جدد منتدى دكار الدولي للسلم و الامن في افريقيا التأكيد على الحاجة الى تعاون أمني دولي عميق ووثيق للتصدي لظاهرة الارهاب من خلال اعتماد سياسات "جدية" و" فاعلة" في هذا الصدد لتحقيق هذا المسعى. وفي مداخلته خلال الجلسة العلنية المكرسة للوساطات في افريقيا في أشغال المنتدى الذي افتتحت امس وتستمر اليوم الثلاثاء استعرض وزير الدولة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي السيد رمطان لعمامرة التجربة الطويلة للجزائر في هذا المجال منذ سنوات السبعينات إلى الفترة التي كان الرئيس بوتفليقة يقود فيها الدبلوماسية الجزائرية و مساهمته "الفاعلة" في تسوية عدة أزمات و النزاعات على المستويين الاقليمي و الدولي. في هذا الصدد قال السيد لعمامرة ان الجزائر "نجحت على الصعيد الاستراتيجي في القضاء على الارهاب بفضل تضحيات الجيش الوطني الشعبي مدعوما بتجند و عزيمة الشعب الجزائري" و لكن أيضا "بفضل سياسة اليد الممدودة لأولائك الذين تم تغليطهم" من خلال الوئام المدني الذي تلاه ميثاق المصالحة الوطنية اللذين بادر بهما رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة. وركز رئيس الدبلوماسية الجزائرية على الجهود "الدائمة" للجزائر في مجال مكافحة التطرف على الصعيد الوطني و الاقليمي و الدولي لا سيما من خلال الاستثمار في التربية و تكوين الشباب "قصد ترسيخ القيم الحقيقية للاسلام التي تحاول الجماعات الارهابية تشويهها". و في ذات السياق عبر عن الالتزام "الدائم" للجزائر و استعدادها "التام" لجعل القارة تستفيد من هذه التجربة "الغنية". وكان السيد لعمامرة قد أكد ان "المساهمة النوعية التي قدمتها الجزائر للجهود من أجل السلم والمصالحة بدولة مالي تشكل بالتحديد وبمختلف الأوجه إثراء لعقيدة وممارسة الوساطة التي تم تبنيها بعد طلب تقدم به بصفة مباشرة الرئيس المالي إبراهيم أبو بكر كايتا لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في 18 يناير 2014 ". و قال السيد لعمامرة انه "بالنسبة الى الوضع في مالي كما في الأوضاع الأخرى فان "الارهاب والجريمة العابرة للحدود أعداء نشطين للوساطات بحيث أن نجاح هذه الأخيرة سيحرمهم من أرضيتهم الخصبة". واوضح السيد لعمامرة بإن "الانتفاضات الشعبية التي أدت إلى تدخلات عسكرية أجنبية قد رافقها انتشار للمجموعات الإرهابية التي تعمل في دول مثل ليبيا على تكريس اللاإستقرار المزمن تغذيه الصراعات بين الأشقاء". من جهته دعا الرئيس السنغالي ماكي سال في كلمته الدول الإفريقية الى "تبادل المعلومات الاستخبارية فيما بينها لمحاربة الجماعات المتطرفة الناشطة في القارة الافريقية وتدريب أئمة المساجد على الدعوة لنموذج متسامح من الدين الإسلامي" محذرا من محاولات "فرض شكل آخر من الدين عن طريق ممارسات لا تتماشى مع تقاليدنا أو فهمنا للإسلام" ومناشدا الدول الإفريقية "منح أفق لشبابها ومحاربة التهميش بجميع أشكاله وتطور سياسات لاستحداث فرص العمل". بدوره ألح وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لو دريان على ضرورة دعم أسس التعاون بين الدول الإفريقية قائلا انه "لابد من جعل من هذا التعاون قاعدة وليس استثناء في مكافحة الإرهاب الذي ليس له حدود" ومؤكدا الحاجة إلى رد إقليمي منسق ومشترك. من جهته كشف مفوض الاتحاد الافريقي المكلف بالسلم والأمن إسماعيل شرقي ان "على الدول الإفريقية أن تساهم في جهود التمويل إلى جانب الأوروبيين لضمان أمن القارة الافريقية". أما المبعوث الصيني الخاص إلى افريقيا فذكر بأن "مشاكل الدول الإفريقية لا بد أن تعالج بحلول إفريقية" مشيرا إلى أن مجمل التحديات التي تواجه افريقيا تشمل فاعلين إلى جانب عوامل اقتصادية سياسية واجتماعية وثقافية واثنية. و تتمحور اشغال المنتدى الدولي للسلم والأمن في أفريقيا الذي انطلقت امس بالعاصمة السنغالية بمشاركة واسعة لكبار المسؤولين الافارقة إضافة لممثلين عن الاتحاد الإفريقي وعن منظمات إقليمية ودولية وخبراء في مجال الأمن والوقاية من النزاعات حول سبل مكافحة الإرهاب والتطرف في القارة الأفريقية والتحديات الأمنية والنمو الاقتصادي وإشكاليات الهجرة الإفريقية. و يشكل المنتدى محفلا هاما لتبادل وجهات النظر بين مختلف الأطراف الإقليمية والدولية المعنية بقضايا السلم والأمن في القارة الأفريقية على مستوى كبار المسؤولين والخبراء والمراكز الابحاث ذات الصلة وذلك بغية الوصول إلى وضع إستراتيجيات فاعلة للتصدي لظاهرة الإرهاب وإرساء السلم في القارة الأفريقية. وتنظم الحكومة السنغالية هذا المنتدى بالتعاون مع معهد عموم إفريقيا للاستراتيجية بدعم من وزارة الدفاع الفرنسية والاتحاد الإفريقي. ويجمع اللقاء ممثلين عن حكومات إفريقية وقيادات أركان جيوش إفريقية وفرنسية ومنظمات قارية وإقليمية والأمم المتحدة ومنظمات من المجتمع المدني. وكانت الدورة الأولى للمنتدى الدولي حول السلام والأمن في إفريقيا قد جرت خلال ديسمبر الماضي في العاصمة السنغالية.