وهران - أضحت بعض الفضاءات بشرق وهران و منها فضاء بحي "العقيد لطفي" يتحول عندما تأفل الشمس إلى قبلة للعائلات للتلاقي و السمر خاطفا الأضواء لشارع جبهة البحر أو ما يسمى عند الوهرانيين ب "شرفة وهران" مقصد الوهرانيين ليلا في وقت ما. و تبدأ العائلات الوهرانية في "المحج" إلى الشارع الذي يطلق عليه اسم "دبي" الذي يتميز بأشجار النخيل و مربعات من العشب الطبيعي والذي يبدو أنه مقصدا بامتياز بأنواره و نافورته و المحلات التجارية التي من حوله و أكشاكه و جدت إستحسانا الذين يشغفهم التجوال ليلا. و قد زاد من جمال المنظر قوافل الأطفال من مختلف الأعمار كل جاري معه لعبته سواء دراجة بعجلتين أو أربعة أو طائرة ورقية أو بالونات هوائية و غيرها مما يعطي الانطباع لأجواء عيد. كما يزداد المكان بهجة بحلول مواكب الأعراس التي وجدت في هذه الفضاءات أفضل الأماكن لأخذ أجمل الصور التذكارية على أنغام فرق "القرقابو" التي تزيد من جمال اللحظة. "إنه مكان جداب و ترفيهي" يقول مواطن يوجد في إجازة. فبعد العشاء تكثر الجموع في غدو و رواح. نزهة يصحبها ارتشاف شاي و تناول مرطبات. و لعل ما يجلب الإنتباه "خيمة" تتوسط هذا الفضاء كأنها تريد إضفاء على الديكور طابعا تقليديا برأي بعض المواطنين المقيمين بالمهجر و الموجودين في عطلة بأرض الوطن. "أجد متعة في هذا الديكور الذي طالما أحلم به في ديار الغربة" تقول سيدة مرفوقة بأطفالها و كلها سرور حيث تجد أن المكان يضاهي المحطات الإستجمامية. و يبدي مغترب أخر بأوروبا حسرة لعدم وجود معبر إلى ضفاف البحر الذي لا تبعد كثيرا عن المكان مما من شأنه أن يكسبه أكثر جاذبية في المجال السياحي. و تقدم العائلات مصحوبة بالأطفال إلى هذا الفضاء المجاور ل "مركز الإتفاقيات" و نزل "ميريديان" حتى من خارج الولاية و منها تفترش الحشيش أمام صينية من الشاي و أطباق من المرطبات و المثلجات تحدوها رغبة في الإسترخاء و المرح إلى ساعة متأخرة من الليل. و في هذا السياق أوضحت السيدة "نفيسة" لوأج أنها كثيرة التردد على هذا المكان رفقة زوجها و ولديها البالغين الثامنة و العاشرة من العمر حين تخف الحرارة و تبدأ نسمة العشية في تلطيف الجو كونها لا زالت عاملة و لم تستفد بعد من عطلة أخر السنة . و قد أصبح هذا الفضاء يعج بمحلات بيع المشروبات و المثلجات و التحف الفنية المصنوعة باليد و آلعاب الأطفال و بائعي "المكسرات" مما جعله فضاء اجتماعيا بامتياز. و يصنع منه الأطفال ديكورا رائعا حيث يمرحون في اللعب غير عابئين بالإزدحام الذي يحدثونه. و يزيد من نشوة الصبية القطار السياحي بدون سكة "بويويو" الذي تقمص اسم القطار البخاري الذي توقف عن رحلاته المكوكية بين وهران و بلدة حمام بوحجر على مسافة 70 كلم عام 1949. و غير بعيد عن فضاء "العقيد لطفي يشكل مفترق الطرق القريب من فندق "الشيراطون" الذي أصبح "تحفة خضراء" بعد إعادة تهيئته موقفا لا بد لمواكب الأعراس التوقف به حيث يحتفى بالعروسين على أنغام فرق القرقابو التي تصنع ديكورا فنيا رائعا وسط رقصات الأهل و الخلان. كما تؤخذ الصور التذكارية للعرسان و أهاليهم تحت أعين أعوان الأمن الذين يحرصون دوما على التواجد بهذا المكان حفطا للنظام العام و تفاديا للإزدحام الذي تخلفه مواكب الأعراس. و يبدو أن برنامج التنشيط الخاص بموسم الإصطياف 2011 محتشم بهذه الأماكن وأن الهيئات المعنية بالأمر لا تعير الإهتمام إلا بالهياكل الثقافية المعروفة مثل مسرح الهواء الطلق "شقرون حسني" و المسرح الجهوي "عبد القادر علولة و إحدى قاعات السينما. و في هذا الصدد ترى فتيحة وهرانية مقيمة بمدينة "جنوة" الإيطالية بأن إقامة منصة للعروض بهذه الأماكن من شأنها أن تضفي أكثر حيوية و تسلية عليها كي ترقي إلى مصاف المنتزهات المرموقة. و في غياب الفعل الثقافي الموجه يبادر البعض من قاصدي هذه الأماكن بإثارة جو من الفلكلور على أنغام الطبل و القرقابو التي تمتزج بمنبهات سيارات مواكب الزفاف و الأغاني المنبعثة من أجهزة الصوت التي يستعملها الباعة. وبالنظر للتوافد الكبير للمغتربين المسجل بوهران ينتظر أن تعرف هذه الأماكن إقبالا منقطع النظير خلال شهر رمضان المبارك الذي هو على الأبواب حيث يعد التجار بحي "العقيد لطفي " العدة لذلك و يعمل ناقلون على تغيير المسار و ربط هذه النقاط التي كانت "منبوذة" في زمن ما. و مما لاشك فيه أن إنجاز شارع "ميلينيوم" و الأنفاق الأرضية و تهيئة طريق "كناستل" إمتدادا لجسر "زبانة" و تعزيز الإنارة العمومية بالناحية و تشييد مرافق من النوع الرفيع كلها عوامل ساهمت في تثمين جهة شرق وهران و جعل منها مقصدا بامتياز.