مركز بارني للتلقيح الصناعي يعيد الأمل ل 80بالمائة من المحرومين من الإنجاب ينتظر أول مركز عمومي وطني للإنجاب المدعم طبيا، بمستشفى نفيسة حمود الجامعي ‹›بارني سابقا›› بالعاصمة أولى حالات الولادة عن طريق التلقيح الاصطناعي و عددها 6 في شهر جويلية المقبل، في الوقت الذي يشهد فيه ضغطا متزايدا جرّاء استقباله لأزواج محرومين و يائسين من كل ولايات الوطن و ذلك بمعدل يقارب 1500حالة في الشهر، في حين يؤكد المختصون وجود حوالي 400 ألف شخص عقيم في الجزائر. الاكتظاظ كان أول ما أثار انتباهنا بمجرّد ولوجنا مركز الإنجاب المدعوم طبيا بمستشفى بارني بحسين داي بالعاصمة ،والذي يعد الأول بمستشفى عمومي في الجزائر و إفريقيا، أين جلس البعض أرضا، و أسند آخرون ظهورهم للجدران من شدة التعب و طول الانتظار خارج المصلحة. أما الأكثر حظا و بشكل خاص النساء فقد وجدن لهن مكانا بقاعة الانتظار التي لم تكد تفرغ طيلة الصباح، و هو ما أكده العاملون بالمركز مشيرين إلى أن مركزهم يستقبل ما بين 50 و 60 حالة في اليوم الواحد، أي مايعادل 3600حالة في الأسبوع و 1440حالة في الشهر. زوجات في العقد الرابع يراهن على المركز العمومي لتحقيق حلمهن بعض الحالات التي تحدثنا إليها، أسرت بأن المركز العمومي للتلقيح الاصطناعي، بعث فيها الأمل من جديد بعد أن افتقدته لسنوات طويلة تعدت عند بعض المعنيين 15 سنة، تكبدوا خلالها الكثير من المصاريف و استنزفت أموالهم في محاولات غير مضمونة النجاح بالعيادات الخاصة، مثلما ذكرت سيدة في عقدها الثالث قدمت من ولاية المسيلة ، مسترسلة بأنها باعت كل ما تملك من مصوغات لأجل الاستفادة من عملية تلقيح اصطناعي، فيما اضطر زوجها لبيع سيارته لتوفير تكاليف علاجها بتونس لكن دون نتيجة، و بعد أن استسلمت لليأس لأن إمكانيات الأسرة المادية لم تعد تسمح بإجراء محاولة ثالثة، وجدت أن بصيص الأمل عاد ليلوح من جديد بفتح مركز عمومي للتلقيح، فجاءت لتجرّب حظها و كلها أمل في تحقيق ذات النتائج الإيجابية التي حققها بعض من استفادوا من العلاج داخل المركز بعد افتتاحه في فيفري 2013. علقت سيدة أخرى قادمة من ولاية سطيف بأنها فرحت كثيرا عند حصولها على موعد للفحص، لكن فرحتها لم تكتمل لأن الموعد لن يكون قبل 7أشهر، معبّرة عن تخوّفها من تقّلص فرصة الإنجاب لديها بفعل تقدمها في السن و هي المشرفة على 42 سنة. حالة أخرى من مدينة سعيدة تبلغ من العمر 33عاما ، قالت أن التنقل أنهكها بين مكان إقامتها و العاصمة، لأجل تقديم نتائج التحاليل المكررة التي أخضعت إليها، قبل تحديد موعد انطلاق العلاج الذي قالت أنه في شهر أكتوبر. و في قاعة بمدخل المركز، جلست مجموعة من النساء بدين أكبر سنا مقارنة باللائي تم استدعاءهن لدخول قاعة الفحص، و ظهرت على وجوه أغلبهن الخوف من رفض ملفاتهن الطبية، حيث ذكرت بعضهن بأن مركز بارني يبقى أملهن الوحيد في تجريب تقنية التلقيح الاصطناعي لعدم توفرهن على الإمكانيات المادية لإجرائها في العيادات الخاصة، و أسرن بأنهن تتبعن تجسيد المشروع خطوة بخطوة منذ قرأن عنه في الصحف منذ سنوات، و تهافتن عليه بمجرّد افتتاحه السنة الماضية، لحجز موعد لم يستبعدن أن يكون بعيدا، نظرا لكثرة عدد الأزواج المحرومين و غير المقتدرين على دفع تكاليف العلاج بالعيادات الخاصة و التي لا