحو الهوة لافتقاده للتأطير.
المتحدثة ترى انه “على الأمن أن يتكيف مع مستجدات الجريمة" ويبتعد عن السذاجة ويجب أن تتطابق الشرطة الجوارية عمليا مع التسمية لان مركز الشرطة سابقا كان يعرف كل صغيرة وكبيرة في الحي رغم أنه لم تكن هناك شرطة جوارية كالتي تم إنشاؤها بعد فترة الإرهاب، معلقة بأن “الشرطة لم تعد جوارية بمجرد اتخاذها للتسمية"، لكن المحامية من جهة أخرى ترى أن شرطة علي منجلي، أين وقعت الجريمة، تشكو من نقص التعداد حيث يوجد مقران للأمن الحضري وبعدد أعوان يعملون في ظروف قاسية نظرا للتوسع العمراني الكبير الذي تشهده المدينة.
الباحث في علم الاجتماع عبد المجيد مرداسي
الجنس يطغى على حياة الجزائريين ولا توجد شجاعة لطرح الظاهرة للنقاش
يرى الباحث في علم الاجتماع أن العنف الجنسي جزء من عنف عام متفشي في المجتمع لأسباب لها علاقة بالاضطرابات التي وقع الفرد الجزائري تحت تأثيرها في فترتي الاستعمار والإرهاب وهي ظاهرة مسكوت عنها وغير مطروحة للتحليل لأسباب يقول أنها سياسية، مؤكدا بأن الجنس يطغى على حياة الجزائريين لكن المجتمع لا يتوفر على الشجاعة الكافية للاعتراف بذلك محذرا من مطلب معاقبة المجرمين خارج المحاكم وما قد ينجر عن ذلك من عنف مجتمعي.
يؤكد الأستاذ مرداسي للنصر أن المجتمع الجزائري عاش في محيط مشبع بالعنف عبر مختلف المراحل من تاريخه بداية من عنف الاستعمار إلى العنف الممارس ضده أثناء الثورة إلى مرحلة الإرهاب وهو ما يعني أن هناك ما يبرر اللجوء إلى العنف في حياتنا اليوم، ويرى المتحدث أن المجتمع يطرح به مشكلا أخلاقيا تعد الاعتداءات الجنسية أحد أشكاله وهو لا يمارس ضد الأطفال فقط بل النساء والرجال من مختلف الأعمار ، مشيرا بأن الجنس يطغى على حياة الجزائريين لكن المجتمع ليس لديه شجاعة الكافية لطرحه كظاهرة موجودة ولها تأثيراتها على الحياة.
ويسجل المختص في علم الاجتماع أن الممارسات الجنسية فيها اختلال كبير نتيجة تأخر الزواج، لعدة أسباب، ما يجعل جزء من الطلب على الجنس يحقق بالاعتداءات والعلاقات الشاذة التي يعلم الخاص والعام أنها «كانت تمارس في فترة الإرهاب بالجبال» وهي مرحلة، كما يضيف، شهدت حالات اغتصاب لنساء وأطفال وهناك شهادات بذلك، لكن الشجاعة تبقى غير متوفرة لمواجهة ظاهرة العنف بمختلف أشكاله بما في ذلك الجنسية.
الأستاذ مرداسي قال أن الزواج سابقا كان يحدث في سن مبكرة وكانت الحياة الجنسية تمارس في إطار شرعي ولم تكن المشاكل الجنسية تطرح بهذه الحدة، ومع تطور الحياة وتغير معطياتها تراجع معدل سن الزواج إلى ما بين 35 و40 سنة ، والحاجات تزايدت لتتحول إلى سلوكات خاطئة في ظل غياب فضاءات بديلة يمارس فيها الشاب حياته العادية مما ترتب عنه سلوكات خاطئة وشاذة وصلت إلى الأطفال، ويعتبر محدثنا أن المخدرات مجرد عنصر لتسهيل الوصول إلى الفعل وأن المشكل الحقيقي هو الكبت والحاجة الجنسية.
وفي سياق تحليله للظاهرة أفاد الباحث أن مرحلة الإرهاب جعلت العنف أمرا عاديا ولم تعد لروح الإنسان قيمة كبيرة وأصبح من السهل جدا ارتكاب فعل القتل، محملا جزء كبيرا من المسؤولية للعدالة ومؤكدا بأن هناك جرائم يفترض أن لا يشملها العفو، معتبرا طرق احتفاء المساجين عند خروجها من المؤسسات العقابية مؤشرا على ظاهرة خطيرة حولت المجرم إلى بطل يغادر السجن في موكب احتفالي.
وعن الجدل المتجدد حول عقوبة الإعدام قال المختص في تطور المجتمعات أن الإسلام يقدس الروح وأنه لا يمكننا أن نبلغ مرحلة تطبيق العقوبة قبل أن تكون لنا عدالة قوية ومستقلة معتبرا مطلب إعدام قاتلي إبراهيم وهارون في ساحة عمومية أو الانتقام رد فعل خاطئ قد يفتح دائرة عنف مجتمعي لا يمكن غلقها، الحل يكمن وفق طرح الأستاذ مرداسي في طرح سياسي و اجتماعي للظاهرة وأسبابها بدل التعامل السطحي، ويرى من جهة أخرى أن المجتمع يفتقد إلى مؤسسات وساطة شرعية ومجتمع مدنى حقيقي “لا يخضع كما هو الحال الآن إلى الرقابة والقيود.. أي أنه يتمتع بالشرعية"، وبالنسبة لدور المؤسسات الدينية يقول محدثنا أن نفس المعطيات تنطبق عليها لأن جرائم مماثلة ترتكب بالمسجد ومن طرف رجال دين إضافة إلى ما يقول عنه افتقاد رجل الدين للشرعية التي تجعله قادرا على توجيه المجتمع ومرجعية موثوق بها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.