الجزائر - تواصلت يوم السبت بمدينة بلومفونتان بوسط جنوب افريقيا الاحتفالات المخلدة للذكرى المئوية لتأسيس حزب "المؤتمر الوطني الإفريقي" الحركة الطلائعية التي حاربت التمييز العنصري بافريقيا في عهد الابارتايد . وقد اعطيت اشارة انطلاق الاحتفالات بالذكرى التي تستمر ثلاثة ايام، يوم الجمعة، بإطلاق مسابقة "القولف" فيما يتم خلالها ايضا عرض المسيرة النضالية للحزب العتيد. وسيحضر الاحتفالات اكثر من 100.000 شخص وزعماء 46 دولة منهم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. كما ستشارك كل من الصين وروسيا بوفود هامة اضافة الى 800 صحفي عبر العالم لتغطية هذا الحدث الهام. ورحبت المنسقة الوطنية للحركة السيدة باليكا مبيتي بالمشاركين واوضحت ان كل شخص سواء من جنوب افريقيا اوالقارة الافريقية بامكانه حضور الاحتفالات دون بروتوكولات. وتجرى هذه الاحتفلات في غياب نلسون مانيدلا الرئيس السابق والرمز الذي حارب الابارتايد "93 سنة" أوكما يطلقون عليه بجنوب افريقيا اسم "ماديبا" والذي يعيش منذ شهر جويلية بقريته بجنوب البلاد. وقد أثارت هذه الاحتفالات إهتمام المجتمع الدولي نظرا للدور الهام الذي ظل ولازال يلعبه الحزب في القارة الافريقية بإعتباره من أكبر الحركات التحررية في افريقيا حسب ما أكدته المنسقة الوطنية للحركة السيدة باليكا مبيتي المكلفة باحتفاليات الحزب. وتم لهذه المناسبة تسطير برنامج ثري مخلد يلخص عراقة الحزب العتيد من جهة ويكون بمثابة إعتراف للشعب الذي أظهر الوفاء والاخلاص للمنظمة من خلال منحها القيادة بعد الغاء الابرتيد في 1991 لإدخال تعديلات دستورية في جنوب افريقيا مهدت لتولي المؤتمر الوطني السلطة في أول انتخابات تعددية في البلاد سنة 1994 حيث تولى الزعيم الافريقي نلسون مونديلا قيادة الحزب والبلاد. وقالت مبيتي أنه سيتم تنظيم عدة تظاهرات سياسية وثقافية ورياضية وحتى دينية بالمناسية كما سيتم تقديم عرض خاص يلخص مسيرة مائة عام للحزب في مائة دقيقة يتم خلاله استعراض جميع مآثر الحزب المهمة ابتداء من فترة النضال ضد الاستعمار والفصل العنصري وصولا الى حلول فجر المساواة والحرية. فيما سيقوم الرئيس الجنوب افريقي جاكوب زوما بإشعال الشراردة المئوية اضافة الى القائه خطابا بملعب قرب المدينة قبل عرض يلخص المئة سنة للحزب في مئة دقيقة. وكشف الحزب بالمناسبة على شعاره للذكرى المئوية قائلا إنه يحتفل بطبيعة مجتمع جنوب افريقيا المتمثل في التعددية الثقافية كما يعرض نضاله خلال قرن. وفي حفل الافتتاح قال الرئيس الجنوب افريقيي جاكوب زوما أن حركته تعد من أقدم الحركات في القارة الافريقية التي صمدت في وجه كل التغييرات إذ أنه في الوقت الذي ظهرت فيه العديد من المنظمات الحزبية والحركات التحررية وفرضت نفسها في الميدان غير انها سرعان ما إضمحلت مع الزمن غير أن المؤتمر الوطني الافريقي الذي يتزعمه "ظل ولمائة عام صامدا أمام كل التحديات". ولضمان السير الحسن للإحتفالات فقد تم تشديد الإجراءات الامنية في البلاد سيما في العاصمة جوهانسبورغ إذ يخشى المنظمون من انفلاتات امنية قد تنغص عليهم فرحة الاحتفال. ويأتي إحياء الذكرى المئوية لحزب المؤتمر الوطني الافريقي في الوقت الذي تعرف "سمعة الحركة" بعض الاهتزازات نظرا للانتقادات الموجهة له من هنا وهناك والتي تلوم جاكوب زوما على عدم احداث تغييرات اجتماعية واقتصادية المنتظرة من الشعب بعد مرور 17 سنة من تربع الجزب على الحكم في البلاد . وستتواصل إحتفالات الحزب بمدينة بلومفونتان اين تم انشاء الحركة التي تكونت على مجموعة من الشخصيات البارزة المنتفضة على سياسة التمييز العنصري المنتهجة في البلاد سنة 1912. وسهر الحزب على مر الزمان على ضمان مقاومة التمييز العنصري فشكل في الخمسينيات من القرن الماضي بالتنسيق مع التشكيلات الرافضة للابرتيد "ميثاق الحرية" الذي يدعو الى المساواة بين جميع الاجناس ليدخل اثر ذلك في صراع مع السلطة انتهى في 1963 باعتقال أحد أبرز مناضليه وهو الزعيم الإفريقي نلسون منديلا الذي حكم عليه بالسجن مدى الحياة وقتها. غير أن مسيرة الحزب لم تتوقف عند هذا الحد بل انتقلت قيادة الحزب من بريطانيا الى تنزانيا قبل ان تستقر في زامبيا. وفي بداية التسعينيات بدأت حكومة فريديريك دي كلارك تنتهج سياسة الانفتاح حيث رفع بموجبها الحظر عن الحزب كما اطلق سراح مانديلا في 1990 قبل ان يتم الغاء نظام الابرتيد في 1991 لتعرف البلاد مرحلة جديدة بإدخال تعديلات دستورية مهدت لتولي مانديلا والمؤتمر الوطني الافريقي الحكم في البلاد في انتخابات 1994. وكانت التجربة السياسية في البلاد سنة 1999 اختبار جديد للحزب حيث اثبت مكانته عند الشعب وتمكن من الظفر بالرئاسة بقيادة ثابو مبيكي الذي خلف مانديلا و تكررت العملية في 2004 حيث فاز الحزب مجددا بالسلطة. وكانت اخر انتخابات في البلاد قد مكنت من ظهور علم جديد في مسيرة الحزب اذ تمكن جاكوب زوما من افتكاك المنصب من مبيكي. وتعد دولة جنوب افريقيا من الدول النامية المتوسطة الدخل غير انها غنية بمصادر الثروة الطبيعية سيما الذهب حيث تعد جنوب افريقيا من أكبر الدول المنتجة له هذا بالإضافة الى عدة معادن اخرى مثل الماس المنغنيز والكروم والبلاتينيوم. كما يتميز هذا البلد بالمساحات الشاسعة من الغابات التي تعد مصدر هام لصناعة الاخشاب اضافة الى اشتهارها بزراعة وصناعة الورود حيث تعد المنافس الاول لهولندا ويرجع ذلك لاستيطان الهولنديين بها لعدد من القرون.