اختتم المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية، كريستوفر روس، ليلية الاثنين إلى الثلاثاء جولته إلى المنطقة و التي سعى خلالها إلى وضع تصور عام لحل النزاع الصحراوي ينطلق من عودة طرفي النزاع (جبهة البوليساريو و المغرب) إلى طاولة الحوار ب"شكل جاد و غير مشروط"، و هي الجولة التي ميزها "تعنت" الطرف المغربي الرافض لفكرة الحوار. وزار السيد روس خلال جولته هذه كلا من طرفي النزاع ممثلين في جبهة البوليساريو و المغرب بالإضافة إلى الدول الملاحظة وهي الجزائر و موريتانيا وذلك بغية إعادة بعث مسار التسوية السلمية للنزاع تحت رعاية الأممالمتحدة وهو المسار الذي شهد آخر فصوله في شهر مارس 2012 بمنهاست بالولايات المتحدةالأمريكية. ففي أول محطة له في إطار هذه الجولة التي دامت أسبوعا بالمنطقة، زار المبعوث الأمميالجزائر، أين حظي باستقبال من طرف رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، الذي "شجعه" في مهمته وأكد له "دعم الجزائر، كبلد جار، لجهوده" الهادفة إلى محاولة بعث المفاوضات مجددا بين جبهة البوليساريو والمغرب من أجل التوصل إلى حل سلمي يسمح بتقرير مصير الشعب الصحراوي طبقا للوائح الدولية حول مسار تصفية الاستعمار. أما في الرباط، ثاني محطة للسيد روس، فقد التقى المبعوث الشخصي لبان كي مون بوزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي، صلاح الدين مزوار لإقناع الطرف المغربي بضرورة العودة إلى طاولة الحوار و الدخول في جولة مفاوضات جديدة مع الطرف الصحراوي من أجل تسوية هذا النزاع. بعد ذلك، تنقل كريستوفر روس إلى مخيمات اللاجئين الصحراويين أين عقد عددا من اللقاءات شملت الوفد الصحراوي المفاوض و مسؤولين حكوميين صحراويين وكذا الرئيس الصحراوي، محمد عبد العزيز، الذي أكد لروس، في لقاء تميز ب"الصراحة وعمق الطرح"، استعداد جبهة البوليساريو "للتعاون مع الأممالمتحدة و الدخول في مفاوضات جادة و مباشرة للتوصل إلى تحديد تاريخ تنظيم استفتاء تقرير المصير في الصحراء الغربية". كما أعرب الرئيس الصحراوي للمبعوث الأممي عن "الامتعاض الشديد" للطرف الصحراوي من "سياسة الهروب إلى الأمام و الاستفزاز و التصعيد في لغة التعنت و التمرد على الشرعية الدولية التي تنتهجها الحكومة المغربية". آخر محطة في هذه الجولة كانت العاصمة الموريتانية، نواكشط، أين أجرى المبعوث الأممي محادثات مع الوزير الأول الموريتاني، يحيى ولد حدمين، بحضور الوزيرة المنتدبة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون المكلفة بالشؤون المغاربية والإفريقية وبالموريتانيين بالخارج، خديجة امبارك فاول. وتم خلال اللقاء بحث آخر تطورات القضية الصحراوية. وسيتوجه السيد روس إلى أوروبا خلال الأيام المقبلة من أجل التنسيق بشأن برنامج للتعاون بين طرفي النزاع في القضية الصحراوية طبقا للوائح مجلس الأمن الدولي من أجل حل "عادل و نهائي" للنزاع يضمن للشعب الصحراوي حقه في تقرير المصير. جهود أممية لجعل سنة 2015 "منعطفا" في مسار القضية الصحراوية وسيقدم السيد روس عقب جولته إلى المنطقة، تقريرا إلى الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، الذي