سيناريو فيلمي حول زيغود يوسف جاهز و أتمنى تجسيده مع مخرج عالمي هناك لوبيات لا تريد من الأفلام التاريخية سوى الريع يخوض الباحث و الناقد و الأستاذ الجامعي الدكتور أحسن ثليلاني تجربة جديدة تتمثل في كتابة سيناريو عن حياة الشهيد زيغود يوسف. وذلك بعد أن غاص ر في ذكريات و تفاصيل حياة و شخصية البطل الذي يشبهه بأبطال أفلام الوسترن لوسامته و حيويته و حرصه على امتطاء فرس و ارتداء قبعة ، فقرر أن يترجم كل ذلك مؤخرا إلى لغة الصورة من خلال كتابته لسيناريو فيلم ثوري عرضه على عائلة الشهيد و على لجنة متخصصة بوزارتي المجاهدين و الثقافة فكلل بالموافقة مع دعوة للبحث و التنقيب في طفولة البطل لتقديم سيرته كاملة و شاملة.و لم يكن تقمص شخصية الطفل زيغود بالصعب على ثليلاني الذي طالما اعتبره توأم روحه و وجهه الآخر الثائر الحالم ،عن هذه التجربة وغيرها يتحدث الدكتور ثليلاني للنصر. حاورته إلهام .ط تصوير قليب النصر:من ترشح لإخراج أول فيلم برصيدك تكتب له بنفسك السيناريو، خاصة و أنه يتناول سيرة شخصية بوزن الحداد الثائر و الشهيد زيغود يوسف؟ أحسن ثليلاني: لا يوجد بذهني اسم معين لكن لي مواصفات لهذا المخرج لن أتنازل عنها.هذا المخرج يجب أن يكون متحكما و ملما بالسينما الثورية خاصة من الجانب التقني. زيغود يوسف يعني بطل ثوري، شخصية تشبه أبطال أفلام الوسترن الأمريكية كان لديه قبعة و فرسا يخضبها بالحناء و كان ذكيا و نشيطا، يخطط و ينفذ بسرعة و يتقن حرب العصابات ،لا يتكلم كثيرا و لديه شخصية رصينة.تجسيد كل ذلك يتطلب ترشيح مخرج يتحكم في سينما الحركة «أكشن» و لغة الصور و ليس سينما الكلام و النقاشات .عموما أفضل التعامل مع مخرج عالمي يتقن تقنيات التصوير و تقنيات رسم المشاهد بدقة لست ضد أن يكون أجنبيا أو جزائريا المهم أن يقدم لنا عملا في مستوى كفاح زيغود يوسف. دعمت رصيدك من المؤلفات باصدار كتاب «الحداد الثائر، لوحات من سيرة البطل الشهيد زيغود يوسف»، متى قررت تحويله إلى سيناريو فيلم ثوري و لماذا؟ في الواقع استغرق السيناريو سنوات طويلة من العمل و البحث، فأنا من قرية سيدي مزغيش بولاية سكيكدة المكان الذي طالما احتضن خطوات زيغود يوسف الذي تمتد جذوره إلى السمندو و كان معقلا له و هناك خاض معركة بورزام الكبرى التي أباد فيها فرقة عسكرية فرنسية كاملة و لم ينج منها سوى مجند سينغالي لكي يعلم القادة الفرنسيين بما وقع. وهناك استشهد زيغود في سبتمبر 1956 و بالتالي منذ طفولتي تشبعت بأخبار زيغود يوسف و بطولاته و تأثرت كثيرا بشخصيته و بمرور السنوات كانت معلوماتي حوله تتراكم و تتعمق ،مما جعلني أصدر كتابا طبع في 2012 ثم أعيد طبعه في أوت 2013بعدما صححت الكثير من المعلومات الواردة في الطبعة الأولى. هذا الكتاب سمح لي بإقامة علاقات واسعة مع رفقاء الشهيد ،فأمدوني بمعلومات و تفاصيل أخرى قمت باستغلالها في كتابة السيناريو الذي استغرقت في كتابته قرابة السنة.انتهيت من كتابته في أوت الفارط. كتابان و فيلم سينمائي لماذا كل هذا الاهتمام بزيغود يوسف ، و متى بدأ؟ أكثر ما شدني في زيغود اعتماده على نفسه. لقد نشأ يتيما فقيرا، لكنه تحدى ظروفه و استطاع أن يفرض نفسه في مجتمع كامل .و كان يتميز بقوة الشخصية حيث أنه اختار حرفة الحدادة و عمره 15 عاما و علمته أن النار تصهر الحديد فقرر أن يكون النار التي تحرق المستعمر و تضرم الثورة .و هكذا كان مع الأوائل الذين أشعلوا نار الثورة التحريرية في نوفمبر1954 عندما تمت محاصرة منطقة الأوراس وكادت شعلة الثورة تنطفيء عمل على اشعالها أكثر من خلال تنظيمه و اشرافه على هجومات أوت 1955التي أحدثت القطيعة بين الشعب الجزائري و الاستعمار.كما شدتني قدرته على تنظيم الثورة فهو الذي دعا إلى عقد مؤتمر الصومام و كان أول من قدم تقريرا حول منطقة الشمال القسنطيني.عندما استشهد هذا البطل كانت النار هي سبب استشهاده فبمجرد أن أحس باقتراب العدو منه خاف على الوثائق التي كانت بحوزته فأضرم فيها النار و انبعث الدخان مما لفت انتباه قائد فرقة من جنود الاستعمار فأمر بقصف المنطقة فاستشهد زيغود .و لم يتمكن المستعمر من معرفة هويته إلا بفضل النار حيث تم احضار شريكه في الحدادة المعمر بول برويمال الذي تعرف عليه من أثر حرق أصابه في رجله عندما كان طفلا .لن أبالغ إذا قلت لكم أن زيغود يسكنني وكل أخباره و تفاصيله تسكنني و عندما أكتب عنه أسمعه و أشعر أنه يتحدث معي و يبوح لي بأسراره .يعجبني أيضا تعففه و تضحياته و رغبته في الاستشهاد فقد كان يقول لرفاقه:»اللهم يا ربي لا تجعلني نعيش حتى الاستقلال».وكان زيغود انسانيا محبا للحياة و لعائلته و وطنه و ثار على الاستعمار من أجل قيم الخير و الحرية و الحق و ليس لسفك الدماء . ماهو العنوان الذي اخترته للفيلم ؟ «الحداد الثائر»أو «فارس النار»،فزيغود مثل بروميتيوس وهب النار للبشر و حررهم بها. من تراه مناسبا بين الممثلين لتقمص شخصية زيغود يوسف في الفيلم؟ ينبغي اختيار ممثل تتناسب ملامحه و شخصيته مع الشهيد فقد كان وسيما و كانت عيناه زرقاوان تشعان بالذكاء و يستحيل النظر فيهما حسب شهادات رفاقه لأن الله حباه بمهابة و وقار .كانت له شوارب و يضع على رأسه قبعة مثل الكوبوي» في أفلام الوسترن كان قليل الكلام و عنيفا قليلا و نحيفا و كانت الدوائر الفرنسية تلقبه «الذئب النحيف». هل اقترحت السيناريو على الجهات المتخصصة ؟ سلمت منذ حوالي شهر نسخة منه لوزارة المجاهدين، لأنها الجهة الأولى المؤهلة لاعتماد مشاريع الأفلام التاريخية و الثورية و شكلت لجنة لدراسة السيناريو و حظي بالقبول. كما قدمت نسخة لوزارة الثقافة.و الجدير بالذكر أنني راجعت السيناريو مع رفاق الشهيد و قد اعتمدت على شهاداتهم و وثائق مكتوبة.كما التقيت بأرملة زيغود و ابنته شامة و عرضت عليهما السيناريو فقامتا بقراءته و صادقتا على مضمونه. هل هناك ملاحظات حول السيناريو؟ وصف بالجيد لأنه يعطي صورة متكاملة حول شخصية زيغود و عن الكثير من تفاصيل الثورة في الشمال القسنطيني .