تقل عن 35 مليون سنتيم في أحسن الظروف. مركز بارني يقضي على احتكار العيادات الخاصة كشف البروفيسور مجطوح مقران رئيس مصلحة طب النساء والتوليد بمستشفى بارني، والمشرف على مركز الإنجاب المدعم طبيا، بأن نتائج أولى عمليات التلقيح الاصطناعي المجسدة بعد ستة أشهر من افتتاح المركز في 2013 سترى النور في شهر جويلية المقبل ، بعد تمكن فريقه الطبي من مساعدة 6 نساء على الحمل من بين 11 خضعن للتلقيح الاصطناعي و هي نتائج وصفها بالمذهلة، معترفا بأن النتائج كانت أكبر بكثير من توقعاتهم، مسترسلا بأنها لا تختلف عما هو محقق في البلدان المتطوّرة. و أضاف بأن 80 بالمائة من الأشخاص الذين يعانون عقما أو تأخرا في الإنجاب يقصدون مركز بارني. و أشاد محدثنا بأهمية المشروع الطبي الذي يعد الأول بالجزائر و إفريقيا و ضرورة توسيعه إلى باقي المستشفيات و العيادات العمومية المتخصصة. البروفيسور أوضح بأن المشروع ليس بالجديد و إنما هو إعادة إحياء لمشروع موجود منذ 22 سنة ، أين كانت الجزائر سباقة في فتح مركز متخصص في الإنجاب المدعم طبيا و التلقيح الاصطناعي بفضل عزم و ثقة الدكتورة نفيسة حمود التي تحمل المصلحة اليوم اسمها و زميلها افتوكين، و كل الطاقم حينها الذي أثبت كفاءته في بعث مثل تلك التقنيات الحديثة بعد تجريبها في الدول المتقدمة، حيث رفع هؤلاء الأطباء التحديات بنجاح كبير بعد 12سنة من تبني الأطباء بالولاياتالمتحدةالأمريكية لها، و حققوا نتائجا مبهرة حينها و ولد أول طفل أنابيب بمستشفى بارني، غير أن الأمر لم يستمر و قبرت التقنية بالقطاع العمومي، في حين عرفت تطورا كبيرا بالقطاع الخاص الذي هيمن عليها طيلة قرابة عقدين من الزمن. أرجع البروفيسور مجطوح أسباب تعثر مشروع التلقيح الاصطناعي بالقطاع العام إلى غياب الإرادة، و ليس نقص الإمكانيات، كما يتحجج الكثيرون على حد قوله، مشيرا إلى أن مبادرة إعادة فتح المركز و بعث التلقيح الاصطناعي لم تتطلب جهدا كبيرا ، بل تمت الأمور في فترة قياسية، و اليوم يشهد المركز تدفقا للأزواج المحرومين من الأولاد من 48 ولاية، و ذلك بمعدل 60حالة فحص يوميا حسبه. و أوضح بأن الإقبال المتزايد على المركز و الذي تجاوز بكثير طاقة استيعاب المركز اضطرهم إلى تخصيص ثلاث قاعات للفحص يشرف عليها أطباء مختصون، محاولة لتلبية الطلبات المتزايدة، مشيرا إلى وقوفهم على نسبة كبيرة من الأزواج، ليسوا في حاجة إلى تلقيح اصطناعي و إنما متابعة طبية دقيقة، يحتاج بعضها لتدخل جراحي و بعضها الآخر للعلاج عن طريق الأدوية و التي كثيرا ما يصرفون عليها الملايين دون نتائج تذكر، و كان افتتاح مركز عمومي متخصص في الانجاب المدعم طبيا بمثابة طوق نجاة لغير المقتدرين، مما سبب حالة ضغط غير مسبوقة بالمصلحة، مشيرا بأن تكلفة التلقيح لا تقل عن 25 مليون دج. عن التقنيات المتبعة ،أكد البروفيسور ،بأنها تطابق المعايير المعمول بها في الدول المتطورّة، لتوّفر المركز على الإمكانيات المناسبة و الأجهزة المتطوّرة و تمر عملية التلقيح بعد توافق نتائج الفحص و التحاليل التي يخضع لها الأزواج المعنيون و شروط التلقيح الاصطناعي بعدة مراحل منها العلاج بالأدوية بالنسبة لمن لديهم قصور في المبيض، حيث يتم تنشيطه و استخراج البويضات و نقلها إلى المختبر ،أين يتم إعدادها للتلقيح بالموازاة