سيعرضه بدوره أمام مجلس الأمن الدولي في أبريل 2016 والذي سيقدم من خلاله تقديم التصور الأممي لحل النزاع في الصحراء الغربية. كما يسعى المبعوث الأممي من خلال جولته إلى تحديد مواقف الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون خلال الزيارة التي يعتزم هذا الأخير القيام بها الى المنطقة مطلع السنة المقبلة. و يراهن بان كي مون على جعل سنة 2015 "منعطفا" في مسار القضية الصحراوية، حسبما تعهد به في تقريره لشهر أبريل 2014. وذلك بالحصول على التزام حقيقي من طرفي النزاع بالشروع في مفاوضات "جادة وبدون شروط مسبقة " تأسس لفصل جديد من مسار تصفية الإستعمار بعد أكثر من أربع سنوات من آخر مفاوضات بين المغرب و جبهة البوليساريو والتي تعود إلى شهر مارس 2012 بمانهاست بالولايات المتحدةالأمريكية. وكان السيد روس قد قام بزيارتين مماثلتين إلى المنطقة شهري مارس و سبتمبر الفارطين وذلك بعد استئناف مهامه الأممية في فبراير الماضي إثر "سحب الثقة منه من طرف المغرب". ويتولى الدبلوماسي الأمريكي كريستوفر روس منذ بداية 2009 مهمة المبعوث الشخصي للأمين العام لهيئة الأممالمتحدة للصحراء الغربية. محاولات مغربية لإجهاض جهود الأممالمتحدة الرامية لبعث مسار التفاوض وفي هذا الخضم، يرى ملاحظون أن رغبة الرباط في إجهاض كل الجهود الرامية إلى دفع مسار التسوية السلمية، لهذا النزاع الذي أدرك عقده الرابع، لا تزال قائمة و يتضح ذلك من خلال "الزيارة الإستفزازية " التي قام بها ملك المغرب إلى الأراضي المحتلة بعد يومين من تصريحات بان كي مون التي دعا فيها إلى ضرورة عودة طرفي النزاع إلى المفاوضات في أقرب الآجال. كما أقدمت الرباط على إطلاق تصريحات "غير المسؤولة" على لسان وزير خارجيتها صلاح الدين مزوار والتي حاول من خلالها عرقلة مهمة السيد روس من خلال منعه من زيارة الأراضي الصحراوية المحتلة. ولقي موقف الرباط هذا، ردا صريحا وواضحا من الأممالمتحدة التي أكدت دعمها الكامل لمبعوثها إلى الصحراء الغربية بما يشمل الأراضي المحتلة التي "يمكن لروس زيارتها متى يشاء في إطار مهامه الأممية". كما أن المغرب رفض السماح للمجتمع الدولي بمراقبة حقوق الإنسان في الأجزاء المحتلة من الصحراء الغربية و رفض أيضا نداءات المجتمع الدولي بوقف نهب الثروات الطبيعية الصحراوية. وأمام هذه المعطيات، أكد ممثل جبهة البوليساريو لدى الأممالمتحدة، أحمد البوخاري، أن "الطرف الصحراوي مستعد للدخول في المفاوضات" التي تدعو إليها الأممالمتحدة كما "أننا على إستعداد" لأية خيارات أخرى قد تفرض عليه في حال فشل المسار السلمي لهذا النزاع. وأوضح المسؤول الصحراوي أن "العائق الأكبر" بالنسبة لإعادة بعث المفاوضات حول النزاع الصحراوي هو "تعنت الطرف المغربي الذي رفض من قبل و بشكل مطلق فكرة التفاوض في الفترة الأخيرة "، مشيرا إلى أنه "في حال إصرار المغرب على غلق كل الأبواب أمام الحل السلمي فإن القيادة الصحراوية ستراجع رؤيتها الإستراتيجية من أجل البحث عن الطرق الملائمة للوصول إلى الهدف المقدس وهو الاستقلال و فرض سيادة الشعب الصحراوي على كامل أراضيه".