تعيش ليبيا على مدى 15 يوما من عمر الحكم الانتقالي في مواجهة تحديات الانتقال السلمي للسلطة التي أكدت القيادة الجديدة المؤقتة على اعتمادها الحوار ك"قاعدة اساسية" من أجل النأي بالبلاد من الاضطرابات الحاصلة خاصة على المستوى الامني الذي تميزه في الوقت الراهن أزمة الموانئ النفطية المحاصرة شرق البلاد . ولتفادي الفراغ السياسي الذي قد يزيد من حدة الازمة بليبيا وبالنظر لترابط الملفين السياسي والامني اكدت أوساط سياسية داخلية وخارجية على ضرورة ايجاد توافق في المدة المحددة لرئيس الوزراء المؤقت عبد الله عبد الرحمن الثني من أجل اختيار رئيس وزراء جديد. وكان البرلمان الليبي قد سحب الثقة أول أمس من رئيس الحكومة علي زيدان حيث أن غالبية البرلمانيين /124 من أصل 138 نائبا/ أيدوا سحب الثقة لأنهم يتهمون زيدان بعدم القدرة على فرض النظام والأمن في البلاد. وكلف البرلمان وزير الدفاع عبد الله عبد الرحمن الثني بممارسة اختصاصات رئيس الوزراء بشكل . وعلى صعيد متصل دعت روسيا السياسيين الليبيين إلى التحلي بروح المسؤولية للاتفاق في ما بينهم خلال فترة قصيرة على مرشح لشغل منصب رئيس الوزراء يرضي كل الأطراف. وفي هذا الصدد قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الروسية الكسندر لوكاشيفيتش أن "موسكو واثقة من أنه الليبيين أنفسهم مدركون بأنه يجب أن يجدوا مخرجا للأزمة وأن أساس ذلك يكمن في التوصل إلى اتفاق واسع في قضايا مستقبل هيكلة الدولة الذي يأخذ بعين الاعتبار مصالح جميع القوى السياسية والجهوية والطبقات الاجتماعية والمجموعات العرقية للسكان". من جهتها اعربت بريطانيا عن التزامها بمواصلة دعم الحكومة الليبية في جهودها لإحراز تقدم في عملية الانتقال الديموقراطي وذكرت بان الاجتماع الوزاري في روما أكد التزام المجتمع الدولي بالعملية الديموقراطية في ليبيا. كما اكدت المتحدةالأمريكية الاستمرار في دعم حكومة الليبية المنتخبة ديمقراطيا, وشعبها اللذين يواجهان تحديات جمة مشيرة إلى ان العمليات الانتقالية السياسية تتطلب وقتا . - الحوار مع الجميع والملف الامني على رأس أولويات الحكومة المؤقتة ومن أجل لملمة الاوضاع الصعبة التي تعيشها بلاده أكد رئيس الحكومة الليبية المكلف عبدالله الثنى أن حكومته "جادة لفتح باب الحوار مع الجميع" ودعا الليبيين إلى الوقوف صفا واحدا لمواجهة التحديات معلنا أن حكومته "ستعمل بحكمة وصبر حتى لا يحدث أي شرخ في لحمة البلاد". وأكد الثني أن الملف الأمني سيكون في مقدمة الاولويات وعلى رأسها مدينة بنغازى ودرنة اللتان تعانيان بسبب الاغتيالات مشددا على أن الحكومة مستعدة للتواصل مع الجميع والذهاب اليهم والتحاور معهم كما طالب البرلمان بتسييل ميزانية طوارئ فورية لتسيير الأعمال ومواجهة التحديات الأمنية الكبيرة لكي تقوم الحكومة بواجبها. تجدر الاشارة هنا الى ان الجولة الثانية من الحوار الوطني بدأت اليوم في ست مدن ليبية وذلك من أجل خلق توافق وطني موحد حول مستقبل ليبيا واختيار ممثلي الشعب المشاركين في مؤتمر الحوار الوطني الذين سيتولون مهمة صياغة الميثاق الوطني. وسيتم خلال هذه المرحلة التي تدوم ثلاثة أشهر مناقشة أبرز القضايا الوطنية كالأمن, والمصالحة, والعدالة الانتقالية والتنمية. وجاءت الاطاحة بزيدان على وقع انتقادات متصاعدة لحكومته لفشلها في استعادة الأمن في البلاد بعد أكثر من عامين على سقوط نظام العقيد معمر القذافي وعدم حل أزمة النفط المستمرة منذ أشهر في أعقاب إغلاق الموانئ النفطية شرقي البلاد من قبل محتجين يطالبون بحكم ذاتي في إقليم برقة. - استمرار حصار موانئ النفط شرق البلاد يزيد من حجم التحدي وتستمر ازمة الموانئ النفطية بالمنطقة الشرقية التي أغلقتها مجموعة من المسلحين بقيادة ابراهيم الجضران في تكبيد الاقتصاد الليبي خسائر جسيمة الى جانب تراجع انتاج ليبيا من خام النفط إلى أقل من 250 ألف برميل عوضا عن مليون و600 ألف برميل يوميا كانت تصدرها. وأمام هذا الوضع أمهل رئيس المؤتمر الوطني الليبي "البرلمان الليبي" نوري ابو سهمين محاصري هذه الموانئ أسبوعين لفك الحصارعنها ولفت إلى أن "قوات الجيش ستتدخل لحسم الموقف عسكريا ما لم يتم التوصل إلى حل سلمي خلال الأسبوعين القادمين" . واعتبر أن "سيطرة الجماعات المسلحة على الموانئ النفطية شرق البلاد وضع البلاد على شفير الإفلاس وخلق عجزا كبيرا في موارد ميزانيتها". الى ذلك يبقى المشهد الامني شديد التوتر في العديد من المدن الليبية حيث اكد تقرير لبعثة الاممالمتحدة للدعم في ليبيا بازدياد حدة وتيرة أعمال العنف خلال الاشهر الثلاثة الماضية معتبرا أن صدامات مسلحة تسببت بها شكاوى ومنازعات سياسية واقتصادية واجتماعية واتخذ الكثير منها طابعا قبليا أو عرقيا واستفاد عدد من مؤيدى النظام السابق من هذه الاوضاع فاحتلوا لفترة وجيزة مبان ومنشات حكومية . وأشار التقرير الى أن حصيلة المعارك فى سبها تجاوزت ال 100 قتيل من بينهم أطفال ومسنون وأجبرت المعارك مئات العائلات على النزوح وعانى الكثيرون من النقص فى المحروقات والمواد الغذائية والطبية. وبين التقرير الاممي وضع مدن شرق ليبيا التي تعيش عمليات الاغتيال والخطف والتفجير بلغت حدا لا يطاق مشيرا الى ان غياب التوافقات السياسية حول بناء الجيش الوطنى الليبي ودمج الثوار وجمع السلاح يعيق قدرة الدولة على تحمل مسؤولياتها فى مجال الامن .