شارك قرابة أربعين رئيس دولة وحكومة، أمس، في مدينة بلومفونتان وسط جنوب إفريقيا في احتفالية ضخمة لليوم الثاني على التوالي، في إطار إحياء الذكرى المئوية الأولى لميلاد حزب المؤتمر الوطني الإفريقي رمز الكفاح ضد نظام الميز العنصري. وعرف الاحتفال أمس نحر عشرات الماشية تخليدا لهذا اليوم الذي شكل المنعرج في تاريخ شعب جنوب إفريقيا ضد نظام الابارتييد الذي كرسته الأقلية البيضاء في جنوب إفريقيا طيلة أربعة قرون في هذه الأرض الإفريقية. وينتظر أن يشعل الرئيس جاكوب زوما اليوم شعلة المئوية قبل المشاركة في قداس ديني في كنسية عرفت اول إعلان عن ميلاد الحزب قبل قرن من الآن وإلقاء كلمة مخلدة لهذا الحدث الإفريقي أمام أكثر من مائة ألف مشارك على أن يشارك ظهرا في استعراض فني من مائة دقيقة مخلدة لمائة عام من مسيرة حزب المؤتمر. وارتأى الجنوب إفريقيين نسيان خصوماتهم السياسية ووضعها جانبا وإحياء الذكرى في إطار الوحدة ونبذ الانقسام وهو ما جعل شعار هذه الاحتفالية التي تمتد طيلة عام كامل تحمل عنوان ''الوحدة في إطار التنوع'' لتأكيد أن وحدة أطياف وعرقيات الشعب الجنوب إفريقي أهم من أية حسابات سياسية أخرى. ولأن الحدث هام في تاريخ القارة بأكملها، فقد صادق الاتحاد الإفريقي في قمة جانفي2011 على جعل السنة الحالية سنة للاحتفال بهذه الذكرى التي كرست مبدأ انعتاق شعوب القارة من تحت وطأة أنظمة أوروبية استعمارية كان محركها الأساسي نهب ثروات الشعوب الإفريقية التي رزحت تحت أقدامها واستعبدت العباد وجعلت أجيالا وأجيالا يخدمون مصالحها الضيقة. وكان يمكن لهذه الاحتفالية أن تكون بنكهة أخرى لو حضر رمز الكفاح التحريري الإفريقي ضد سياسة الميز العنصري الرئيس نيلسون مانديلا الذي غاب بسبب تقدمه في السن (93 عاما) ولكن طيفه كان حاضرا في أجواء مدينة بلومفونتان التي عرفت في الثامن جانفي 1912 ميلاد ما سيعرف في تاريخ التحرر الإفريقي ب ''حزب المؤتمر الوطني الإفريقي'' الذي تبنى فكرا تحرريا أخلط حسابات القوى الاستعمارية ليس فقط في جنوب إفريقيا ولكن أيضا في كل دول القارة التي كانت تعيش تحت وطأة الاستعمار الغربي بعد أن تبنت حركات تحررية افريقية لغة السلاح وسيلة لتحقيق الاستقلال والانبعاث من جديد بعيدا عن ربقة الاستعمار الأوروبي. وكان اليوم الثاني من هذه الاحتفالية مناسبة للذين حضروا إلى ساحة بلومفونتان المدينة الرمز أن يستعيدوا أسماء الشخصيات التاريخية التي كان لها الفضل في تأسيس هذا الحزب أو تلك التي حملت مشعله عبر السنين وصنعت مجد هذا الحزب ومجد جنوب إفريقيا على مدى قرن من الزمن بمن فيهم الرئيس جاكوب زوما الذي عاد له شرف ذبح ثور أسود اعترافا بضخامة التضحيات التي قدمها الشعب الجنوب إفريقي ضد نظام الميز العنصري.