و الملاحظة الأساسية التي قدمتها لجنة القراءة هي دعوتي للتعمق في طفولة زيغود خاصة فترة انضمامه للكشافة الاسلامية و دور المدرسة في تشكيل شخصيته النضالية.أما السيناريو الأول الذي اقترحته فيسلط الضوء على مسار و سيرة البطل منذ كان في العشرينات إلى غاية استشهاده. عملت على العودة لطفولته عن طريق تقنية «فلاش باك»التقيت بوزير المجاهدين السابق المجاهد ابراهيم شيبوط بصفته رفيق للشهيد و جمعت معلومات اضافية حول تلك الفترة ،خاصة و أنه سبق و أن أصدر كتابا عنوانه «زيغود يوسف الذي عرفته.» هل كتبت السيناريو بالفصحى أم العامية؟ كتبته بعربية عامية مهذبة يفهمها كل الناس و استعملت الفرنسية في حوار الجنود الفرنسيين و هو قليل عموما. أنت كاتب و باحث و ناقد و أستاذ جامعي متخصص في المسرح و لك اصدارات عديدة في أدب الأطفال و المسرح و النقد الأدبي و الترجمة ألم تواجه صعوبة في الانتقال من النمط الاكاديمي في الكتابة إلى الالتزام بالمعاييرالفنية و تقنيات كتابة سيناريو فيلم سينمائي يعتمد على لغة الصورة ؟ حقيقة هذا أول سيناريو أكتبه رغم أنني أصدرت 14مؤلفا في المجالات التي ذكرتها.أشير هنا إلى أنني حاصل على الماجستير و الدكتوراه في المسرح و المسرح قريب جدا من السينما . بالاضافة إلى ذلك شاركت كممثل في العديد من الأعمال السينمائية مثل «حورية» لسيد علي مازيف في 1986 و في السنوات الأخيرة درست مقياس المسرح و تقنيات الاتصال بجامعة عنابة و كذا علاقة المسرح بالسينما و التليفزيون .وكل تجاربي الأكاديمية ساعدتني في خوض تجربة السيناريو.و يتوفر في هذا العمل الصدق التاريخي و الصدق الفني فالوقائع و المعلومات الحقيقية منظمة في إطار حبكة سينمائية فنية. خاصة و أن حكاية زيغود تصلح أصلا للسينما فبها تطور درامي و صراع ... كم تقدر نسبة الخيال في هذا الفيلم الثوري التاريخي ؟ أقل بكثير جدا من نسبة الواقع أكيد أقل 20من بالمائة. مشاريعك... أهم مشاريعي حاليا هو فيلم زيغود يوسف ،أهم شخصية تاريخية في الشمال القسنطيني أريد أن يعرض في إطار فعاليات قسنطينة عاصمة الثقافة العربية بالنسبة لاختيار الجهة المنتجة و التفاصيل الأخرى المتعلقة بالانجاز، أترك الأمر لوزارة المجاهدين. ما رأيك في الأعمال المصنفة في خانة الأفلام الثورية التي أصبحت موضة ببلادنا؟ هذه الأعمال متباينة من حيث المستوى ما أطالب به أنا هو نبعد الشهداء عن المضاربات المافيوية فهناك لوبيات فنية سينمائية لا يهمها من الشخصيات التاريخية سوى الريع المالي و بالتالي تفبرك سيناريوهات على الريع من أجل الانقضاض على ميزانيات تلك الأفلام .في النهاية لا تحقق أي نجاح كلمة ختام.. عندما كتبت سيناريو الفيلم حول زيغود و ضعت بعين الاعتبار أن الكثير ممن سيشاهدونه شباب لا يعرفون الشهيد و ليس من المحتم عليهم أن يتعاطوا معهم كما وضعت في حسباني بأن أناسا بمختلف أنحاء العالم سيشاهدونه فحرصت على إضفاء الجانب الانساني عليه و اعتمدت على الصورة لأنها لغة عالمية .أعتقد أن هذا أبسط شيء أقدمه لجيل الثورة هو رسالة اعتراف و عرفان لعطاءات هذا الجيل و تضحياته.