سباق الدعاة و المنشدين يحتدم على الفضائيات في شهر رمضان لم يكن قبل سنوات نشاط الدعاة منتشرا بشكل كبير بالعالم العربي و الإسلامي، إلا أن برامج الدعاة بدأت تأخذ منعرجا آخر خلال السنوات الأخيرة التي ميزها بروز أسماء جديدة و كثيرة تستثمر شهر رمضان لأجل الظهور ببرامج جديدة أو متابعة سلسلات قديمة، لتتحول مختلف الشاشات الفضائية و حتى المحلية منها إلى معترك يتنافس من خلاله عشرات الدعاة و حتى المنشدين الذين بدوا هذا العام و كأنهم في سباق عبر حصص يتشابه الكثير منها. فقبل سنوات قليلة، لم تكن برامج الدعاة تعرف انتشارا خاصة في بلدان المغرب العربي على عكس ما كانت عليه في دول المشرق العربي، و لم تكن تتداول إلا أسماء قليلة كالداعية المصري عمر خالد و الدكتور طارق سويدان على سبيل التمثيل لا الحصر، غير أن القائمة توسعت و أصبح عددهم بالعشرات، و بعد أن ظل نشاط هذه الشريحة مقتصرا على الكتب و المحاضرات لسنوات طويلة، فإن للتطور التكنولوجي تأثيراته على ذلك عندما انتقل النشاط إلى شاشات التليفزيون و أصبحت تشكل هذه البرامج نسبة كبيرة من جملة البرامج المعروضة عبر أغلب القنوات العربية، في حين تتربع على عرش القنوات الدينية، ليتمكن مقدموها و معدوها من استمالة ملايين المسلمين و ضمان اخلاصهم لمتابعة دائمة و مستمرة. و من خلال قراءة بسيطة لما يتم عرضه عبر مختلف القنوات الفضائية خلال هذا الشهر و على القنوات الدينية بشكل خاص، نلمس نوعا من المنافسة و التسابق من خلال محاولة التميز ببرامج معينة ذات شعبية واسعة، أو المجيء بالجديد و الحصري لضمان أكبر نسبة مشاهدة، بتسجيل عشرات البرامج مثلا على مستوى قناة واحدة كقناة الرسالة التي تعرض يوميا أزيد من 10 برامج كبرنامج رحلة روح للداعية ماجد أيوب، التفسير الميسر للدكتور عائض القرني، مفاتيح رمضانية للدكتور محمد حسان، علما أن التركيز قائم على أسماء بعينها تعرف شعبية واسعة في أوساط المجتمعات المسلمة كالدكتور عائض القرني و محمد راتب النابلسي و محمد عبد الرحمان العريفي، هؤلاء و غيرهم الذين تشاركوا في عمل جماعي هذا الموسم بإطلالة مميزة عبر برنامج سواعد الإيخاء لكوكبة من الدعاة يعملون على نقل تجاربهم الشخصية للمشاهدين. و بالإضافة إلى جملة البرامج التي تأخذ شكل سلسلات تعدت السنة الخامسة لها كخواطر لأحمد الشقيري التي دخلت عامها التاسع، و كذا مذكرات سائح للدكتور علي العمري في رحلتها السابعة، و التي نسجل فيها شبه تطابق في نوعية المواضيع المتناولة، فإن برامج الدعاة قد باتت تستهوي حتى المنشدين الذين اقتحموا الميدان و تحولوا إلى مقدمين في حصص تلفزيونية خلال شهر رمضان مستغلين في ذلك الشهرة التي اكتسبوها من خلال الإنشاد، كالمنشد عبد القادر قوزع عبر برنامج "على هواك". و من خلال هذا التنوع، نسجل نوعا من المنافسة بين هذه البرامج و بين الدعاة أنفسهم الذين يتناول الكثير منهم مواضيع متشابهة في حصص لا تختلف سوى في أسمائها، و كأن عدوى المنافسة التي نعيشها كل شهر رمضان بالنسبة للدراما بين المسلسلات الإجتماعية منها الكوميدية و حتى التاريخية، قد انتقلت لتطال البرامج الدينية التي يتزايد عددها باستمرار و يتزايد عدد مشاهديها يوميا.