مع اقتراب أيام الشهر الفضيل، يكثر الحديث عن البرامج التلفزيونية التي ستشد المشاهد العربي على اختلاف أذواقه، كما تنتعش شاشات الكثير من الفضائيات التي تصف نفسها ب"الدينية"، والتي تستثمر في هذا الشهر لزيادة عدد متتبعيها، بعد نفور فئة كبيرة من المشاهدين الذين لم يجدوا في تلك القنوات ضالتهم الروحيّة. اشتعلت المنافسة بين الفضائيات الدينية على جذب المشاهدين في شهر رمضان الكريم، حيث أعلنت معظم الفضائيات عن برامج دينية تناقش، وتطرح تعاليم الدين الإسلامي. وتروّج الفضائيات لبرامجها بهدف جذب المشاهدين، حيث بدأ الشيخ محمد حسان في الإعلان عن برنامجه "مشكاة الأنوار" على قناة "الرحمة"، والترويج بأن القناة لم تبخل على البرنامج بكافة الإمكانيات المادية للظهور بديكور غني، ومعبر ليزيد من الراحة النفسية عند المشاهدين. وتروّج قناة "الرسالة" التي فقدت بريقها الأول، في سنوات إطلاقها، لكثير من برامجها، وعلى رأسها برنامج "الأسوة الحسنة" للدكتور عوض القرني، والذي يتناول سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم بالتركيز على المعاني، والقيم المجتمعية بعيداّ عن السرد التاريخي، وكذا مواقف من حياته مع إسقاطاتها على الواقع المعاصر. وتحاول قناة "اقرأ" جذب استرجاع ما فقدته من مشاهدين، بباقة من البرامج الدينية، وعلى رأسها برنامج "فقه الحياة" للشيخ يوسف القرضاوي، حيث يتناول معنى الفقه، وأصنافه، وأيضا الركائز، والقواعد المتبعة في الفقه. وتراهن قناة "المجد"على استقطاب المشاهدين بمجموعة من البرامج، من بينها برنامج "الشاشة لك"، من خلال تحويل المشاهدين إلى أبطال على الشاشة ليحكوا بأنفسهم، وبكاميراتهم أكبر عدد من القصص المصورة والواقعية. كما أعلنت قناة "الفجر" عن برامجها الرمضاني، ومن بينها برنامج "يوسف أيها الصديق" للشيخ محمد سعد ياقوت، ويتناول سلسلة من القصص القرآني في ظلال قصة يوسف. من جانب آخر، شنّ محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف المصري هجوما حاداّ على القنوات الفضائية الدينية فيما تقدّمه من فتاوى مضللة، وفكر متشدد على مستقبل الأمة الإسلامية، خاصة بعد إعلان بعض الفضائيات عن خطتها الرمضانية، والتوسع في برامج الفتاوى. وقال زقزوق "إن الفضائيات الدينية تمارس دوراّ خطيراّ على الأمة الإسلامية بسبب تعمّدها شغل الناس بالأمور الهامشية، والشكليات التي تبعد الأمة عن قضاياها المصيرية". ويعتقد المتابعون أن القنوات الفضائية الدينية عملت بشكل مؤطر على الحد من انفتاح العالم العربي على العالم من خلال بث الرسالة الدينية المنغلقة، المسلمة والمسيحية على السواء، وأن أغلبها يدور حول قضايا "الحياة الآخرة" أكثر من تناوله "الحياة الدنيا"، إلا بما يقدم الشعائر والمناسك.