تعاني ولاية بجاية هذه السنة من ندرة في طيور الصيد وكان لذلك وقعا سيئا في نفوس هواة الصيد و فخاخ العصافير الذين خابت آمالهم لعدم استمتاعهم هذا الموسم الذي هو على وشك الانقضاء من متعة صيد طيور الزرزور و السمان و الشحرور الأسود و الدخلة و أم عجلان عكس الشتاء الفارط الذي كان ممتازا بالنسبة لصيادي المنطقة . و تعتبر منطقة بجاية معبرا مفضلا لعديد الطيور المهاجرة التي تغادر مواطنها بأوربا و آسيا بداية كل خريف لكن يبدو أن الأمر مختلف هذه السنة إذ لم تلاحظ في سماء بجاية تلك الأسراب الهائلة من الطيور المعتاد رؤستها كل خريف باستثناء بعض المجموعات الصغيرة المنتشرة في عدد من حقول الزيتون و بالقرب من المجموعات السكنية. و يعد فارس و هو من هواة صيد الزرزور أحد الذين تسببت ندرة طيور الصيد هذه السنة في حزن كبير في نفوسهم حيث أكد بنبرة حزينة" لم ير أسراب طيور تذكر هذه السنة " معتبرا الأمر"مقلقا" لأنه سيحرم من ممارسة هوايته المفضلة. و ذكر أن أكبر مجموعة شاهدها متكونة من حوالي 10 عصافير وهو عدد شحيح جدا بالنسبة لصياد مثله متعته الكبرى تنصيب الفخاخ بموازاة استمتاعه برؤية الطيور التي يعتبر وجودها في حد ذاتها متعة للنظر. و تحدث فارس باسهاب عن المتعة الكبيرة التي تبعثها في نفسه رؤية أسراب الطيور السوداء المحلقة في السماء مؤكدا أن هذا المشهد يبعث في نفسه "سعادة لا تضاهيها سعادة" بالرغم من عدم جهله للاضرار التي قد تلحقها هذه الاسراب الكبيرة للطيور على الحقول و الحدائق. لكن فارس يفضل أن يرى الجانب الإيجابي للأشياء إذ يؤكد أن الطيور المهاجرة تقتل الحشرات و تساهم في تكاثر الأشجار مستدلا ب"العدد الكبير من أشجار الزيتون البرية المتواجدة وسط حقول العنب و التين بفضلها" مضيفا أن وجودها على كل حال بالمنطقة هي لفترة زمنية قصيرة . ليعود و يتأسف عن غيابها عن المنطقة هذه السنة كما تأسف أيضا عن " الإبادة" التي تعرضت لها الطيور المهاجرة الشتاء الفارط ليفسر بذلك سبب غيابها هذا الشتاء. و بحسب الكثير من سكان المنطقة فإن الصيد المفرط للطيور المهاجرة العام الفارط هو السبب الرئيسي لغيابها هذه السنة . وأوضح عمارة صادق و هو مهندس بالوحدة المحلية للمحافظة و تنمية الحيوان و النبات أن" الصقيع و البرد القارس الذي ميز المناطق الجبلية خلال الشتاء الماضي قد أجبر أعدادا كبيرة من الطيور المهاجرة على المغادرة نحو السهول حيث الأجواء أكثر دفء والغذاء متوفر فكانت الفرصة مواتية للصيادين لتلقفها بسهولة". و أضاف المتحدث أنه لاحظ في الفترة المذكورة تضاعف أعداد الصيادين الذين تفننوا في صنع فخاخهم التي ذكر من بينها الفخ ذي الطوق(تقافات) و الغصن المربوط (تاقولاعت) و الفخ الصخري والصمغ . لكن الشبكة تبقى أكبر سلاح جمعا للطيور وفقا للسيد عمارة الذي تأسف عن الاستعمال المفرط لهذا النوع من الفخاخ التي أضحت أسعارها مرتفعة في الأسواق بسبب كثرة الطلب عليها مشيرا الى أن " أعدادا لا تحصى من الطيور تم اصطيادها بالشبكة باعتبار أن هذا الفخ يمكنه اجتذاب عشرات الطيور دفعة واحدة" . و كانت لوفرة الصيد هذه آثار بارزة بالمنطقة حيث انتعشت تجارة طيور الصيد بأقبو و اغيل اعلي إلى الحد الذي تخصص فيه العديد من أصحاب المطاعم و الأكلات الخفيفة في شوي و طهي الزرزور و السمان بالموازاة مع تحول الكثير من الشباب إلى بيع هذا النوع من الطيور على حواف الطرق الوطنية . "لقد كان فعلا موسما استثنائيا" يقول السيد عمارة صادق مع إبدائه بعض الأسف عن "الثمن الثقيل الذي دفعته الطيور جراء ذلك". إضافة إلى هذه "الإبادة" التي تعرضت لها الطيور المهاجرة خلال شتاء 2012 لا يستبعد المتحدث أن يكون الاحتباس الحراري سببا آخر في تراجع عددها هذه السنة حيث يقول أن" البرد قد حل متأخرا بأوربا هذه السنة مما أجبر العديد من الطيور على البقاء في مواطنها". و يعتبر هذا المختص أنه يجب استغلال هذه الفرصة للسماح للطيور المحلية بالتكاثر " شريطة اعتماد الاعتدال في صيدها بالطبع".