"أنا مضطر للرحيل بعيدا عن قسنطينة" كشف الفنان التشكيلي عمار علالوش للنصر على هامش معرضه الأخير "أغنية للحياة و للتسامح" الذي احتضنه المركز الثقافي الفرنسي بقسنطينة عن نيته في الرحيل بعيدا عن الجزائر لأنه بعد أن يجمع لوحات هذا المعرض لن يبقى له مكان يرسم فيه بعد أن تنتهي مدة إيجاره لورشته الحالية. كما حدثنا في حوار خص به النصر عن فلسفته الفنية و تصوره الخاص للفنون التشكيلية و نظرته الإنسانية المتفائلة للحياة . * لماذا اخترت عنوان " أغنية للحياة و للتسامح" لمعرض الذي يجمع آخر إبداعاتك الفنية في الرسم و النحت؟ هذا المعرض هو تكريم للإبداع و حرية التعبير وعنوان للتعايش بين الشعوب المختلفة بعيدا عن كل الأحقاد، "أغنية للحياة و للتسامح " يضم ثمرة عملي اليومي في ورشتي الصغيرة بقسنطينة و هي مجموعة كبيرة من اللوحات، التي للأسف تعذر عرضها كاملة في قاعة المركز الثقافي الفرنسي حيث بقيت أكثر من 50 لوحة و منحوتة حبيسة الظلام . * بالإضافة إلى رسالته الفنية الواضحة للمعرض رسالة إنسانية أهم، ماهو تصورك للفن؟ للفن، كل الفن في شتى أشكاله و تعبيراته بعد إنساني و عالمي ، و أنا كفنان أطمح من خلال فني إلى نشر السلام في كل نقطة في الأرض و لا أريد أن أرسم لنفسي حدودا وهمية بمجرد إنتمائي لبلد بالتحديد أو لعصر أو زمن معين ، فبلدي هو بكل بساطة المكان الذي أريد العيش فيه كقسنطينة، مدينتي التي أتنفسها و أستوحي منها إبداعات ذات بعد عالمي . * ماهي المواضيع التي تميز لوحات هذا المعرض الذي لاحظنا أنه يضج بالبورتريهات؟ البوتريهات في الحقيقة ليست أسلوبي فأنا أتصور أنها تجمد الجانب السيميولوجي للوحة، أنا أستخدمها فقط لأكرم الشخصيات التي أحبها أو التي تركت أثرا في نفسي ، وذلك من خلال تصوير الجوانب المميزة في شخصياتهم النفسية و الإنسانية، كلوحة كاتب ياسين ، الذي كانت لي الفرصة عندما كنت أدرس لدى الفنان الكبير إسياخم بملاقاته أكثر من مرة . وكرمت أيضا الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش في لوحة تضمنت أبياتا له وأشكال تعبر عن معاناة الشعب الفلسطيني السجين، الذي كرس محمود درويش حياته للدفاع عن قضيته العادلة . تصوري في رسم البورتري يتعدى مجرد التصوير للملامح فأنا أحاول أن أبرز ملامح الشخصية النفسية أكثر من ملامح الوجه التي قد تبدو في بعض الأحيان جامدة و تضفي مظهر البرود على اللوحة . وقد أهديت المركز الثقافي الفرنسي بورتري ل " ألفونس لافارن" الذي يبرز ملامح وجه عالم حقيقي. * بالإضافة إلى اللوحات الزاخرة بالألوان يتضمن المعرض أيضا العديد من المنحوتات الجميلة التي تجسد حالات الإنسان المختلفة، هل يقول علالوش بالنحت ما لم يقله باللون؟ المعرض مليئ بمليارات الألوان التي تلتقي داخل إطار واحد تنسجم فيه بين بعضها بنعومة لتشكل مواضيع مستقلة للوحات، و الأسود أيضا هو لون مهم جدا، قد يكون في بعض اللوحات سريالي و يعبر في بعض اللوحات عن اللاوعي أو اللاشعور كما يصفه فرويد. في منحوتاتي، أتناول العلاقة بين الجسد و المادة، و أحاول كما في البورتريهات أن أبرز ما بداخل الجسد من مشاعر وأحاسيس من خلال تعابير الوجه و الجسد ، كالتمثال الذي يصور أم تحتضن إبنها بحب و حرص كبيرين، وأحاول أيضا كسر بعض الطابوهات المتعلقة بالجسد، وأرسم الحالات الإنسانية المختلفة، كتعابير الألم ، ملامح التفكير، و بعض التفاصيل الدالة على الخصوصيات الاجتماعية كالمرأة المحجبة .. * المرأة حاضرة بقوة في أعمالك؟ المرأة هي السبب الأول في وجود الرجل، فهي أصل الحياة و أنا أعتبر نفسي مدافعا جيدا عن المرأة لأنه بالنسبة لي كل النساء هن صورة من أمي . * ما سر هذه العلاقة الحميمية التي تجمعك بلوحاتك؟ الرسم قبل كل شيء، هو تعبير عن المشاعر التي تخالج الرسام، فكما يقول نيميار المهندس الذي صمم جامعة قسنطينة: " يجب ان نرسم الإحساس قبل كل شيء" . من خلال لوحاتي أنا أحلم بأشياء أجمل ، وأؤمن بضرورة القيام بجهود عظيمة لملمت الجمال، وهذا ما كان يسعى إليه المستشرقين اللذين جاؤوا لقسنطينة بحثا عن النور الذي يغرق المدينة في دفئ نادر، و ربما هذا الشيء الوحيد الذي تستطيع المدينة إهداؤه لسياحها بالإضافة إلى جسورها المتواضعة . * ماهي مشاريعك المستقبلية بماذا مازلت تحلم في ميدا ن الفن؟ مواصلة العمل و الإبداع فأنا لا يمكنني تحت أي ظرف التوقف عن العمل لكنني في هذه المرحل أحضر للرحيل نحو الخارج ، لأنني لم أعد املك مكانا أرسم فيه، ولم يبقى أمامي إلا خيار الرحيل.