مع تفعيل الحيوانات المنوية، لزيادة قدرتها على الإخصاب ثم زراعة الأجنة في رحم الزوجة و متابعة مراقبة الحمل بصفة عادية. مواعيد تزيد عن تسعة أشهر تحوّلت مشاكل تأخر الحمل و العقم إلى مشكل صحة عمومية، تؤكد الأرقام بأن عدد المصابين بالعقم بالجزائر يتجاوز 400 ألف حالة يقول البروفيسور مجطوح، متأسفا لتأخر فتح مصالح متخصصة مشابهة، بالمستشفيات العمومية مثلما قررته وزارة الصحة منذ سنوات، بعدد من الولايات منها قسنطينة. «مركز بارني عاجز عن تلبية كل الطلبات حتى لو تحوّل إلى مرجعية في التلقيح الاصطناعي بالقطاع العمومي، سواء على المستوى الوطني أو الإفريقي، لأن عدد الطلبات الكثيرة جعلنا نحدد مواعيد بعيدة جدا تصل أحيانا إلى تسعة أشهر و هو الأمر الذي يثير استياء الكثير من المرضى و يضاعف يأس البعض الآخر، لاسيّما المتقدمين في السن.و اليوم يرفع المركز تحديات أكبر لمساعدة أكبر شريحة من الأزواج المحرومين.» يقول البروفيسور ،كاشفا عن تلقي المركز وعودا من الجهات الوصية لتطوير عمليات التلقيح بتوفير الإمكانيات للدخول في مرحلة تنشيط الحيوان المنوي ،كخطوة مهمة ستحل مشاكل الكثير من الأزواج. أتراك، فلسطينيون و ليبيون ينافسون الجزائريين و أزواج يحضرون زوجتين من جهتها تحدثت البيولوجية المختصة المشرفة على مخبر التلقيح عن الضغط الكبير الذي يشهده المركز منذ إعادة افتتاحه، مؤكدة استقبالهم لرعايا أجانب خاصة من ليبيا، فلسطين و حتى تركيا، لكن الأولوية تبقى للجزائريين، تقول البيولوجية دراجي سارة، مردفة بأن المركز يسجل إقبالا متزايدا من كل الولايات، و بنسبة أكبر من ولايات الجنوب. عن الصعوبات التي تواجهها في المخبر، قالت أن الإمكانيات متوّفرة لكن المشكلة الوحيدة تكمن في وسط الزرع الذي لا يزال يحتاج للكثير من الوسائل الضرورية لتنشيط الحيوانات المنوية و إنضاجها. كما تحدثت عن الرغبة الجامحة لكل المترددين على المصلحة في الحصول على فرصة التلقيح الاصطناعي، يدفعهم الأمل في الإنجاب، متوّقفة عند حالات لأزواج يحضرون زوجتين معا و يلحون على إخضاع الاثنتين للفحص و التحليل، الشيء الذي يضطرهم كمختصين إلى اختيار الزوجة الأصغر سنا لأنها الأوفر حظا، مؤكدة بأن سن المرأة معيارا أساسيا لنجاح عملية الإنجاب المدعوم طبيا، إذ كلما تقدمت المرأة في السن، تقلصت فرص الإنجاب، وبالتالي فإن من تتلقّي العلاج في العشرينات وبداية الثلاثينات أوفر حظا، ممن بلغن ال40 سنة، حيث لا تتعدى نسبة نجاح عمليات الإنجاب المدعوم طبيا في هذه الفترة من العمر ال2 إلى 4 بالمائة فقط. تكوين المختصين في التخصيب الاصطناعي لا يتطلب أكثر من 6أشهر استغرب البروفيسور مقران مجطوح نقص تكوين المختصين في التلقيح الاصطناعي بالمستشفيات العمومية ،رغم أن الأمر لا يتطلّب أكثر من 6 أشهر للحصول على مختصين قادرين على تحقيق نتائج مذهلة، و ناشد المسؤولين من أجل توسيع عمليات التكوين في هذا المجال لإعداد إطارات ذات كفاءة عالية،تحسبا لفتح مراكز عمومية أخرى بباقي الولايات لاحتواء مشكلة الضغط التي يعرفها مركز بارني. عن أسباب العقم، أوضح رئيس المصلحة، بأن مشاكل الجهاز التناسلي عند المرأة و الرجل تشكل أهم الأسباب، بالإضافة إلى التوتر «الأوكسيدي» و التلوث و الإشعاع و ما لها من تأثير على نشاط النطاف.