يثير مستقبل جهاز امن الدولة في مصر (المخابرات الداخلية) جدلا بين مطالب بحله باعتباره مسؤولا عن قمع المعارضة في النظام السابق وأخرى تطالب بإعادة هيكلته حماية للأمن. وقد أكد مصدر أمنى يوم السبت، أن وزارة الداخلية تقوم حاليا بدراسة عاجلة لإعادة هيكلة الجهاز وتحديد اختصاصاته وأهدافه وآليات العمل بداخله "وفقا لما شهدته البلاد من متغيرات في المرحلة الماضية". وأضاف المصدر أن إعادة هيكلة الجهاز تستهدف أحداث "تغييرا جذريا " في الأهداف والسياسات والاختصاصات بما يحقق المساهمة في تحقيق الأمن القومي للحفاظ على سلامة الشعب والتأكيد على ضمانات المساواة بين جميع المواطنين. وبالرغم من اقالة رئيسه السابق اللواء حسن عبد الرحمان وتعيين اللواء هشام ابو غيدة خلفا له إلا أن ذلك لم يوقف بعض القوى السياسية والمنظمات الشبابية من المطالبة بحله كاملا ومحاكمة قادته باعتبارهم المسؤولين عن ملاحقة السياسيين وتعذيبهم. وقد قاطع مئات الآلاف من المتظاهرين رئيس الوزراء الجديد عصام شرف خلال إلقائه كلمة بميدان التحرير خلال المظاهرة التي نظمت ظهر الجمعة مطالبين بحل جهاز أمن الدولة ورددوا هتافات "الشعب يريد إسقاط أمن الدولة". وقد اقتحم ليلة الجمعة الى السبت المئات من المحتجين مبنى مباحث أمن الدولة بمدينة الإسكندرية بشمال شرق مصر بعد مواجهات مع القوات التي تحرس المبنى التي أطلقت الرصاص على المحتجين. وذكرت مصادر اعلامية ان المواجهات بدأت في ساعة متأخرة بعد محاولات قام بها المحتجون الذين يطالبون بحل جهاز الأمن لاقتحام المبنى ردت عليها القوات بإلقاء قنابل مسيلة للدموع وإطلاق رصاص بالهواء. وذكرت المصادر ان الجيش أرسل تعزيزات أمنية حيث أخلى المبنى من الضباط والأفراد العاملين به. كما تجمع مئات المحتجين أمام مبنى أمن الدولة بالدقي في الجيزة مطالبين بحل الجهاز والإفراج عن المعتقلين السياسيين. ويعتبر جهاز امن الدولة أقدم جهاز أمني في مصر حيث انشأ في عام 1913 في ظل الاحتلال البريطاني تحت مسميات عديدة الى غاية ثورة 23 جويلية التي اقامت جهاز نظير تحت اسم 'المباحث العامة". وقد أعاد آنذاك الرئيس انور السادات تسميته "مباحث أمن الدولة" ثم تغيرت لافتته إلى "قطاع مباحث أمن الدولة" وأخيرا سمى "جهاز أمن الدولة". وأكدت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان في بيانها اليوم على أهمية وضرورة تنفيذ المطالب الباقية الثوار سريعا ومنها مطلب حل جهاز مباحث أمن الدولة "الذي كان ولا يزال اداة القمع الأولى في يد الديكتاتور المخلوع وزملائه بالحزب الوطني". ونقلت تقارير إعلامية في مصر عن المنسق العام للجمعية الوطنية للتغيير عبد الجليل مصطفى قوله أن أحد مطالب الثورة هو حل الجهاز بالكامل ومحاكمة القائمين عليه مؤكدا " أن الشعب لن يستطع التعامل مع جهاز الشرطة في ظل وجود هذا الجهاز". وشاطره المنسق العام لحركة 6 أبريل احمد ماهربأن الجهاز مرفوض شعبيا وأن الشباب "لن يتنازلوا عن مطلب حله نظرا للعذاب الذي شاهدوه في مقراته والسجون السرية التي يمتلئ بها". غير أن البعض يرى ان حل جهاز أمن الدولة "سيسبب كوارث وسينتج عددا كبيرا من القتلة ربما لن يمكن حصرهم" كما قال الكاتب والسيناريست المصري بلال فضل. ونقلت تقارير اعلامية عن بلال فضل اقتراحه اشراف قضائي على جهاز أمن الدولة حيث لا يمكن له اتخاذ أي إجراء مثل "التصنت على هاتف أو اعتقال شخص إلا بمذكرة قضائية وإلزامه بالقانون". و يعتبر الخبير الأمني محمد حلمي أنه من الأفضل للجهاز أن يتحول إلى جهاز معلوماتي تكون مهمته جمع المعلومات فحسب. مشيرا إلى أن فصل الجهاز عن وزارة الداخلية وعدم أحقيته في القبض على المواطنين سيساهم في تطويره وقبول المواطنين له.