تعيش بلدية الأبيض سيدي الشيخ (110كلم جنوب البيض) هذه الأيام على وقع فعاليات ركب الولي الصالح سيدي عبد القادر بن محمد وسط حضور المئات من مريدي الطريقة الشيخية حسبما لوحظ. وتستقطب هذه التظاهرة المعروفة بركب سيدي الشيخ زوارا من مختلف مناطق الوطن خصوصا من ولايات الجهة الغربية والجنوبية الغربية التي تعرف انتشارا واسعا للطريقة الشيخية حيث يشكل الموعد مزارا سنويا يحط من خلال الرحال أبناء الطريقة بالمنطقة تبركا بالولي الصالح سيدي عبد القادر بن محمد. ويتميز هذا الموعد أيضا بتلاوة القرآن في حلقات تسمى محليا ب"السلكة" تؤمها الزاوية المركزية للطريقة الشيخية بالأبيض سيدي الشيخ ليتم ختمه في الساعات الأولى لنهار الجمعة إضافة إلى عروض للفنتازية ضمن الساحة المحاذية لذات الزاوية تتخللها بين الفينة والأخرى طلقات للبارود. وبالمناسبة تفتح بيوت أهالي وسكان بلدية الأبيض سيدي الشيخ أبوابها للزوار والمريدين دون تمييز أو إقصاء ليكون طبق الكسكسي الحاضر الأكبر في موائد الغذاء والعشاء طيلة ثلاثة أيام متتالية ضمن تقليد متوارث أبا عن جد يعبر في مضمونه عن قيم الجود والكرم التي يتحلى بها أهالي المنطقة. وتشكل قصيدة الياقوتة المشكلة من 178 بيت شعري لصاحبها سيدي عبد القادر بن محمد (مؤسس الطريقة الشيخية) هي الأخرى حضورا مميزا طيلة أيام ركب سيدي الشيخ تتم قراءتها في حلقات يجتمع فيها مشائخ الطريقة إضافة إلى مريديها وأتباعها من شباب المنطقة والزوار بهدف توريثها للأجيال وصقلها في ذاكرة الناشئة لما تحمله من معاني وقيم ساهمت بشكل كبير في توريث الطريقة الشيخية وأيضا كانت نبراسا في مقاومة أولاد سيدي الشيخ ومقاومة الشيخ بوعمامة حسبما يؤكده عدد من الباحثين. هذا ويعود نسب الولي الصالح سيدي عبد القادر بن محمد بن سليمان (1533-1616م) إلى السلالة البوبكرية نسبة إلى سيدنا أبي بكر الصديق أسس الطريقة الشيخية التي يرتبط سندها بالسلف الصالح وبعهد النبوة ولها امتداد صوفي بالطريقة الشاذلية. وتعرف الطريقة الشيخية انتشارا واسعا في المنطقة الجنوبية الغربية وفي شرقي المغرب حيث تتواجد طوائف عديدة من قبائل أولاد سيدي الشيخ ومن القبائل الموالية لها جزائرية كانت أم مغربية حسبما ورد في إحدى محاضرات الدكتور عبد القادر خليفي عن جامعة وهران. وقد تم إدراج الاحتفالية السنوية التي تعرف بركب سيدي الشيخ سنة 2013 ضمن قائمة التراث الثقافي اللامادي لدى منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو) وهو ما يجعل لذات التظاهرة تكتسي قيمة وبعدا دوليا هاما في التراث اللامادي حسبما أشير إليه.