الجزائر - يشكل مشروع انجاز جامع الجزائر معلما دينيا وثقافيا سيؤرخ لجزائر الاستقلال و استعادة السيدة الوطنية من جهة و يساهم بوظائفه المتعددة في تدعيم المكاسب العلمية و الحضارية التي حققتها الجزائر. و سيتم انجاز هذا الصرح الذي أشرف رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة يوم الثلاثاء بقصر الشعب (الجزائر العاصمة) على الحفل المخصص للكشف عن مشروعه و مجسمه في قلب خليج مدينة الجزائر العاصمة (شرق المدينة القديمة بمحاذاة البحر). كما يعد أيقونة جمالية و معلما معماريا فريدا من نوعه من حيث التصميم المعماري "المتعدد الوظائف" كونه يجمع بين العبادة و الأنشطة العلمية و التاريخية و الثقافية و الاقتصادية. و ستتميز هذه التحفة المعمارية التي ستكون جاهزة في مدة تتراوح —حسب التقديرات— ب 48 شهرا بعد إنطلاق الأشغال بإبراز البصمة العربية الإسلامية وبطابعها الفني المنسجم مع مدينة الجزائر. ويتربع مشروع جامع الجزائر الذي إنطلقت أشغال تهيئة ارضيته سنة 2008 على موقع يمتد على 20 هكتارا مع مساحة إجمالية تعادل 400 ألف متر مربع و يضم 12 بناية منفصلة. و سيتوفر هذا الصرح الحضاري —الذي سيشيد وفقا لنظام مضاد للزلازل— على قاعة للصلاة تقدر مساحتها بهكتارين وتتسع ل120 ألف مصلي استمد تصميمها من أشكال قاعات الصلاة المغربية المرفوعة على أعمدة مع استعمال أحدث التقنيات. وحسب المجسم المعروض فقد توجت قاعة الصلاة —المزينة بالرخام والحجر الطبيعي— بقبة عظيمة ذات جدارين يحتويان على فتحات تسمح بمرور الضوء الطبيعي الى القاعة كما تضيئ بأنوارها ليلا. وعلاوة على قاعة الصلاة يحتوي الجامع أيضا على دار للقرآن مخصصة لفائدة الطلبة في مرحلة ما بعد التدرج ومركز ثقافي اسلامي. أما المكتبة التي تضم نحو 2000 مقعد فقد صممت لاستيعاب مليون كتاب وتعد قاعة المطالعة المفتوحة على ثلاثة طوابق قلب هذه المكتبة التي يغلب عليها التغليف الجداري المزين و التجهيزات المكتبية المصنوعة خصيصا لعرض الكتب و الوسائل السمعية البصرية. أما منارة الجامع التي ترتفع على علو يقدر ب300 متر فهي نتاج توازن في التناسب بين الأبعاد مع احترام مقاييس المنارات التقليدية المغربية وقد روعي في تصميمها الإستعمال الرمزي للرقم 5 نسبة لأركان الاسلإم الخمسة. و تتوفر منارة الجامع —التي تضم متحفا للتاريخ و مراكز بحث في الميادين التاريخية و العلمية— على مصعدين يمكنان الزوار من الاستمتاع بمناظر الجزائر العاصمة و ضواحيها على مدار 360 درجة. ولتسهيل راحة المصلين والزائرين و الطلبة فقد زود الجامع بحظيرة للسيارات تتسع ل6000 مكان مؤلفة من طابقين يقعان تحت الفناء الخارجي و الجزء الغربي من حديقة هذا المعلم. يذكر ان الدراسة الخاصة بإنجاز هذا المشروع التي قدرت تكلفتها بمليار أورو قد أسندت إلى المجموعة الألمانية "أنجل و زيمرمان" و"كرابس وكييفر انترناشينال جي أم بي أش" و "كرابس وكييفر وبرتنار انترنشينال" خلال شهر يناير 2008 بعد فوزها بالمسابقة الهندسية الوطنية و الدولية لانجاز هذا الصرح المعماري. كما أسفرت عملية فتح الأظرفة الخاصة بانجاز المشروع شهر جويلية المنصرم على تقديم عروض للفوز بصفقة البناء من طرف مجمعان و مؤسسة. و يتعلق الأمر بمجمع لمؤسسات لبنانية-ايطالية و مجمع لمؤسسات اسبانية-جزائرية و مؤسسة صينية التي قبلت لجنة فتح الاظرفه عروضها لاستفائها الشروط القانونية. و قد قدم مجمع المؤسسات اللبنانية-الايطالية عرضا ب 218.628.583.209 دج لانجاز الجامع الكبير و ذلك خلال 42 شهرا. وبخصوص العرض الذي قدمه مجمع مؤسسات اسبانية-جزائرية (كوسيدار ومؤسسة حداد عن الجانب الجزائري) فقد بلغت قيمته 30.492.618.221 دج لانجاز المشروع خلال مدة 44 شهرا. أما العرض الثالث الذي تقدمت به المؤسسة الصينية فقد بلغ 109.051.415.746 دج لانجاز الجامع الكبير خلال مدة 48 شهرا. وحسب الوكالة الوطنية لانجاز جامع الجزائر و تسييره فقد تم تنظيم 200 ورشة و عدة ندوات شارك فيها عدد كبير من الخبراء الجزائريين و الأجانب لدراسة هذا المشروع لا سيما فيما يخص استعمال التقنيات و الوسائل المضادة للزلازل وكل ذلك من اجل ضمان ديمومة هذا المعلم الذي يبلغ طول منارته 300 متر. للتذكير فإنه بغية ضمان السير الحسن لمتابعة أشغال انجاز هذا المشرع الحضاري فقد تم انشاء هيئة عمومية خاصة بتسيير المشروع من خلال مرسوم تنفيذي في أبريل 2005 بتسمية "الوكالة الوطنية لإنجاز و تسيير مسجد الجزائر" وضعت تحت وصاية وزارة الشؤون الدينية و الاوقاف.